الثلاثاء، 17 يوليو 2012

ماذا لو


خدعوك فقالوا أن القلق مكتوب عليك، فلا الثقافة و لا المعرفة و لا الإدراك و لا السلوك يحتم على الإنسان أن يمضى فى عالم القلق الذى يدمر صحته و ثقته بنفسه و إنتاجيته.
تعريف القلق:
هو سلسلة من الافكار و الهواجس و التخيلات السلبية التى تقتحم العقل الواعى بطريقة لا سلطان له عليها.
و مرض القلق هم الذين يزيد لديهم القلق بنسبة 50% أو أكثر يوميا و يشعرون بأنهم يعيشون مشكلة مستمرة لا نهاية لها.
و تكشف الدراسات أن النساء يقعن فريسة للقلق أكثر من الرجال بنسبة 2:3 ، و هذا لا يعنى أن الرجال لا يقلقون؛ فيظهر تقرير المعهد القومى للصحة النفسية أن 13 مليونا من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من الفوبيا أو عقدة الخوف الى جانب الاضطرابات الناشئة عن القلق مثل نوبات الذعر و الاضطرابات الصحية.

سيناريوهات القلق:
غالبا ما يحتوى سيناريو القلق العبارات الآتية:
"ماذا لو"
"لا استطيع"
"تلك غلطتى أنا"
"كم أنا فاشل"
"ماذا سيظن الناس بى لو"
"لابد لى أن"
و ذلك نتيجة لسيطرة أحد ثلاث نقائص قد يشعر بها الإنسان و هى نقص احترام الذات و الشعور بقيمتها، نقص الثقة بالنفس، نقص فى القدرة على اتخاذ القرار و حل المشكلات و الاستياء من كل شيء.

الوسائل الخمس المقترحة للتغلب على القلق:
·         فتش عن السبب الحقيقى وراء القلق
·         اعرف الحلول و البدائل المتاحة أمامك
·         ضع تصورا محددا لأهدافك
·         حاول المجازفة و لا تخشاها
·         دع المشاكل تمر
إذا تعلمت كيف تستخدم هذه الأدوات الاستخدام الأمثل فسوف تكتسب المهارة و تفلت من الوقوع فى فخ القلق.
و لكن هل كل القلق سيئ بالطبع لا...

لؤلؤة القلق:
انهم يطلقون على القلق النافع مسمى "لؤلؤة القلق" لأن مراحل تكوينه تنطبق مع مراحل تكوين اللؤلؤ داخل المحارة. حين تتسلل حبة من الرمال داخل المحارة المنيعة سرعان ما تفرز سائلا واقيا لها يحميها من التهيج و يتكون طبقة فوق طبقة حتى تنتج فى النهاية لؤلؤة نفيسة غاية فى الروعة و الإبداع...و المحفز الأساسى وراء تكوينها هى تلك الحصاة غير المرغوبة!
و هكذا حين يقودك القلق إلى القيام بتغيير سلوكك للبحث عن حل للمشاكل و يستنهض الهمة لاتخاذ خطوات نحو الطريق السليم ؛فسوف تكون النتائج إيجابية عظيمة النفع ،أما الدخول فى دوامة القلق فهو الدمار لأنها تدور بالشخص و تخيب توقعاته فيزداد الغضب و الاكتئاب.

القلق و الصحة:
و لننظر إلى أقوال من يعانون من القلق لنرى مدى معاناتهم:
-          إنه يجعلنى أوجه لنفسى نقدا قاسيا بلا رحمة
-          إن القلق يجعلنى إنسانا فوضويا
-          القلق يشل تفكيرى و مشاعرى
-          القلق يصيبنى بالصداع الدائم
إذن فالمعادلة هى قلق زائد = تدهور فى الصحة
إن الفرع الجديد من فروع العلم الذى يطلق عليه "علم مناعة النفس" أوجد دليلا على أن العواطف و أسلوب التفكير و نقص القدرة على التكيف  قد تضر الجهاز المناعى أكبر الضرر.فعندما ينتابك القلق تفكر بشكل سلبى يقضى على أى قدرة لجسمك على محاربة الأمراض.
و الضغط العصبى أو الإرهاق الجسمانى يتسبب فى إفراز هرمون لو زاد أو قل عن المعدل الطبيعى فإن جهاز المناعة يضعف جدا ، فالمشاعر تلعب دورا مزدوجا : فهى التى تستثير إفراز الهرمونات ثم تتأثر بها.

أسلوب "ماذا لو..ماذا يهم" للتغلب على القلق
نفترض ذلك الحديث النفسى القلق بخصوص مظهر الشخص:
ماذا لو كان شكل أنفى كبيرا...سوف يحملق الناس فى.. و ماذا يهم؟
سوف أشعر بالإحراج و الضيق... ماذا يهم؟
سوف أتخلص من هذا الشعور فلا عيب أن أشعر بقليل من الضيق و سأتغلب على الحرج بعلاقاتى الطيبة مع الناس و اندماجى معهم.
و يمكن كتابة بعض الإثباتات لإقناع النفس مثل:
أنفى شكله مقبول و لا عيب فيه – لى ابتسامة جذابة – أنا أحب الناس....
و بتلك الطريقة الذاتية فى مواجهة المشكلة و تبسيطها إلى أقصى درجة، و تقبل الامور المسببة للقلق بجميع احتمالاتها تتكشف أمامنا الحلول السهلة المتاحة و يزول القلق قبل أن يزيد و يتفاقم.
و طريقة "ماذا لو..ماذا يهم" توضح الدوافع الخفية وراء القلق و يجعلها تمر بسلام دون أن تتحول إلى ذكريات ثابتة فى أعماق النفس.
فالعقل الباطن لكى يهون وقع القلق و الخوف ،و يريح من ألم المواجهة مع الحقائق يتبع أسلوبا يسميه علماء النفس بظاهرة الإنكار ،وطريقة "ماذا يهم" هى للمصارحة بالأسباب الحقيقية و مقاومة الإنكار.

استخدم العقل الباطن و تمتع بالصحة:
قدم الدكتور "ديباك كويرا" فى كتابه "مراحل الشفاء" الدليل القوى على صحة ما يقوم به لاعبو اليوجا فى الهند ، و هى أن للجسم عقله الخاص..
حيث تقوم كل خلية فى الجسم بأداء وظيفتها لتحقيق الهدف المنشود ، فإذا مرض أحد أعضاء الجسم علمت باقى الأعضاء و سارعت لنجدته على الفور ؛و بناء على ذلك فإنك عندما تسمح لجسمك بقدر من الراحة و الاسترخاء و توحى لنفسك بأنك بخير و بصحة جيدة ، ثم تغير أسلوب تفكيرك سرعان ما تسرى هذه الرسالة  فى كافة أنحاء جسمك فتسارع باقى الأعضاء بالاستجابة.
مثال : إذا كنت تعانى من الصداع فاكتب:
"أنا لا أشعر بأى أثر للصداع"...ثم رتب الأفكار الآتية:
-          تصور نفسك و أنت تعانى من الصداع و قد احمر وجهك و ظهرت الهالات السوداء حول عينيك.
-          تخيل نفسك  ترسم علامة × فوق تلك الصورة البشعة.
-          تصور وجهك الآن و قد استرد عافيته و نضارته و اللون الوردى الناطق بالقوة.
-          اجلس و استرخ و عش تلك التصورات حتى تثبت لنفسك أن الصداع فارقك نهائيا.
و هذا التمرين ينصح به بعد أن تكون اتخذت العلاج الدوائى المناسب لأن التمرين مكمل للعلاج من خلال تحسين الحالة النفسية و استعادة الهدوء و طرد القلق الذى قد يؤخر الشفاء.
كما أن إدراج رياضة المشي ضمن جدول الأعمال اليومى ،فرياضة المشي تحفز الجسم على افراز هرمونات تقضى على القلق.

المرجع: كتاب كيف تتخلصين من القلق ،تأليف جين و روبرت هاندلى و آخرون ترجمة سهير محفوظ

الأربعاء، 11 يوليو 2012

الموقف العكسى


أكبر عزاء فى موقف عجز و ضعف أن نتأكد أن موقفا عكسيا - يتم فيه تبادل الأدوار و تغيير الاطوار - سوف يأتى و لا ريب..فلا تذهب أنفسنا حسرات و تسود الحياة أمامنا لأن الواقع على غير ما نريد ، بل نأمل أن يحدث التبدل و يأتى التعويض من الله عن قريب.
و لنتخيل ..ألا نستطيع أن نتخيل؟ فنعيش لحظات فى عالم وهمى.. من صنع عقولنا حقا  لكنه قد يكون حدثا واقعا بعد سنوات من الصبر، نتخيل أننا منتصرين محققين لما نرجو، نتخيل أعمالنا ناجحة و مكانتنا عالية ، و أن الألم أصبح من ذكريات الأيام الخالية، فتكون لتلك الحالة الشعورية أثر السحر فى رفع معنوياتنا و منحنا المزيد من الصبر و اليقين.

عندما ألقاه إخوته فى داخل البئر،  و  من بين ظلماته السحيقة أوحى إليه الله مشهدا من المستقبل ؛مشهد النصر، موقف معاكس تماما لحاله الراهن، أوحى إليه أنه سوف ينبئهم – بكل عزة و قوة – بما فعلوه به سالفا و هم غافلون عن صنيعهم جاهلون لشخصيته، و كان ذلك الإيحاء عونا فى وحدته و سندا على مصيبته ،و قد تحقق بإذن الله و فضله..
" فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" يوسف (15)

فقد كتب الله على نفسه الرحمة، لا يرضى بالظلم و إن بدا طول الأمد و الإمهال للظالم، لكنه حكمة بالغة ، فقضاء الله محكم عادل ، و إن استعجل الناس قضاء الله فذلك من طبيعة خلقهم التى أمرهم الله ألا ينساقوا وراء العجلة "خلق الإنسان من عجل سأوريكم آياتى فلا تستعجلون"
و قد جعل الله المستقبل ماضيا فى بلاغة قرآنية رائعة "أتى أمر الله فلا تستعجلوه"
فأمر الله نافذ بمجرد إرادته و قوله كن فيكون ،و هو المستقبل الذى لم يأت بعد ؛لكنه كالماضى فى صدق تحققه و تأكيد حدوثه ،فهل يجادل أحد أو يتشكك فى شيء حدث بالفعل؟ بالطبع لا ؛كذلك يجب أن يثق الإنسان فى تحقق وعد الله و لا يتعجل و إن طال الأمد.

ووعد الله محقق ،و قد وعد المؤمنين بالخلافة فى الأرض و تعظيم شأن الدين فى الأرض ،و تمكينهم من عبادته بدون خوف و لا بطش و قد تحقق..
"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" النور (55)

لكن هناك اختبار من الله عندما يتحقق الموقف المعاكس و يتنصر الإنسان من بعد ظلمه ، فإذا شكر ربه و حفظ نعمته إذ علت مكانته و زال غمه و كربه يكون قد نجح فى ابتلاء الخير،أما إذا كرر الظلم فى آخرين لتكتمل سلسلة الظلم من شخص لآخر ،فيكون العقاب مصيره و نهايته.
لما اشتكى بنو اسرائيل من بطش فرعون الشديد لموسى عليه السلام قال لهم قد يأتى يوم تنعكس الأوضاع، تصبحون أنتم الخلفاء و أصحاب القوة فينظر إلى أعمالكم وقتها و هل ستظلمون و تغركم السلطة أم ترحمون الناس من بعد أن تذوقتم طعم الظلم و مرارته و ارتديتم ثياب الذل عقودا كثيرة و تعلمون ما تسببه فى النفوس من موت و عذاب.
"قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ" الأعراف (129)

الأحد، 8 يوليو 2012

إن غدا لناظره قريب


فى نهاية خطابه قال بلهجة مَنْ صبر طويلا ثم نال أخيرا: إن غدا لناظره قريب ، و ختم الحديث بقول الله تعالى "إنهم يرونه بعيدا و نراه قريبا"....
لاشك أن جنبات السجن علمته التأمل و الصبر ، و ليالى الحبس الطويلة الانفرادية زرعت بذور الصبر فى أعماقه حتى جعلت اليقين بالنصر شيئا منظورا ،لا تنكره العين و لا يفارق الوجدان. لقد شهدت حوائط السجن على كلمة صدرت من أعماق قلبه و هو يشتكى إلى الله بإخلاص – شكوى يجملها ثقة شديدة بنصر الله و انفراج الغمة و تبديل الأحوال – فأورثه ثباتا لا منتهى له ،لاشك أنه قال "حسبى الله و نعم الوكيل" فانقلب بنعمة من الله و فضل ،و تبدل حاله من مسجون فى معتقل بحكم ظالم إلى رئيس منتخب حاكم ....

بعد أن شاهدت الخطاب فى التلفاز قالت فى نفسها :ما أضعف ايمانى و ما أقل صبرى!
فلم يمض عام على تحملها قرار تعسفى ظالم حتى نفذ صبرها و اشتكت من المرض الناتج من علة التوتر و الانفعال ،و أحاطها اليأس من عجزها عن التغيير و عدم وقوف الناس و الأيام فى صفها و استمرار الحال على  ما هو عليه ،إن ما ينقصها هو الصبر و التماس أسباب السعادة فيما تبقى لها ممن مصادر السعادة و استغلال الوقت و عدم توقف الحياة عند أى نقطة ،فلن يحركها فى مجال الحياة سوى يقينها أن النصر آت و حقها سيعود حتما بإذن الله المجيب الدعاء ،فكما نصر السجين و أخرجه بعد حين و أجلسه فى مكانة عالية يتبوأ منها ما يشاء ،يستطيع بكلمة منه سبحانه أن ينصرها و يعوضها خيرا مما سلب منها.
لذلك فقد جعل الله هداية القلب و استكانته لقضاء الله أفضل العطايا لمن آمن بالله و قدره بخيره و شره و لم يملئه السخط و يتملكه الرفض من أى حدث يحدث فى هذه الدنيا "و من يؤمن بالله يهد قلبه".


و كلمة ناظر هى اسم فاعل و دليل على الاستمرارية ،فالناظر يترقب شيئا و يستعد له ،و هذا هو المطلوب أن يعمل الانسان بجد و يقين و عدم يأس مهما كانت المعوقات.
فالعمل على الانسان واجب فى كل وقت ،و نتيجة عمله عند الله ،يرى و يسجل ثم يحاسب و يقضى بحكمه العاقبة فيستوفى الانسان حقه ،و يرى النتيجة فى الدنيا و الآخرة .."للذين أحسنوا الحسنى و زيادة".

لكل غد غدٌ يليه
و لكل ليل صبح ينهيه
و نور الفجر يسعى اليه
ناظر الخير لاشــك لاقيه
فحكمة الله لا تخفى عليـــه
و إن طال الطريق فالنصر آتيه

الأربعاء، 4 يوليو 2012

منتصف شعبان


بالتأكيد أنت ليس مشركا بفضل الله ،لكن قد تكون على خلاف أو خصام مع شخص ،فإذا كنت كذلك فعجل و بادر بمصالحته و دفع أسباب الخلاف ؛حتى تكون مع زمرة من يغفر الله لهم تلك الليلة المباركة؛ليلة النصف من شعبان.
يطلع الله تبارك و تعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان ،فيغفر لجميع خلقه ،إلا لمشرك أو مشاحن ،يغفر الله للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويؤخر أهل الحقد على حقدهم ،لأنهم حاقدون على عباده كارهون لهم الخير.
و توقيت تلك الليلة له حكمة كبرى فهو ينتصف شهرا أكثر فيه الرسول الصيام و فيه ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين.و فيه يكون الاستعداد لاستقبال شهر رمضان المعظم و روحانياته المشرقة بالتسامح و الذكر و تنقية القلب و الإخلاص لله.
و على المسلم أن يستحضر أعمال سنته الماضية و أحداثها بخيرها و شرها، و ليعلم أن ما أصابه من خير فمن الله و ما أصابه من شر صنيعه هو ،و قد خفف الله عنه العاقبة و أراد به خيرا بذلك الشر الظاهرى ؛ففيه صد له عن الاستمرار فى المعصية و مغفرة له بتحمله البلاء و صبره عليها.

ذكرى ليلة النصف من شعبان:
ان هذا اليوم هو ذكرى تغيير القبلة ،و لتغيير القبلة حكمة كبرى ليعلم الناس أن طاعة الله واجبة دون تفكير فتنفيذ أمر الله باتخاذ الكعبة المشرفة قبلة فى الصلاة أهم من اتباع العادات القديمة الموروثة باتخاذ بيت المقدس قبلة برغم من قدسيته و مكانته عند الله ، لكن مغزى الصلاة العبادة و الطاعة و الخضوع لله عز و جل نتوجه حيث أمرنا و كيفما أراد لنا أن نعبده. فجوهر الصلاة التوجه لله بالطاعة و الخشوع و ليس اتخاذ اتجاه معين و أداء طقوس و حركات معينة و القلب لاه غافل ،فتلك صلاة لا بركة  فيها و لا قبول لها. فلله المشرق و المغرب و هو يرانا فى كل مكان ، و ذلك يشير إلى أن التقديس فى الإسلام ليس للأماكن ،ولكن لله وحده.
سَيَقُولُ السفهاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) 
و قد أخبر الله مسبقا و قبل وقوع الحدث برد فعل المشركين - واصفا اياهم بالسفهاء- بأنهم سوف يسخرون من المؤمنين و يصفونهم بانهم ارتدوا عن دينهم و اتبعوا قبلتهم، و أكد لهم الله أنه لن يضيع ايمانهم و ان تغيير القبلة كان لهدف اختبار الايمان و تمييز المؤمنين الثابتين عن الذين يرتابون و يترددون ثم يرتدون
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)

 ولم يشأ الله أن يجعل القبلة إلي الكعبة أول الأمر لأنهم كانوا يقدسونها على أنها بيت العرب وكانوا يضعون فيها أصنامهم ، ووضع الأصنام في الكعبة شهادة بأن لها قداسة في ذاتها .. فالقداسة لم تأت بأصنامهم بل هم أرادوا أن يحموا هذه الأصنام فوضعوها في الكعبة
و فى قوله سبحانه وتعالى "سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها" -  و القبلة التي كانوا عليها هي بيت المقدس - يأتي الله برد جامع هام هو أن أوامر الله الإيمانية لا ترتبط بالعلة، إنما علة التنفيذ فيما يأمرنا الله سبحانه به أن الله هو الآمر، و قد بين لنا السبب في تغيير القبلة ان الأمر كان امتحانا للإيمان في القلوب فالإيمان هي طاعة المعبود فيما يأمر وما ينهي .
فضائل ليلة النصف من شعبان:
لليلة النصف من شعبان مكانة عظيمة ،فهى إحدى ليالى الشهر الذى ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين.
فى الحديث الشريف:"إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها و صوموا نهارها فإن الله تعالى ينزل فيها إلى سماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر فأغفر له؟ ألا من مسترزق فأرزقه؟ ألا من مبتلى فأعافيه؟ ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر. "
من الأدعية النبوية:
اللهم إنى أعوذ بعفوك من عقابك ،وأعوذ برضاك من سخطك ،.وأعوذ بك منك ،جل وجهك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.

الاثنين، 25 يونيو 2012

المرشد الذكى للفتاة فى الزواج


هذه الإرشادات تخص الجانب المهنى للفتاة
كل شيء يخضع للعرض و الطلب..
و الدنيا سوق كبير للبيع و الشراء، و لا حرج فى ذلك فالإنسان يجب أن يسعى لمصلحته فى جميع أوقات حياته
 و الفتاة عليها أن تحدد هدفها فى الحياة جيدا ،و كما خططت فى المرحلة الثانوية لدخول كلية محددة أملا فى الحصول على عمل معين ،فعليها أن تحافظ على هذا الحلم ،الذى لا ينتهى بالطبع بالتخرج ،لكن التخرج هو البداية لتقرر بعدها بكل حزم و إرادة هل ستكمل دراساتها العليا أم ستؤجلها أم ليس لها رغبة فى ذلك ،هل تستطيع أن تعيش بدون عمل أم أنها تعتبر عملها فقط وسيلة للحصول على المال؟
و فى كل حالة مما سبق تخطط عند زواجها و اختيارها لمن سترتبط به...
1-      إذا أرادت إكمال دراستها العليا فالأفضل أن تتزوج من معيد أو زميل معها فى الكلية حتى يتعاونا فى البحث ،و حبذا لو كان أكبر منها بعدة سنوات ليمهد لها الطريق فى طريق الماجستير و الدكتوراه و تأليف الكتب و اعداد الابحاث.
2-      إذا اكتفت بدراستها الجامعية  و لم تسع سوى لجمع المال ؛فالأفضل لها أن تتزوج بمن يكافئها فى التعليم و ليس بالضرورة نفس المجال ،و حبذا لو اتيحت له فرصة العمل بالخارج فتحصل هى على الاموال بلا عناء عمل و لن تفتقد شيء لان العلم لم يدخل نطاق طموحها.
3-      إذا كان هدفها تحقيق نجاح عملى و ليس اكاديمى فالأفضل أن تتزوج من زميل لها فى المجال اكبر منها كى يدفع بها لخوض مصاعب العمل و يكونا قوة واحدة فى مكان عملهما بحيث يصعب كسرها ،و تضمن أيضا أن يوصلها لعملها و يعاونها فى فهم الآخرين و حل مشاكل العمل الكثيرة.
4-      إذا كانت لها هوايات أخرى غير مجال دراستها ،فالأفضل أن تتزوج بمن يتطلب عمله السفر بمفرده كيلا يعوقها وجوده الدائم عن ممارسة هواياتها ،و تكون محظوظة لو تزوجت بمن له نفس الهواية لكنه متقدم فيها كى يساعدها و يعلمها ما خفى عليها من أمور هوايتها و يعلمها أسرارها ،و يساعدها فى نشر أعمالها و تحقيق سعادة النجاح فيها.
و فى جميع الاحوال يجب أن تحرص فى المقام الأول على اختيار من يحترم تفكيرها ،و لا يسخر من أحلامها مهما اختلف معها فى رؤيته ،و أن يعلن بشكل صريح و أمام شهود قبل الزواج عن موافقته أو رفضه للدراسة أو العمل و بدون ثغرات أو أبواب خلفية لنقض الاتفاق و العهد.
فإذا اتفقا على استكمال تعليمها فليكتب هذا بشكل صريح فى وثيقة الزواج ،أو يشهد أهلها على موافقته و عدم منعها بأى حجة من استكمال ما بدأته لان ذلك يعتبر شرطا من شروط الزواج ،إن أخلفه الزوج فقد أنقض العهد و بطل الاتفاق...
و عليها أن تفكر فى أسوا الأمور و تعد له العدة ،و تتوقع بشدة منه أن يخلف عهده و يقتل مروءته ،و لتعلم أن الحب زائل زائل ،و خاطرها لديه حائط مائل ،يهتز بكلمة من هذه و تلك ،و تسقط الاقنعة بمجرد إمضاء العقد و دخول الملك. فلا يصح لها أن تتزوج قبل إتمام ما بدأته سواء التعليم الجامعى أو رسالة الماجستير ،أو البحث عن عمل يتطلب جهدا عاليا فى بدايته لا تتحمل مشقته المتزوجة.
و لتعلم أن قيود الزواج أقوى من أى حماس ،و سلطة الزوج تمنع بقوة القانون إكمال طريقها ،و لن يشفع لها تضييع جهدها السابق لأن الزوج سيستخدم مبدأ الأولويات ليصب فى صالحه هو ،فهو لم يتعب و لم ينفق على تعليمها ؛و لذلك يسهل عليه اجبارها على ترك كل شيء من أجله.

الثلاثاء، 19 يونيو 2012

أمانة توصيل الرسالة


لم يخلق الله الانسان سدى ، لم يخلقه ليأكل و يشرب و ينام ،و لم يخلقه للجرى وراء المال متخطيا المبادئ و القيم، لكن خلقه لرسالة أعلى و أسمى ،للعبادة و تعمير الأرض.
و الحياة متجددة إن لم يتعلم فيها الناس باستمرار ،و يخترع العلماء فيها ما يناسب مستجدات الحياة و طفرات الطبيعة ،و يلاحقوا متطلبات الانسان المتسارعة فقد يؤدى ذلك لمعاناة شديدة لكثير من البشر و انتشار المجاعات و سوء الحال.
فمثلا عليهم يتغلبوا على مصادر الطاقة المتناقصة ،و يسدوا الأفواه الجائعة ،و يعالجوا الامراض الجديدة الفتاكة و يقاوموا السلالات الذكية المتحولة المقاومة للعلاج ،فالحاجة للعلم لا منتهى لها.
و قد خلق الله الانسان كلٌ ميسر لما خلق له ،فمن يطيق العلم قد لا يطيق العمل اليدوى ،و من يتقن حرفة لا يتحمل تعلم حرفة أخرى ،و من يقبل أن يعمل فى شيء يأبى آخر أن يقوم بنفس العمل ،و هذا من حكمة الله ليتحقق التكامل و التعاون بين الناس و تمضى الحياة و تعمر الأرض.
لهذا لا يوجد ما يسمى كليات القمة أو عمل مرموق أو ما شابه ذلك فكل عمل مخلص هو عمل عظيم مهما كان ،و مأجور عليه صاحبه طالما مفيد و ينتفع به الآخرون ،و أكبر خطأ أن يصر ولى الأمر على توجيه ابنائه لمجال لا يحبونه و لا يطيقون دراسته من أجل رسم شكل اجتماعى معين أو استكمال مسيرته و إعداد الابن ليشترك مع والده عند تخرجه. لان ذلك يقتل موهبة أخرى ،فكل انسان لديه مواهب أفلح إن اكتشفها و اهتم بها، و من يقل أنه بلا موهبة فقط هو لم يكتشفها بعد ،و للأسف الشديد قد لا يكتشفها حتى الممات.
و اكتشاف مواهب الأبناء مسئولية كبرى على الآباء ،يكتشفونها من خلال الملاحظة و المناقشة مع الابن ،و اختباره و الزج به فى انشطة كثيرة حتى يثبت تفوقه فى بعض منها ،ثم يطورها و يتقنها.
يختار الله الرسل لأداء رسالة تبليغ الأمانة و أصول العبادة و الأوامر و النواهى و تلك رسالة الله إلى البشر.
كما يختار من العلماء و الأدباء و من تميز فى شيء لأداء رسالة الغرض منها تعمير الأرض و إظهار كل ما هو جميل فى الحياة
فهذا قارئ القرآن الذى يتأثر بالآيات تنغيما ووقفا ووصلا ،فيأتى ترتيله بتأثير مهيمن يبكى العيون.
و هذه الطبيبة التى تعالج النساء بمهارة شديدة و لا يصلح من الرجال من يقومون بدورها انتفعت بها الآلاف من النساء المريضات.
و هذا المهندس البارع الذى اخترع نظاما لبناء المنزل مع تهوية رائعة كأنه تكييف طبيعي دون ضرر بالبيئة
و الفنان الذى تتسمر أقدامنا أمام لوحه من لوحاته تسرق عيوننا و تشغل تفكيرنا فنبتسم من جمال الالوان و دخولنا عالم وهمى جديد ذى بعدين لكن كأنه حقيقى نراه و نلمسه.
و هذا الشاعر الذى يطربنا بكلمات متناسقة متناغمة كأنها سلاسل من ذهب و ليس من حروف.
و هذا العازف الذى نسمع لحنه فتذوب الاحزان و تشرق السعادة.
أمام أعمالهم نقف مبهورين و نقول "الله" ..سبحان الله الذى علم الإنسان ما لم يعلم ،فالإبداع نعمة من الله و آية من آياته فى خلق الناس و تعليمهم ما خفى و لطف بإذنه تعالى.
هؤلاء جميعا جعلهم الله سببا فى إسعادنا و دفع الضرر عنا و تحسين أذواقنا ..باختصار خلقهم الله لأداء رسالة ما فى الأرض ليتم تعميرها و الحفاظ عليها.
و ما تفضل الله به عليهم من العلم واجبٌ عليهم تبليغه و الاستفادة منه  و المضى فى العمل به و تطويره لأنها أمانة كبرى.
"أولئك الذين آتيناهم الكتاب و الحكم و النبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " الانعام 89
إن الله سائل ولى الأمر عن وديعته هل رعاها؟ هل استغل موهبتها و ساعدها كى تؤدى رسالتها التى أراد الله لها أن تؤديه؟ أم نظر إلى مصالحه و حول صاحب الموهبة إلى اداة تدور لصالحه فقط حتى لو لم يقم بالمستوى المطلوب.
يسأله الله هل قتل الإبداع بداخل زوجته كى يضمن دورانها فى طاحونة منزله باستمرار؟
هل جعل منها كتلة صلبة جافة كالإنسان الآلي ؟هل جعلها حبيسة الدار ،أم تركها ترعى حشاش الأرض و تسعى فى طلب العلم و العمل.
و حرمان المرأة من التعليم ذنب عظيم ،فمن يفعل هذا يحرم المرأة من أداء فريضة العلم ،إن واجبه فقط ينحصر فى مساعدتها و توفير الجو الملائم لها ،و نصحها بالاحتشام و الالتزام فى تعاملها مع زملائها ،ثم الدعاء لها بالتوفيق و مكافأتها و مجازاتها خيرا عندما تتقن و تحسن عملها.

اللهم علمنا ما ينفعنا و نفعنا بما علمتنا و زدنا علما

الجمعة، 8 يونيو 2012

قضاء فرعون و قضاء الله


مهما كان حكم البشر قاسيا و ظالما، لا ينبغى التحسر و قتل النفس حزنا و كمدا على قلة الحيلة و العجز عن دفع الظلم، فما هو أقصى شيء يمكن أن يفعله من يقضى بالظلم؟ إنما قضاؤه موقت و حكمه سار لفترة محدودة بعدد من السنوات؛ قد تقصر..قد تطول لكن لن يكتب له الخلود، و لن يبقى إلا بحدود عمر الأشخاص أو عمر الزمان، فهو فى النهاية قضاء دنيوى زائل فان.
"قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" سورة طه (72)
كلمة خالدة اجتمع عليها السحرة صادقوا الايمان لما رأوا الحقيقة ساطعة و ثبتهم الله على كلمة واحدة: ايثار و تفضيل الايمان بالله مهما تعرضوا لغضب فرعون و ما يتبعه من تعذيب و تنكيل.
و لأنهم يدركون الحيل التى يصنعونها و يسحرون بها أعين الناس و يخدعونهم ؛ كانوا أول من صدق بمعجزة موسى لما ألقى عصاه فتحولت ثعبانا يأكل الثعابين الكاذبة التى يصنعونها بسحرهم، و كان رد فعلهم السجود لرب موسى لله رب العالمين، و الجهر بالايمان به دون خوف من قضاء فرعون و حكمه عليهم، و أنطقهم الله كلمة الحق فقالوا  "و الله خير و أبقى"....
لقد وعدهم  فرعون من قبل أن يكونوا من المقربين إذا نجحوا فى مهمتهم - و هى الانتصار على فرعون أمام جموع الناس فى اليوم المشهود يوم الزينة- ليثبتوا للملأ كذبا أن موسى ليس نبيا و أن فرعون هو الاله الوحيد، لكنهم ألقوا كل شيء وراء ظهورهم رضا فرعون و المكانة العالية و الجوائز الدنيوية مقابل اظهار الحق و نصرته ، فكانوا من الفائزين...
و عاقبهم فرعون فى الدنيا بتقطيع أيديهم و ارجلهم من خلاف و تصليبهم فى جذوع النخل ، لكنه عذاب وقتى ..ساعات معدودة ثم فاضت ارواحهم لينالوا حسن الجزاء و يواجهوا قضاء الله العادل العظيم: رضاه و الخلود فى جنات النعيم، و ذلك جزاء من تزكى.

و هذا مثال من الحياة...
لما فاجأها بقسوة حكمه و فظاظة كلامه و قراره الجائر، الذى أراد به حسم النقاش لصالحه- من وجهة نظره- دون أدنى تنازل منه أو تقارب فى المصالح، صمتت برهة من الوقت و قد أسقط فى يدها ، و أدركت أن لا حيلة لها فى تغيير القضاء و المقدور...
إن كان الله أعطاه سلطة القرار و إصدار الحكم، و ألزمها بالطاعة و الرضوخ، فذلك لأن الحساب الشديد ينتظره ، فيوم التغابن ترفع المظالم و ترد الحقوق ، و يسمع الله الاعذار و يحكم بالحق.
و طمأنها  صوت من قلبها يقول لها: لا تحزنى و لا تشعرى بالقهر، فليقل ما يشاء و ليفعل ما يشاء، إنما يقضى هذه الحياة الدنيا ، و تلك من رحمة الله أن جعل أحكام البشر الدنيوية وقتية عبر زمن محدود، مهما طال فإن النصر آت، و سوف تقف الدموع و تسكت الآهات.

و موقف من قلب الأحداث...
فى محاكمة القرن – كما يسميها الإعلام - بادر القاضى الشجاع الجميع بالحكم الذى كان مفاجأة بجميع المقاييس ؛ الملايين كانت تنصت بين شامت و مشفق، مذهول و مصدق، داخل البيوت و خارجها ، فى مصر و ما حولها، القاضى مشهود له بالأمانة والاستقامة و عدم اللهاث وراء الشهرة أو الأضواء و ليس عليه غبار و تاريخه مشرف لا يعيبه شيء فقد سبق له الحكم بجرأة لينصف المظلومين حتى لو كان المجرمون من علية القوم و أصحاب السلطة.
و بالرغم من هذا لما نطق القاضى بالحكم؛ البعض قال "الله اكبر" ،و البعض امتعض و استنكر، و لما تلا باقى الأحكام زمجر معظم العوام، و انطلقت الحناجر بالأقوال المجحفة و الاتهامات المسرفة ؛فقالوا " باطل.. باطل" كأنهم على علم كامل!
قضى القضاء المصرى و سرى الحكم و مهما كانت الحيثيات و الأسباب ، و مواطن الاختلاف أو الاتفاق ، هو فى النهاية قضاء دنيوى يحتمل الخطأ و الصواب حسب طبيعة القصور البشري و ليقض القاضى ثم بنفذ قضاء الله ، و عقاب الله فى الآخرة أشد وطأة و أثقل حسابا، و هو العدل الحقيقي المطلق الذى لا مراء فيه و لا معقب عليه...
"فاقض ما أنت قاض * إنما تقضى هذه الحياة الدنيا"