الأحد، 3 يناير 2016

أنا و ذواتى

فى العصور الماضية كان سماع الأصوات التى تتحدث داخل رأس الشخص يعنى أنه مجنون ،لكن علماء النفس اكتشفوا أن وجود الأصوات الداخلية أمر عادى و صحى ،فكل منا يتحدث مع نفسه فى صورة تعليقات ذهنية على كل ما يحدث فى حياته و ذلك فى أى وقت من اليوم.

بدأت الدراسات النفسية تركز على هذه الأصوات التى تتحدث داخل أذهاننا و طوروا أساليب إجراء حوارات تخلق تناغما داخليا بين الشخص و أصواته الداخلية من خلال تشجيع جزء من العقل فى حل الصراعات التى تنشأ بين الأفكار المختلفة داخل الرأس.

و يعتبر استخدم المرآة أحد الوسائل المؤثرة على فهم أكبر للنفس ،كما أن النظر مباشرة فى المرآة و التحديق فى العينين اعتراف إيجابى بالنفس و وسيلة سريعة لإنشاء صداقة مع النفس و اكتشاف الشخصيات العديدة المختبئة فيها.

استمعى إلى أصوات ذواتك الداخلية:

اجلسى بهدوء و أغلقى عينيك حتى تتمكنى من التركيز و الاستماع لما بداخلك ،ربما تسمعين أصواتا عديدة تصدر تعليقات فى نفس الوقت داخل ذهنك..مثل "اريد الحصول على الوظيفة الجديدة"، "أحتاج للتغيير" أو أصوات سلبية تعكس الخوف و القلق، حاولى الاستماع إليها و الإجابة على كل التعليقات مما يخفف الضيق و التوتر.

حاولى التعرف على جوانب شخصيتك ، بعدها ستبدأ الأصوات الداخلية فى التميز و إظهار سماتك الشخصية فمثلا امرأة ناضجة تقول "أريد انجاز بعض الأعمال" أو طفلة تقول "أريد أن ألعب" و كل هذه الأصوات تعكس صفات متباينة : حالمة – عملية – برجماتية ...، و عندما تتمكنين من التمييز بين كل صوت أطلقى عليه اسما معينا دالا عليه ،و امنحيه فرصة للحديث و استمعى لوجهة نظر كل منهم، إن إدراك ما تقوله أصواتك الداخلية سوف يعطيكِ القدرة على معرفة و فهم مواهبك و أحلامك و أمنياتك و رغباتك.

و كلما تعثرتِ فى اتخاذ قرار أو واجهتى صعوبة فى ترجيح أحد قرارين، ناقشى مع ذواتك جميع نواحى الموقف الإيجابية و السلبية مما يساعدك على التخلص من الحيرة؛ فمثلا سوف تجدين فى ذواتك ما يمثل صوتا للعقل ، و آخر يمثل صوت القلب , و آخر يمثل صوت الطفل ..و هكذا تتحقق الموازنة فى التفكير فمثلا نسمع صوت الذات العملية تقول "هذه وظيفة ممتازة سوف أقبلها"، بينما يقول صوت الطفلة "لا أحب هذا المدير لا يبدو لطيفا"..و من خلال المناقشة يتم الوصول لقرار مناسب.

أهمية كتابة الأفكار:

إذا شعرتِ بالحيرة اكتبى ما يضايقك ، و اذا اختلفت ذواتك الداخلية حول موضوع ما من الصعب أن تتركى كلا منهم فى عزلة عن الآخر، اكتبى وجهات النظر التى تعبر عن ذواتك على ورقة بحيث يمكن تنظيمها و قراءتها بوضوح ، خصصى صفحة لكل ذات أو وجهة نظر و اكتبى رأيها حول المشكلة بإيجاز و بالتالى تتضح جوانب كثيرة لها مما يساعد على حلها.

و فى النهاية حاولى الوصول إلى حل يرضاه جميع الأطراف و تقبله جميع الذوات داخلك، مما يجعلك تنجحين فى تجنب الشعور بالحيرة و الاضطراب أو التشويش النفسى و الفكرى.

ضعى نظاما يوميا للحديث الذاتى:

اجعلى موعدين للحديث مع النفس مرة فى الصباح و أخرى فى المساء...

فى الصباح: اتفقى مع نفسك أن يكون يومك مرحا مبهجا ، و ان تنجزى أشياء محددة و كافئى نفسك لأدائها الطيب و إتقانها ، أو امنحى نفسك راحة و استجمام ثم تمنى لنفسك يوما سعيدا.

فى المساء: استرجعى أحداث يومك شيئا فشيئا ، امدحى نفسك و اشكريها على ما انجزته خلال اليوم و أشعريها بالتقدير، إذا واجهتكِ مشكلة خلال يومك فكرى فيها لبعض الوقت ، و ابحثى مع نفسك كيفية تصحيح الوضع دون توجيه النقد لنفسك ، و عند الانتهاء من استرجاع الأحداث اليومية أغلقى بابا ذهنيا على أحداث هذا اليوم ، و لا تسمحى لنفسك أن تفكرى فيه مرة أخرى طوال الفترة المتبقية من المساء.

إن طريقة التخطيط كل صباح  و استرجاع الأحداث اليومية كل مساء تضمن حسن معالجة للأمور دون اسراف فى تعذيب النفس بالندم و اللوم ،كما تحقق استفادة اكبر من وقت و امكانيات الشخص خلال يومه،  و تساعد على اتخاذ قرارات صائبة فربما كان سبب كثير من المشاكل فى عدم إعطاء النفس الوقت الكافى للتفكير بشكل عميق و دقيق قبل اتخاذ القرار أو التسرع بطلب النصح من الآخرين.

و ينمى هذا النظام الثقة بالنفس و قدرتها على مواجهة الأمور و تحفيزها بالتشجيع و الإطراء ، بعكس التحفيز من خلال القهر و ممارسة الضغط سينتهى بالعجز التام أو التسويف و التأجيل ،و لكى يتم التحفيز الإيجابى طويل المدى للنفس لابد من تحقيق المعادلة :

الاحتفال بالفوز+الشعور بالتقدير = التحفيز

فالاحتفال بالنجاحات السابقة و تقدير النفس على ما انجزته سيشعرها أنها مدفوعة لتحقيق انجازات أكبر، و لن توقفها أى صعوبات أو صراعات عن تحقيق مزيد من النجاح و الشعور ببهجته و روعته. كونى مديرة نفسك، انتِ مسئولة عن نفسك و لديك حرية الاختيار فأى مدير تختارين ؟ المدير السيئ أم المدير الحسن الذى يعامل المرؤسين بلطف و تفهم و كرم و يصحح أخطاءهم بهدوء؟ اذا اخترتى المدير الحسن ستنجزين أعمالك بسعادة و تشعرين بالحماس و يملؤك الفخر و التقدير، فكثير من الناس يعرفون كيف يقدرون الآخرين لكنهم يشعرون بالإحراج من مدح أنفسهم و تقديرها ، و هذا خطأ لان تقدير الذات يخلق الدافع القوى للنجاح و التطوير.

كيفية التعامل مع مدير سيء حقيقى

إذا وجدتِ نفسك تتعاملين مع شخص يملى أوامره طوال الوقت و يحدد لكِ ما ينبغى القيام به،و يُسمعك تعليقات فظة على كل خطأ يصدر منكِ، و يعتبر نفسه مديرا لحياتك و موجها لمسارك ، اطردى هذا الشخص ذهنيا من حياتك، إنها حياتك أنتِ و لك وحدك حق اختيار الطريق، تذكرى ما حققتيه من انجازات و أعمال دون مساعدته و اعتمدى على نفسك، تحملى مسئولية نفسك و استعينى بالكتب و البرامج للحصول على المعلومات المتوفرة فى كل مكان..تمردى على القيود التى تكبلك و تعيق حركتك فى خطتك التى رسمتيها، اشعلى حماسك و استخدمى معلوماتك بحكمة و اختارى ما يناسبك و يساعدك على بلوغ هدفك.

و يتطلب ذلك منكِ قدرا من المهارات الاجتماعية و الذكاء الانفعالى فى التعامل مع الآخرين لكى نكسب مساعدتهم و تأييدهم لنا ، و لكيلا يتسرب إليها خلال حديثنا معهم انفعالات غير مناسبة أو ملل من الحديث، بل لابد أن تسود روح التعاون و الألفة و الشعور بالارتياح من خلال فن التواصل مع الآخرين.

كلما تعرفتِ على نفسك  كلها أكثر كلما أصبحتِ أقدر على اتخاذ قرارات تتوافق مع حياتك و شخصيتك، و إذا تعلمتِ كيف تحفزين نفسك و تحمسيها للعمل و تعيدى شحن طاقتك النفسية سوف تستطيعين الحفاظ على روحك المعنوية عالية و تحقيق أهدافك و الحياة بسعادة و هدوء ،و لن يتسرب الإحباط و الفشل إلى حياتك.