الجمعة، 27 يوليو 2012

رحلة تاء التأنيث

رحلة المرأة مزيج عجيب بين السعادة و الشقاء..

رحلة كفاح طويلة أتعجب كيف تتحملها على ضعفها الجسدي و قلة حيلتها
بم نبدأ بالنهاية أم البداية؟
فلنبدأ بسن العشرين باعتباره بداية سن الشباب، حيث هي في كليتها، إن كانت من كليات القمة فسوف تسابق و تنافس زملائها في الكلية؛ الذين هم حتما يريدون المراكز الأولى، و تحقيق طموحاتهم بالحصول على تقديرات عالية أو التعيين في الجامعة، و في سبيل ذلك لا يقدمون العون لزميلاتهم و يفضلون أنفسهم عليهن خاصة إن كن فئة قليلة في الدفعة.

أما الكليات الشعبية، فلاشك أنها تتعرض لمضايقات كثيرة، و أحسن طريقة لتجنبها أن تحيط نفسها بمجموعة موثوق بها من الصديقات الملتزمات المخلصات يتعاونَ معا لاجتياز هذه الفترة.

قد تتم خطبتها خلال سنوات الدراسة، و ذلك أفضل لها إذ لن تتعرض للقلق الصامت المكتوم في صدر الأم بخصوص المرحلة التالية في حياتها التي تعقب التخرج.

و سواء عليها عملت أم لا – حيث أن قضية عمل المرأة و جدواه قضية أخرى لا مجال لذكرها الآن-  فإنها لابد أن تستعد لنسيان أجمل أيام حياتها حيث تترك الحب الحقيقي؛ المتمثل في حب أهلها لها الفطري الرائع المبرأ من أي غرض، المستمر إلى ما لا نهاية ..

يقدمون لها الوهم بأن الزواج هو الاستقرار، و ما هو إلا استقرار للحزن و الأسى في القلب، يقنعونها أنه الاستقلال و بناء بيت جديد، و إن هو إلا رضوخ لسيطرة الغريب؛ ثم أن هذا البيت ليس بيتها في النهاية، هي ضيفة فيه حسب ما يجود به الزوج من سنوات الاستضافة..

هذه الفتاة البريئة؛ التي لا تملك من خبرة الحياة شيئا، و لا تعلم عن الحب و المشاعر الرقيقة سوى ما قرأته من روايات أو شاهدته من دراما, هذه الفتاة الآملة خيرا، الواهمة أنها قد وصلت لمناها و حققت مسعاها، ما أشد صدمتها الآتية:

سوف تُصدم مرات و مرات...
فليس هناك عدو واحد؛ بل هو فريق؛ عصبة ..الجميع يتآمرون ، يتكلمون ، يسرون الشر و يخططون للتدمير.

تدمير ماذا؟ تدمير قلب تم بناؤه في خمس و عشرين سنة أو يقل أو يزيد..و تدمير مستقبل تم الإعداد له بدقة و حرص من جانب أبوين رحيمين مكافحين ؛لتحقيق نشوة الانتصار و استغلال حق القوة والأمر و النهى و امتلاك الضعيف .. من وضعته الأقدار تحت ضرس وحش عنيف يتلذذ بقضم الحلوى و يتسلى بإثارة أعصاب الإنسان الحساس الرقيق الذي يسكن معه في المنزل.

سنوات زواجها يمكن اعتبارها جزءاً من الأشغال الشاقة المؤبدة.. أحكى عن ماذا ؟
عن آلامها النفسية من اختلاف الطبائع و سوء الظن و الفظائع؟
أم عن الآلام الجسدية التي تتحملها حملا وولادة و تريبه الأطفال و خدمتهم..
و قد يصاحب هذا كله كفاحها لتحسين أحوال أسرتها المادية و في هذه الحالة تتعرض لمشكلتين إضافيتين:

-         وقوعها تحت ضغط مسئولية العمل و التزاماته، مما يقتطع حتما من صحتها و راحتها النفسية.

-         عدم تعاون الزوج و اعتباره السماح لها بالعمل منة و فضل منه، و أن عليها تعويض الأسرة عن وقت العمل و عدم التقصير في حقوق الجميع ، مع تحملها كافة مسئولية الأولاد خدمتهم و مذاكرتهم و تربيتهم و كل شيء.

-         إرادة الزوج التحكم في الأحوال المادية للمرأة، و اعتباره فرضا عليها أن تنفق كافة ما تكتسبه على الأسرة، و بدون استقلال مادي لها؛ مع أن ذلك ليس عدلا إذ أن عمل المرأة ليس مستقرا، و لا يستديم بها إلى نهاية العمر خاصة إذا كان في شركة استثمارية و ليس قطاعا حكوميا.

-         دورانها في حلقة مفرغة من المسئوليات، و عدم السماح لها بالتقاط الأنفاس، فهي كالعبد الذي يتحكم فيه سيده في كل وقت و حين.

و مع كل هذا؛ فالعجيب أن الأمهات اللاتي يعانين من كل هذا يكررن المأساة مع بناتهن، ليستكملن دورة الذل و العذاب من جيل لجيل؛ و هل هناك من مفر لهذه السلبية المطلقة و الاستسلام الممقوت؟

هناك تعليقان (2):

  1. كل عام و انتم بخير..نظرة سوداوية بعض الشيء

    ردحذف
  2. كل سنة و انتم طيبين و رمضان كريم
    نعم يمكن اعتبارها مبالغة لكن هى مواقف من الحياة - و بريد الاهرام على سبيل المثال زاخر بمثل هذه المواقف - و تغيير المجتمع يبدأ من تحليل مشكلاته و مقاومة تكرار الأخطاء.

    ردحذف