الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

وصية مالكي زهرة الخشخاش

توفى المليونير محمد محمود خليل في عام 1955 فترك لزوجته القصر و حدائقه و محتوياته.

كانت السيدة حرم محمود خليل قد أوصت قبل وفاتها 1960 بإهداء المبنى و ما به من تحف مع جزء من الحديقة التي حوله إلى الدولة

و هذا جزء من وصيتها بخصوص القصر:

"أردت بهذه الوصية التعبير عما شعرت به من حب عميق لمصر التي صارت لي وطنا منذ زواجي بالمرحوم محمد محمود خليل و إنني اذكر ما أحاطني به من عطف و ما شملني به من عناية كزوج مخلص بادلني حبا بحب.

و لقد رأيت من حقه على أن أخلد ذكراه في نفوس مواطنيه كجندي من أبر جنود مصر الأوفياء و من أجل ذلك فإننى أقرن وصيتي بشرط أقتضيه من الحكومة و هو:

أن تجعل من القصر و التحف التي يضمها متحفا باسم السيد محمود خليل و حرمه"

على أن يفتح هذا القصر للجمهور

و إذا رؤى أن توضع تعريفة للدخول فلتكن زهيدة بحيث يكون الدخول ميسورا للجميع"

و إذا بحثنا عن تطبيق شروط تلك الوصية

الشرط الأول: تحقق

الثاني: تم فتحه لفترة ثم تم الاستيلاء عليه و استكمال القصر الجمهورى به في فترة من الفترات و نقل محتوياته الفنية الى قصر أحد الأمراء ثم عادت الأمور لمجراها

الثالث: تم تطبيقه حتى الآن

عاشت مصر فترة دون أن تشعر بأهمية تلك الثروة الفنية الضخمة حتى تناقلت المجلات الأجنبية من خلال مراسليها في مصر مدى إهمال مصر لتلك الثروة فنبهت بذلك ذوى النفوس الضعيفة و العصابات إلى ذلك الصيد السهل الثمين

لكن معاناة اللوحات من الإهمال ما زالت مستمرة فتمت سرقة لوحة واحدة مرتين

خلال خمسين سنة من عمر زوجين فنانين عاشا طيلة حياتهما و حبهما ممزوج بحب الفن بين مصر و فرنسا ، فكان الفن هو ابنهما الذي بذلا من أجله المال و العمر و الاهتمام.. عاما بعد عام يضيفان شيئا جديدا و تحفة فريدة إلى تلك المقتنيات النادرة

و تلك الفرحة الوليدة بضم عنصر جديد من الفن العالمي للمنزل المتحف

حياة حافلة سعيدة؛ لكن لكل شيء نهاية.. فكان ختام حياتهما السعيدة هو تحويل قصرهما إلى متحف مشترك؛ يخلد ذكرى أجمل حب و أجمل تعاون فني راقٍ، و ولاء للوطن الذي رفعه وزيرا و جعله شخصية لامعة في ذلك الوقت

لقد ظنا أن الوطن سوف يقدر تلك الهدية الغالية؛ و يصونها و يسلط عليها الأضواء؛ و يستخدمها لنشر الروح الفنية و الافتخار بحيازة ما ندر من الفن العالمي، و لكن ما جاء بسهولة يفقد بسهولة، فلم تبذل الدولة أي جهد أو تكلفة لإنشاء هذا المتحف، و هان عليها ما به ؛ أو استكثروا على الشعب أن يهنأ به طوال عصور الزمن ، وأصبح صيانته عملا روتينيا أو حبر على ورق ، و لم يخلص أبناء وزارة الثقافة و العاملين فيه و فرطوا في الأمانة فحق عليهم اليوم غضب الشعب كله...

إنني أكاد أرى وجه محمود خليل حزينا متألماً لما تأملت تمثاله في مدخل المتحف؛ و كأن لسان حاله يقول: لماذا بلادي لم تصونى العهد؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق