فى نهاية خطابه قال بلهجة مَنْ صبر طويلا ثم
نال أخيرا: إن غدا لناظره قريب ، و ختم الحديث بقول الله تعالى "إنهم يرونه
بعيدا و نراه قريبا"....
لاشك أن جنبات السجن علمته التأمل و الصبر ،
و ليالى الحبس الطويلة الانفرادية زرعت بذور الصبر فى أعماقه حتى جعلت اليقين
بالنصر شيئا منظورا ،لا تنكره العين و لا يفارق الوجدان. لقد شهدت حوائط السجن على
كلمة صدرت من أعماق قلبه و هو يشتكى إلى الله بإخلاص – شكوى يجملها ثقة شديدة بنصر
الله و انفراج الغمة و تبديل الأحوال – فأورثه ثباتا لا منتهى له ،لاشك أنه قال
"حسبى الله و نعم الوكيل" فانقلب بنعمة من الله و فضل ،و تبدل حاله من
مسجون فى معتقل بحكم ظالم إلى رئيس منتخب حاكم ....
بعد أن شاهدت الخطاب فى التلفاز قالت فى
نفسها :ما أضعف ايمانى و ما أقل صبرى!
فلم يمض عام على تحملها قرار تعسفى ظالم حتى
نفذ صبرها و اشتكت من المرض الناتج من علة التوتر و الانفعال ،و أحاطها اليأس من
عجزها عن التغيير و عدم وقوف الناس و الأيام فى صفها و استمرار الحال على ما هو عليه ،إن ما ينقصها هو الصبر و التماس أسباب
السعادة فيما تبقى لها ممن مصادر السعادة و استغلال الوقت و عدم توقف الحياة عند
أى نقطة ،فلن يحركها فى مجال الحياة سوى يقينها أن النصر آت و حقها سيعود حتما
بإذن الله المجيب الدعاء ،فكما نصر السجين و أخرجه بعد حين و أجلسه فى مكانة عالية
يتبوأ منها ما يشاء ،يستطيع بكلمة منه سبحانه أن ينصرها و يعوضها خيرا مما سلب
منها.
لذلك فقد جعل الله هداية القلب و استكانته
لقضاء الله أفضل العطايا لمن آمن بالله و قدره بخيره و شره و لم يملئه السخط و يتملكه
الرفض من أى حدث يحدث فى هذه الدنيا "و من يؤمن بالله يهد قلبه".
و كلمة ناظر هى اسم فاعل و دليل على
الاستمرارية ،فالناظر يترقب شيئا و يستعد له ،و هذا هو المطلوب أن يعمل الانسان
بجد و يقين و عدم يأس مهما كانت المعوقات.
فالعمل على الانسان واجب فى كل وقت ،و نتيجة عمله
عند الله ،يرى و يسجل ثم يحاسب و يقضى بحكمه العاقبة فيستوفى الانسان حقه ،و يرى
النتيجة فى الدنيا و الآخرة .."للذين أحسنوا الحسنى و زيادة".
لكل غد غدٌ يليه
و لكل ليل صبح ينهيه
و نور الفجر يسعى اليه
ناظر الخير لاشــك لاقيه
فحكمة الله لا تخفى عليـــه
و إن طال الطريق فالنصر آتيه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق