الثلاثاء، 19 يناير 2010

معادلة مقلوبة

من لم يتعظ بما حدث له من مواقف سابقة فلا يلومن إلا نفسه، فإن حسن النوايا لا يؤذى أشد من صاحب تلك النوايا

كثيرا ما قلت لنفسي في الأوقات الحزينة...

من الأولى بالبكاء؟ الظالم (طرف أول) أم المظلوم (طرف ثان)؟

من الأولى بالحزن؟ الجاحد أو المجحود؟

من الذي سيخسر؟ البادئ بالقطيعة أم المهجور؟

من يحتاج للآخر أكثر؟ الأم أم الأبناء؟

من يجب عليه أن يصل و يود الآخر؟ الأخ الأكبر أم الأصغر؟

من سوف يندم؟ الصديق غير الوفي أم الصديق المصدوم؟

نعم.. البداية هى دموع الطرف الثاني و حسرته على أيام جميلة و عطاء سابق ووفاء ضائع، و ذكرى تجدد الماضي و تزيد الإحساس بالظلم و الوحدة.

ثم تتوالى الأيام.. كلٌ يسير في طريقه الذي سلكه، الطرف الثاني المغلوب على أمره لا يملك من التغيير شيئا... و الطرف الأول لم يزل ماضياَ في طريقه غير ملتفت للخلف و غير منتبه لخطورة القسوة و الغفلة عن حقوق الغير.

أما النهاية.. فالحق يظهر، و يجنى كل إنسان حصاد ما فعله و الجزاء من جنس العمل؛ إما يتعرض لموقف مماثل (و ذلك بشكل مؤكد في حال عقوق الوالدين) أو خسارة و تهدم لبنيان تم بناؤه بغير أساس... و عندما يستفيق الطرف الأول: قد يكون طريق الرجوع متاحاَ و قد لا يكون، و لكن رد اعتبار الطرف الثاني لا يعيد بسمة و لا يزيل تجاعيد محفورة في وجه أم عجوز شيبتها السنون و قسوة الأبناء؛ و لا يعيد أياما مضت من أجمل أيام العمر.

و لا يصلح ما انكسر و لا يصل ما انقطع من روابط الصداقة بسهولة؛ لأن المرارة لابد أن تترك أثرا و أن تعكر صفو الماء النقي و تترك علامة عميقة في القلب.

هذه هي سنة الحياة: غدر و قسوة.. ثم عودة و أوبة ... و بين هؤلاء و هؤلاء أيام و ليال طويلة .. و سفر بعيد و نفوس عليلة ...فلا المواعظ تمنع المكتوب و لا الحذر يمنع المقدور.

و بذلك المنطق تحدثت الآيات عندما خوف المشركون إبراهيم عليه السلام بإلقائه في النار ...

"فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ، الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن و هم مهتدون"


ملحوظة: غالبا ما يكون الطرف الأول رجلا أكبر فى السن و له سلطة عائلية أو شابا صغير السن يعيش حيوية و حماس الشباب..

و الطرف الثانى امرأة أقل سنا أو أماً أو أختاً كبرى أو صاحب رسالة.

هناك تعليق واحد:

  1. كلام رائع.. و الابشع من هذا عندما يتم الضغط علي المظلوم حتي يصالح الظالم و الظالم يتمنع و يتأبي. عندما يقتطع الحق و نذهب الي الظالم مسامحين اياه علي ظلمه فيرد متعاظما من قال اني ظلمت من قال اني لم اكن اعدل العادلين و يرد المتصالح المظلوم خائبا. هو الكبر و الغرور و هوي النفس.

    ردحذف