الاثنين، 17 مايو 2010

بوصلة طبيعية



البوصلة للملاح شيء أساسي لتوجيه السفينة إلى الهدف المقصود، و قديماً كانت الاستعانة بالنجوم و الاهتداء بها قبل اختراع البوصلة؛ حيث تحدد مجموعات النجوم المختلفة الاتجاه الحالى للسفينة أو للسائر فى الصحراء.



و كما أن تحديد الهدف مهم جدا للسائر في البحر أو الصحراء؛ فمن باب أولى لمن يسير فى الحياة؛ حيث يطول خط السير و تتعرج مساراته، و تتداخل فيما بينها، و تتكاثر مفارق الطرق التي تحتم على الانسان لحظات اختيار مصيرية فى حياته ، فكيف يتجنب الانسان التيه فى عالم الأحداث ، كيف يرى بشعاع الضوء الضعيف المتسرب من خلال الغيوم التى تغطى سماءه ؟


لابد أن يكون الهدف واضحا و ثابتا طالما لم يجد جديد، و ان يكون الهدف على قدر كبير من المرونة؛ بحيث يمكن تعديله مع تغير الأحداث بما يلائم إمكانيات الشخص و مصالحه الشخصية و مصالح من حوله.

مثال لذلك الأم التى وضعت هدفا لها استكمال دراستها العليا بعد أن وجدت أن هذا أنسب لها من خوض مجال العمل بشهادتها العادية، عند مرحلة معينة؛ و لصالح أطفالها الصغار قد تؤجل حلمها و بالتالى تغير الخطة الزمنية المقررة لتنفيذه، أو تلجأ للعمل تحت ضغوط الحياة المادية، أو تلغى حلمها نهائيا إذا ثبت عدم جدواه، و فى كل ذلك ترشدها البوصلة حيثما تتحرك، و البوصلة حساسة جدا لما يطرأ من تغيير إذا تم ضبطها و تحديد معاييرها بدقة مسبقا حسب الوضع الحالى و ظروف كل شخص.


المشكلة لو أصاب أحد تلك البوصلة بكسر، أو أحاطتها مؤثرات مغناطيسية؛ فاختلط على مؤشرها الأمر، و راح يتأرجح يمينا و يسارا بعيدا عن الصواب.
تلك المؤثرات هى إلحاح الآخرين، و محاولة الإجبار على شيئ معين و اتجاه مخالف لاتجاه البوصلة الصحيح؛ فعندئذ تكون عواقب السير فى الطريق غير معلومة، هل يؤدى للنجاح و الرضا ، أم للفشل و الحسرة؟
لاشك أن هذا العمل غير أخلاقى و لا إنسانى؛ فالانسان يحتاج لاقتناع كامل من داخله بالطريق الذى سيسلكه؛حتى يستطيع تحمل مشقته و التحرك فيه بكفاءة و حرية، لا أن يسير مدفوعا لا يحركه سوى زحزحة الآخرين و أوامرهم العسكرية. فالانسان ليس آلة متحركة، لكن الإحساس و الاقتناع هما القوة الدافعة الحقيقية لتحريك عجلة الحياة.


لا تسمح لأحد بالتأثير على بوصلة حياتك و احمها من الصدأ لكيلا تكون عديمة القديمة، وحافظ دائما على وضوحها و رونقها فهى الدليل في هذا الزمن.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق