الثلاثاء، 19 يونيو 2012

أمانة توصيل الرسالة


لم يخلق الله الانسان سدى ، لم يخلقه ليأكل و يشرب و ينام ،و لم يخلقه للجرى وراء المال متخطيا المبادئ و القيم، لكن خلقه لرسالة أعلى و أسمى ،للعبادة و تعمير الأرض.
و الحياة متجددة إن لم يتعلم فيها الناس باستمرار ،و يخترع العلماء فيها ما يناسب مستجدات الحياة و طفرات الطبيعة ،و يلاحقوا متطلبات الانسان المتسارعة فقد يؤدى ذلك لمعاناة شديدة لكثير من البشر و انتشار المجاعات و سوء الحال.
فمثلا عليهم يتغلبوا على مصادر الطاقة المتناقصة ،و يسدوا الأفواه الجائعة ،و يعالجوا الامراض الجديدة الفتاكة و يقاوموا السلالات الذكية المتحولة المقاومة للعلاج ،فالحاجة للعلم لا منتهى لها.
و قد خلق الله الانسان كلٌ ميسر لما خلق له ،فمن يطيق العلم قد لا يطيق العمل اليدوى ،و من يتقن حرفة لا يتحمل تعلم حرفة أخرى ،و من يقبل أن يعمل فى شيء يأبى آخر أن يقوم بنفس العمل ،و هذا من حكمة الله ليتحقق التكامل و التعاون بين الناس و تمضى الحياة و تعمر الأرض.
لهذا لا يوجد ما يسمى كليات القمة أو عمل مرموق أو ما شابه ذلك فكل عمل مخلص هو عمل عظيم مهما كان ،و مأجور عليه صاحبه طالما مفيد و ينتفع به الآخرون ،و أكبر خطأ أن يصر ولى الأمر على توجيه ابنائه لمجال لا يحبونه و لا يطيقون دراسته من أجل رسم شكل اجتماعى معين أو استكمال مسيرته و إعداد الابن ليشترك مع والده عند تخرجه. لان ذلك يقتل موهبة أخرى ،فكل انسان لديه مواهب أفلح إن اكتشفها و اهتم بها، و من يقل أنه بلا موهبة فقط هو لم يكتشفها بعد ،و للأسف الشديد قد لا يكتشفها حتى الممات.
و اكتشاف مواهب الأبناء مسئولية كبرى على الآباء ،يكتشفونها من خلال الملاحظة و المناقشة مع الابن ،و اختباره و الزج به فى انشطة كثيرة حتى يثبت تفوقه فى بعض منها ،ثم يطورها و يتقنها.
يختار الله الرسل لأداء رسالة تبليغ الأمانة و أصول العبادة و الأوامر و النواهى و تلك رسالة الله إلى البشر.
كما يختار من العلماء و الأدباء و من تميز فى شيء لأداء رسالة الغرض منها تعمير الأرض و إظهار كل ما هو جميل فى الحياة
فهذا قارئ القرآن الذى يتأثر بالآيات تنغيما ووقفا ووصلا ،فيأتى ترتيله بتأثير مهيمن يبكى العيون.
و هذه الطبيبة التى تعالج النساء بمهارة شديدة و لا يصلح من الرجال من يقومون بدورها انتفعت بها الآلاف من النساء المريضات.
و هذا المهندس البارع الذى اخترع نظاما لبناء المنزل مع تهوية رائعة كأنه تكييف طبيعي دون ضرر بالبيئة
و الفنان الذى تتسمر أقدامنا أمام لوحه من لوحاته تسرق عيوننا و تشغل تفكيرنا فنبتسم من جمال الالوان و دخولنا عالم وهمى جديد ذى بعدين لكن كأنه حقيقى نراه و نلمسه.
و هذا الشاعر الذى يطربنا بكلمات متناسقة متناغمة كأنها سلاسل من ذهب و ليس من حروف.
و هذا العازف الذى نسمع لحنه فتذوب الاحزان و تشرق السعادة.
أمام أعمالهم نقف مبهورين و نقول "الله" ..سبحان الله الذى علم الإنسان ما لم يعلم ،فالإبداع نعمة من الله و آية من آياته فى خلق الناس و تعليمهم ما خفى و لطف بإذنه تعالى.
هؤلاء جميعا جعلهم الله سببا فى إسعادنا و دفع الضرر عنا و تحسين أذواقنا ..باختصار خلقهم الله لأداء رسالة ما فى الأرض ليتم تعميرها و الحفاظ عليها.
و ما تفضل الله به عليهم من العلم واجبٌ عليهم تبليغه و الاستفادة منه  و المضى فى العمل به و تطويره لأنها أمانة كبرى.
"أولئك الذين آتيناهم الكتاب و الحكم و النبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " الانعام 89
إن الله سائل ولى الأمر عن وديعته هل رعاها؟ هل استغل موهبتها و ساعدها كى تؤدى رسالتها التى أراد الله لها أن تؤديه؟ أم نظر إلى مصالحه و حول صاحب الموهبة إلى اداة تدور لصالحه فقط حتى لو لم يقم بالمستوى المطلوب.
يسأله الله هل قتل الإبداع بداخل زوجته كى يضمن دورانها فى طاحونة منزله باستمرار؟
هل جعل منها كتلة صلبة جافة كالإنسان الآلي ؟هل جعلها حبيسة الدار ،أم تركها ترعى حشاش الأرض و تسعى فى طلب العلم و العمل.
و حرمان المرأة من التعليم ذنب عظيم ،فمن يفعل هذا يحرم المرأة من أداء فريضة العلم ،إن واجبه فقط ينحصر فى مساعدتها و توفير الجو الملائم لها ،و نصحها بالاحتشام و الالتزام فى تعاملها مع زملائها ،ثم الدعاء لها بالتوفيق و مكافأتها و مجازاتها خيرا عندما تتقن و تحسن عملها.

اللهم علمنا ما ينفعنا و نفعنا بما علمتنا و زدنا علما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق