السبت، 2 يناير 2010

و من الحلم ما صدق

الحلم هو عالم آخر يرتاده الإنسان و يبحر فيه؛ و يطير و يحلق فيه، يتحرر من القيود و يطلق للعقل الباطن العنان لينسج ما يحلو له من أحداث قد يتمناها و يهواها.. قد يهابها و يخشاها..لا يهم ..المهم أنها لحظات يعيشها الإنسان بإحساسه و قلبه قبل عينه و حواسه.

و للأحلام سيكولوجية نفسية هي التي تقوم بتأليفها و تشكيل لقطاتها، و لاشك أن معظمها يكون نتيجة أحوال نفسية و تفكير يستمر مع الإنسان حتى في نومه فيأبى إلا أن يطارده فكراً و أمانياً...

و لذلك حكمة كبيرة في الترويح عن النفس و تقليل مشاعر الكبت و العجز و الخروج من سجن الواقع الضيق إلى حرية الخيال الفسيح.


كم من مرة استيقظ الإنسان منشرح الصدر مسرور الفؤاد من رؤيا لم تستغرق سوى لحظات لكنها أعطته دفعة كبيرة إلى الأمام و قذفت في قلبه شحنة كبيرة من الأمل، و قد يرقى إلى مرتبة اليقين أن خيرا سيأتي إليه من الله الذي أراه هذه الرؤيا؛ خصوصا لو كانت بعد الفجر بقليل أو شرفت تلك الرؤيا بآية قرآنية أو دليل من أدلة الرؤى الصادقة مثل رؤية الرسول أو رؤية الكعبة و غير ذلك من علامات الهداية و القبول.

قد يرى الإنسان في منامه أنه يصافح شخصية هامة في المجتمع أو تسلط عليه الأضواء فإذا به ينجح نجاحا باهرا لم يتوقعه.

قد يرى منزله و قد اتسع و يجد حجرات جديدة بالمنزل لم يرها من قبل؛ فتفسيره أن أبواباً للعلم تتفتح أمامه و سعة في الرزق.

قد يرى مصباحاً مكسوراً و هو يجمع شظاياه و ما تناثر منه؛ فيكون تفسيره أن ظلماً يصيبه يؤلمه و يجرحه.

قد يرى أن شخصا ما على طاولة تشبه الطاولة في حجرة العمليات يأخذ وضع النائم فيأخذ بيده ليجلسه فقط لكنه لا يمشى و لا يقوم... فيكون تفسيره أنه يساعد صديقا إلى حد ما لا يستطيع تخطيه.

قد يجد شرفات منزله و قد اتسعت و أحاطت بجميع أركان المنزل و من كل حجرة منفذاً للشرفة فذلك يعكس رغبة في الانطلاق بلا حدود.

قد يجد منزله و قد تحول قصرا و أصبحت جدرانه مبطنة بقطيفة مخملية اللون و مقابض الحجرات ذهبا و تداخلت الحجرات من حجرة إلى حجرة و القصر عال و يطل على البحر و يتوافد عليه أفراد أسرته واحد تلو الآخر...فلعل تفسيره أن الله يمن عليه و يدخله جنات النعيم.

و الرؤى في القرآن لها شأن كبير ..نراها واضحة في سورة يوسف التي اتخذت من رؤيا يوسف مستهلا في مقدمة السورة؛ و سببا لخروج يوسف من السجن و علو شأنه و اتخاذه مكانة عظيمة في مصر؛ و تأويلا حقا في نهاية السورة.

و رؤيا إبراهيم الخليل يذبح ابنه الحبيب إسماعيل أمرا من الله و ابتلاء و تسليما ثم فداء.

و النعاس الذي غشى المؤمنين في الحرب أمنة من الله و ليذهب عنهم الخوف و رجس الشيطان.

و الرؤيا التي أراها الله للنبي في الحرب.. أراه العدو قليلا ليتشجع المسلمون و يقدموا على القتال غير مهتمين بكثرة الأعداء.

و رؤيا الرسول فتح مكة مبشرا المؤمنين بنصر قريب.

و الرؤية الصادقة كما جاء في الحديث جزء من النبوة و علامة من علامات صلاح الإنسان و تقواه و قربه من الله عز و جل ، لذلك يجب أن يحكيها الإنسان لمن يحبهم فقط و يأمل فيهم الخير و يثق في إخلاصهم له لان تأويل الرؤيا يصدق في حالات كثيرة ...

أما الأحلام السيئة فهي من الشيطان و كما هو معروف يجب أن ينفث الإنسان على شماله ثلاث مرات عندما يستيقظ ، و يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ثم لا يعيرها أي اهتمام؛ فلا يحكيها لأحد حتى لا تسيطر عليه و تخيفه أو تحزنه ، و الأفضل أن يفكر الإنسان بينه و بين نفسه إذ ربما يكون ذلك الحلم تحذيراً إلهيا من ذنب يفعله قد يؤدى به إلى عواقب سيئة و هي ما تضمنه الحلم ، فليستغفر الله؛ و إن استطاع إخراج ما تيسر من الصدقة لكي يصرف الله عنه الضر؛ فذلك بالتأكيد أفضل و أقرب إلى اتقاء الشر ، و عليه بالدعاء.. فالدعاء و القدر يتصارعان ليصرف الله بالدعاء و الرجاء من المصائب مالا يعلمه إلا هو، و الله أعلم.


هناك تعليق واحد:

  1. و تيسيرا علي الحالمين توفر قناة المحور و غيرها من القنوات المحترمة برنامج تفسير الاحلام و فيه ستعيشوا فعلا في الاحلام

    ردحذف