ملخص كتاب روضة المحبين و نزهة المشتاقين
لابن القيم الجوزية
------
اشتقاق الأسماء و معانيها
قيل المحبة أصلها الصفاء لأن العرب تقول لصفاء بياض الأسنان حبب الأسنان
أو مأخوذ من الحباب و هو ما يعلو الماء عند المطر الشديد فالمحبة هي غليان القلب عند لقاء المحبوب
أو مأخوذ من أحب البعير إذا برك و لم يقم و يتحرك من لزوم المحب قلب المحبوب و عدم انتقاله منه.
و قيل من الحب جمع حبة لأنها أصل كل شيء
ما قيل في الحب و المحبة:
قيل هي الميل الدائم بالقلب الهائم، موافقة الحبيب في المشهد و المغيب، اتحاد مراد المحب و مراد المحبوب
و قيل أن يكون المحب أقرب للمحب من روحه
يا مقيما في خــــاطري و جناني و بعيدا عن ناظري و عياني
أنت روحي إن كنت لست أراها فهي أدنـــى لي من كل دانى
و قيل حضور المحبوب عند المحب دائما
خيالك في عيني و ذكرك في فمي و مثواك في قلبي فأين تغيب
من آثار المحبة أيضا:
الشجن: الحزن و الحاجة عندما تكون حاجة المحب أشد شيء إلى محبوبة
الاكتئاب: من حصول الحب و فوت المحبوب فتحدث بينهما حالة سيئة تسمى الكآبة
الخلة: توحد الحب للمحبوب لا يشاركه فيه أحد و لأنها تتخلل جميع أجزاء الروح فيصبح خليلا
الغرام: هو الحب اللازم لا يفارق صاحبه
الود: هو خالص الحب و ألطفه و أرقه و هو من الحب بمنزلة الرأفة من الرحمة.
أنواع المحبة:
المحبة أنواع أفضلها محبة المتحابين في الله إما لاجتهاد في العمل و محبة القرابة و محبة الألفة و الاشتراك فى المطالب و محبة التصاحب و المعرفة و محبة لبر يضعه المرء عند أخيه و محبة العشق بين النفوس و الأرواح المتآلفة.
العشق اختياري أم اضطراري؟
قالوا اضطراري هو بمنزلة محبة الظمآن للماء فالعشق يهاجم بدون اختيار .... و القول الأفضل أن مبادئ العشق و أسبابه اختيارية (النظر و التفكر) و النتائج غير اختيارية ،و من أتى بالأسباب فهو مسئول عن النتائج محاسب عليها.
و كان ابتداء الذي بى مجونا فلما تمكن أمسى جنونا
و كنت أظن الـــــــهوى هينا فلاقيت منه عذابا ألـــــيما
الحكم فى العشق
أعظم صلاح العبد أن يصرف قوى حبه لله تعالى وحده بحيث يحب الله بكل قلبه و روحه و جوارحه.
"ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان من كان الله و رسوله أحب إليه مما سواهما و من كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، و من كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى فى النار "
علامات المحبة
الأدب
كثرة ذكر المحبوب
الانقياد لأمر المحبوب
اضطرابه عند مواجهته و سماع اسمه
غيرته له و عليه
سروره لسروره
إيثار الوحدة و التفرد عن الناس
الاتفاق و المشاركة بينه و بين محبوبه
إفراد الحبيب بالحب و عدم التشريك بينه و بين غيره
موافقته للحبيب في كل شيء
ارتكاب الحرام و ما يفضى إليه من مفاسد و آلام
حقيق بكل عاقل أن لا يسلك سبيلا حتى يعلم سلامتها و آفاتها و ما توصل إليه هذه الطريق من سلامة أو عطب
"يا معشر المسلمين إياكم و الزنى فإن فيه ست خصال: ثلاث فى الدنيا و ثلاث فى الآخرة، فأما اللواتى فى الدنيا فذهاب البهاء، و دوام الفقر، و قصر العمر، و أما اللواتى فى الآخرة : فسخط الله، و سوء الحساب ، و دخول النار"
التحذير من إتباع الهوى
لابد أن تكون للعبد همة عالية للتقرب إلى الله رغبة فى الجنة و خشية من النار و لا يقدر على ذلك إلا بمخالفة هواه " و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى"
و قوله "و لمن خاف مقام ربه جنتان"
قيل: هو العبد يهوى المعصية فيذكر مقام ربه عليه فى الدنيا ومقامه بين يديه فى الآخرة فيتركها لله.
و إتباع الهوى يضل الإنسان بلا شك و مصيره أشد العذاب:
"و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله * إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب"
حديث:
"بئس العبد عبد تجبر و اعتدى، و نسى الجبار الأعلى
بئس العبد عبد تخيل و اختال، و نسى الكبير المتعال
بئس العبد عبد سها و لها، و نسى المقابر و البلى
بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات
بئس العبد عبد طمع يقوده، بئس العبد عبد هوى يضله "
إنما سمى "الهوى" لأنه يهوى بصاحبه إلى أسفل سافلين و الشيطان يطوف بالعبد من أين يدخل عليه فلا يجد عليه مدخلاً و لا إليه طريقاً إلا من هواه. و إنما يمكن مخالفة الهوى بالرغبة في الله و ثوابه و الخشية من حجابه و عذابه.
مقامات العشق:
العشق هو الإفراط في المحبة بحيث يستولى المعشوق على قلب العاشق حتى لا يخلو من تخيله و ذكره و الفكر فيه ، بحيث لا يغيب عن خاطره و ذهنه ، و العشق مبادئه سهلة حلوة و أوسطه هم و شغل قلب ، و آخره عطب إن لم تتداركه عناية الله
العاشق له ثلاث مقامات: مقام ابتداء و مقام توسط و مقام انتهاء
دواء العشق: الإخلاص لله و إشغال قلبه عن الفكر في المحبوب بكثرة العبادات و التضرع إلى الله ليصرف عنه ذلك.
مساوئ العشق:
- الاشتغال بحب المخلوق و ذكره عن حب الله
- عذاب قلبه به، فإن من أحب شيئاً غير الله عذب به و لابد
- قلبه أسير في قبضة غيره يذيقه الهوان و هو لا يملك من أمر نفسه شيئاً
- قد يفسد الجسم و ينهك البدن ويفسد الذهن
الرغبة في الله و علامات العارف بالله
الرغبة في الله و الشوق إلى لقائه هي رأس مال العبد و ملاك أمره و قوام حياته و أصل سعادته و قرة عينه، و لذلك خلق و به أمر، فيكون وحده مرغوبه و مطلبه و مراده و قد أمر الله رسوله بهذا في قوله:"فإذا فرغت فانصب * و إلى ربك فارغب"
و المحبة هي ميلك للشيء بكليتك ثم إيثارك له على نفسك و روحك و مالك و موافقتك له سرا و جهرا ثم علمك بتقصيرك في حبه.
و أخيراً...من ترك محبوبه لله عوضه الله خيرا منه.