الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

سياسة نملة

المؤمنون أربع درجات : الصالحون – فوقهم الشهداء فوقهم الصديقون ثم فوقهم الأنبياء

و داود و سليمان من خواص الرسل و إن كانوا دون درجة أولى العزم الخمسة.

و قد مدحهم فى كتابه مدحا عظيما فحمدوا الله على بلوغ هذه المنزلة، و هذا عنوان سعادة العبد أن يكون شاكرا لله على نعمته الدينية و الدنيوية، و أن يرى بعين الشكر و اليقين الكثير من نعم ربه. فلا يفخر و لا يعجب بنفسه.

"و قالا الحمد لله الذى فضلنا على كثير من عبادنا المؤمنين"
ما أجمل أن يعلم الأب ابنه كلمة الحمد و يقولا معا "الحمد لله" فى ذكر مخلص مبارك، فهو اجتماع خير و نعمة الشكر على النعمة نعمة أخرى.

"وورث سليمان داوود"  كما يبدو من الآية السابقة أن الميراث ميراث علم ، و قد اختصهم الله بخاصة علم كلام الطير و فهمهم ، لذلك فقد جندوا الكثير من الجن و الإنس و الطير،  و اعترفا بهذا الفضل العظيم.." إن هذا لهو الفضل المبين"

و كانت تلك الجنود منظمة و معدة، مؤتمرة بأمر سليمان لا يمكنها عصيانه أو التمرد عليه.

و الحديث هنا عن وادى النمل حيث قالت نملة محذرة أخواتها أن سليمان قادم، فليدخلوا مساكنهم حتى لا يتحطموا.

و هنا نلاحظ البلاغة القرآنية:

"و هم لا يشعرون" فهذه النملة القائدة لم تتعجل و تصف سليمان بالقسوة و الشدة التى تدفعه لتحطيم النمل و هو متعمد، بل أن ذلك قد يتم بدون قصد ثم إن به دلالة على أن جنود سليمان من الكثرة العددية و القوة بحيث يحطمون واديا من النمل.

كما نلاحظ أن النملة بدأت الحديث بأمر تحذيرى يحميهم بدلا من اشعة الفوضى و بث الرعب بين صفوف عشيرتها فقد كان من الممكن أن تقول لهم مثلا سليمان قادم بجنود كثيرة فلتختبئوا..لكن هذا من شأنه تخويفهم و فقدانهم السيطرة و الترتيب و ربما تحركوا بعشوائية و حطموا بيوتهم بأنفسهم أو آذوا بعضهم بغير قصد.

و هذا من حنكة السياسة عدم اذاعة اخبار الخوف بدون طرح الحل السريع "ادخلوا مساكنكم" و خطة الإنقاذ التى تكفل عدم تفكك الصف و الحفاظ على الترابط و التماسك فيما بين أفراد المجتمع.

و كان أول ما قالته "يأيها النمل"  لكى تجمع بنى قومها حول كلمتها و تعلن حالة التأهب و الاستعداد لمجئ سليمان و جنوده.

فماذا كان موقف سليمان بعد أن سمع كلام النملة؟ إنه تبسم.. و التبسم عند رؤية فضل الله و تلقى بشارته من شيم الأنبياء و زوجاتهم

"فتبسم ضاحكا من قولها و قال رب اوزعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت على و على والدى و أن أعمل صالحا ترضاه"

تبسم سليمان من سعادته بنعمة ربه و إعجابه بالنمل و عالمه ؛إذ هدى الله النمل لما يحفظ عليه معيشته و حياته و يساعده على مقاومة أخطار الحياة بالرغم من صغر حجمه و ضعف هيئته ،فسبحان الله العظيم "الذى خلق فسوى * و الذى قدر فهدى"

و هذا هو التواضع أمام نعمة الله ، و هذا ما يجب أن يكون عليه شأن الملوك و الأغنياء و العلماء و من اختصهم الله بعظيم النعم و ميزهم عن غيرهم و أكرمهم بالسلطان أو العلم أو الفضل المبين.و ذلك يحفظ النعمة و يزيدها.

و نصيحة النملة من يهملها يقع فى خطأ إذاعة الاخبار الخاطئة....


و هذا الخطأ وقع فيه بعض المسلمين فى عهد الرسول حيث وصف الله فعلهم فى الآية:
"وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا" (النساء 83)
وقوله " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به " إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها وقد لا يكون لها صحة .
و هناك أمور لا يصح أن تذاع و أمور يمكن أن تذاع ،و أولوا الأمر و أصحاب العلم و الحكمة هم من يمكنهم فقط الحكم على ذلك و اختيار ما يذاع من الأنباء.
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع "
و نهى الرسول عن القيل والقال : أي الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تثبت ولا تدبر ولا تبين.

و تكرر الخطأ على مر العصور....

تقع فيه وسائل الإعلام فى خطأ إذاعة أخبار الخوف ؛فتقوم بنشر و اعلان الاخبار التى تزعزع المجتمع و تنزع الثقة من أولى الأمر و تظهر الناس كلها بمظهر الخونة للوطن ، فسعيهم الحقيقى وراء السبق الصحفى الذى يظهر المؤسسة الصحفية أو البرنامج بكاشف الاسرار  و جامع الاخبار ، و لا يندرج تحت وظيفة مراقبة المجتمع التى تقوم بها الصحافة ، فمعنى الصحافة الاستقصائية الاستناد إلى حقائق و أوراق موثوق بها للبحث عن مواطن الفساد و التبليغ عنها لتحذير المجتمع من أخطار معينة و لإثارة الرأى العام ضد اهمال و تسيب و دعوة المسئولين للبحث عن حقيقة هذا الفساد و معاقبة المفسدين. أما الأخبار الرنانة عن الأزمات و الانفلات و الصراعات فشأنها تخويف المواطن و اصابته بالاكتئاب من سماع تلك الأخبار،و تخويف المستثمرين من التعاملات فى مصر و من ثم انهيار البورصة و باقى التبعات الاقتصادية ,فليحذر القائمون على البوابات الإخبارية من تأثير إذاعة أخبار الخوف و الشائعات دون دراسة تأثيرها المعنوى من اضعاف للهمم و تخوين جميع الفئات و زرع الكره و الحقد فى النفوس.

السبت، 4 أغسطس 2012

المشهد الختامى

لكل شيء نهاية... و تلك نهاية العالم

1-      بنفخ فى الصور

2-      يصعق من فى السموات و الأرض إلا من شاء الله

3-      تشرق الأرض بنور ربها

4-      يوضع الكتاب

5-      جئ بالنبيين و الشهداء

6-      يقضى الله بالحق و توفى كل نفس ما عملت

و نتيجة لهذا الحساب ينقسم الناس الى مجموعات أو زمر....

و تساق كل مجموعة إلى مصيرها.


1 – زمرة الكافرين:

تساق إلى النار – تفتح أبوابها ، يبكتهم خزنتها و يقولون لهم "ألم يأتكم رسل منكم يتلون آيات ربكم و ينذرونكم لقاء يومكم هذا"

فيرد الكافرون بكلمة حق – و كيف لهم أن يكذبوا أمام الله فى ذلك الموقف المهيب – فيقولون "بلى و لكن حقت كلمة العذاب على الكافرين"

ثم يأتى الحكم النهائى بالخلود فى النار "أدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين".

2- زمرة المؤمنين المتقين

يساقون إلى الجنة -سياق تكريم و إعزاز- تفتح لهم أبواب الجنة، يرحب بهم خزنتها و يسلمون عليهم قائلين "سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين"

فيرد المتقون بادئين بالحمد :"الحمد لله الذى صدقنا وعده و اورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين"

ثم نرى المشهد الجميل : الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم فى مشهد عبادة جميل.



و يقضى الله بين الناس بالحق و تدخل كل زمرة من الباب الذى يوافقها و يناسب عملها



و تأتى الكلمة الأخيرة "و قيل الحمد لله رب العالمين"

و جاء الفعل "قيل" بصيغة المبنى للمجهول بدون ذكر القائل، ليدل على أن جميع الخلق نطقوا بحمد ربهم  و حكمته على ما قضى به سواء من أهل الجنة فذلك حمد فضل و احسان ،أو من أهل النار فهو حمد عدل و حكمة.

و قد ذكر "الحمد لله" فى القرآن 27



كمقدمة آية و على لسان الأنبياء أو الملائكة أو المؤمنين ، و أمر من الله بقول كلمة الحمد يتبعها وصف لصفاته و أسمائه الحسنى

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

لطيفة الزيات و أزمة الذات

من حديث لطيفة الزيات (*) بصدد المرأة فى مقالها المعنون "الكاتب و الحرية" تقول:

و التربية التى تتلقاها الأنثى فى ظل مثل هذا المجتمع الطبقى الذكورى تتلخص فى إلغاء الذات (المرأة) لصالح الآخر (الرجل) ، و إفناء هذه الذات فى الآخر بحيث يغيب صوت الأنثى الخاص و إرادتها الحرة و فعلها الإيجابي ،و يغيب كيانها الحر المفترض أن يقف فى ندية مع كيان الرجل.
أمى الانثى المقهورة قهرتنى لكى اتواءم مع مجتمع قاهر لا يتقبل سوى امرأة مقهورة ، علمتنى أمى ألَا أفعل ،ألَا أقول ،ألا أصرح ،و صادرت فى كل مرة صوتى قبل أن يرتفع ..روضتنى أمى  و قلمت أظافرى و علمتنى أن أحب العطاء بلا مقابل ،و أن للعطاء طريقا واحدا . علمتنى كيف ألغى ذاتى لكى أكون..أو بالأحرى لكى لا أكون!
و بفضل هذه التربية الترويضية للمرأة العربية عموما صار البحث عن الذات الحرة فيها رحلة شاقة و طويلة "رحلة بلا نهاية"، و مركز أزمتها و عدم اكتمالها هو "صاحب البيت" أو الرجل.

*لطيفة الزيات: روائية ، وأديبة وناقدة , أهتمت  بشئون المرأة وقضاياها. ولدت في مدينة دمياط بمصر، في 8 أغسطس، عام 1923, التحقت بجامعة القاهرة. وحصلت على دكتوراه في الأدب من كلية الآداب، بجامعة القاهرة عام 1957.
كانت رمزاً من رموز الثقافة الوطنية والعربية وإحدى رائدات العمل النسائي في مصر ، لها سجل حافل بالريادة فى جميع المجالات التي خاضتها والعديد من الأعمال الأدبية منها : حملة تفتيش ، الباب المفتوح ، صاحب البيت.

و بالرغم من أن مقال "الكاتب و الحرية" لكاتبة منذ قرن من الزمان ،إلا أن نفس الأفكار و مضمون الحوار نجدها فى مقالات حديثة مثل مقال "رحلة تاء التأنيث"
http://www.eshrakatelhaya.blogspot.com/2012/07/blog-post_27.html

حيث نجد أن الفكرة المشتركة هى توارث الذل للمرأة عبر الأجيال ،و دور الأمهات فى تمهيد التربة الخصبة لقبول قهر المرأة،و إعادة شريط الذكريات الذى عانت منه و تكراره مع ابنتها طواعية و عن طيب خاطر بدلا من ان تثور الأم و تنتفض لمنع تكرار معاناتها ،والوقوف فى وجه المجتمع الظالم لحقوق المرأة المهدر لكيانها الذى يعتبرها ظلا للرجل و تابعا له حتى النهاية ،و بذلك السلوك الغريب للأمهات تدور المرأة فى حلقة مفرغة لن تنجو فيها من بطش و تحكم الرجل الزائد و محو شخصيتها محوا ...

الجمعة، 27 يوليو 2012

رحلة تاء التأنيث

رحلة المرأة مزيج عجيب بين السعادة و الشقاء..

رحلة كفاح طويلة أتعجب كيف تتحملها على ضعفها الجسدي و قلة حيلتها
بم نبدأ بالنهاية أم البداية؟
فلنبدأ بسن العشرين باعتباره بداية سن الشباب، حيث هي في كليتها، إن كانت من كليات القمة فسوف تسابق و تنافس زملائها في الكلية؛ الذين هم حتما يريدون المراكز الأولى، و تحقيق طموحاتهم بالحصول على تقديرات عالية أو التعيين في الجامعة، و في سبيل ذلك لا يقدمون العون لزميلاتهم و يفضلون أنفسهم عليهن خاصة إن كن فئة قليلة في الدفعة.

أما الكليات الشعبية، فلاشك أنها تتعرض لمضايقات كثيرة، و أحسن طريقة لتجنبها أن تحيط نفسها بمجموعة موثوق بها من الصديقات الملتزمات المخلصات يتعاونَ معا لاجتياز هذه الفترة.

قد تتم خطبتها خلال سنوات الدراسة، و ذلك أفضل لها إذ لن تتعرض للقلق الصامت المكتوم في صدر الأم بخصوص المرحلة التالية في حياتها التي تعقب التخرج.

و سواء عليها عملت أم لا – حيث أن قضية عمل المرأة و جدواه قضية أخرى لا مجال لذكرها الآن-  فإنها لابد أن تستعد لنسيان أجمل أيام حياتها حيث تترك الحب الحقيقي؛ المتمثل في حب أهلها لها الفطري الرائع المبرأ من أي غرض، المستمر إلى ما لا نهاية ..

يقدمون لها الوهم بأن الزواج هو الاستقرار، و ما هو إلا استقرار للحزن و الأسى في القلب، يقنعونها أنه الاستقلال و بناء بيت جديد، و إن هو إلا رضوخ لسيطرة الغريب؛ ثم أن هذا البيت ليس بيتها في النهاية، هي ضيفة فيه حسب ما يجود به الزوج من سنوات الاستضافة..

هذه الفتاة البريئة؛ التي لا تملك من خبرة الحياة شيئا، و لا تعلم عن الحب و المشاعر الرقيقة سوى ما قرأته من روايات أو شاهدته من دراما, هذه الفتاة الآملة خيرا، الواهمة أنها قد وصلت لمناها و حققت مسعاها، ما أشد صدمتها الآتية:

سوف تُصدم مرات و مرات...
فليس هناك عدو واحد؛ بل هو فريق؛ عصبة ..الجميع يتآمرون ، يتكلمون ، يسرون الشر و يخططون للتدمير.

تدمير ماذا؟ تدمير قلب تم بناؤه في خمس و عشرين سنة أو يقل أو يزيد..و تدمير مستقبل تم الإعداد له بدقة و حرص من جانب أبوين رحيمين مكافحين ؛لتحقيق نشوة الانتصار و استغلال حق القوة والأمر و النهى و امتلاك الضعيف .. من وضعته الأقدار تحت ضرس وحش عنيف يتلذذ بقضم الحلوى و يتسلى بإثارة أعصاب الإنسان الحساس الرقيق الذي يسكن معه في المنزل.

سنوات زواجها يمكن اعتبارها جزءاً من الأشغال الشاقة المؤبدة.. أحكى عن ماذا ؟
عن آلامها النفسية من اختلاف الطبائع و سوء الظن و الفظائع؟
أم عن الآلام الجسدية التي تتحملها حملا وولادة و تريبه الأطفال و خدمتهم..
و قد يصاحب هذا كله كفاحها لتحسين أحوال أسرتها المادية و في هذه الحالة تتعرض لمشكلتين إضافيتين:

-         وقوعها تحت ضغط مسئولية العمل و التزاماته، مما يقتطع حتما من صحتها و راحتها النفسية.

-         عدم تعاون الزوج و اعتباره السماح لها بالعمل منة و فضل منه، و أن عليها تعويض الأسرة عن وقت العمل و عدم التقصير في حقوق الجميع ، مع تحملها كافة مسئولية الأولاد خدمتهم و مذاكرتهم و تربيتهم و كل شيء.

-         إرادة الزوج التحكم في الأحوال المادية للمرأة، و اعتباره فرضا عليها أن تنفق كافة ما تكتسبه على الأسرة، و بدون استقلال مادي لها؛ مع أن ذلك ليس عدلا إذ أن عمل المرأة ليس مستقرا، و لا يستديم بها إلى نهاية العمر خاصة إذا كان في شركة استثمارية و ليس قطاعا حكوميا.

-         دورانها في حلقة مفرغة من المسئوليات، و عدم السماح لها بالتقاط الأنفاس، فهي كالعبد الذي يتحكم فيه سيده في كل وقت و حين.

و مع كل هذا؛ فالعجيب أن الأمهات اللاتي يعانين من كل هذا يكررن المأساة مع بناتهن، ليستكملن دورة الذل و العذاب من جيل لجيل؛ و هل هناك من مفر لهذه السلبية المطلقة و الاستسلام الممقوت؟

الاثنين، 23 يوليو 2012

عظات و عبر من سورة القصص

·         آيات الله تعالى و عبره و أيامه فى الأمم السابقة ، إنما يستفيد بها و يستنير المؤمنون، فعلى حسب إيمان العبد تكون عبرته و منفعته، و أن الله تعالى إنما يسوق القصص لأجلهم.
"طسم * تلك آيات الكتاب المبين * نتلو عليك من نبأ موسى و فرعون بالحق لقوم يؤمنون"
·         أن الله إذا أراد أمرا هيأ له الأسباب ، و أتى بها شيئا فشيئا بالتدريج ، و ليس دفعة واحدة، فقد أراد الله أن يمن على الذين استضعفوا فى الأرض من بنى اسرائيل و يجعلهم أئمة و يجعلهم الوارثين، و يتحقق لفرعون ما كان يخشاه و يحذر منه من بنى اسرائيل و هو فقدان ملكه على يد غلام منهم ، و الذى بسببه قتل أبناء بنى اسرائيل عاما بعد عام.   و هيأ لهذا الأسباب من إنقاذ موسى مرتين ؛ الأولى من القتل على يد جنود فرعون وليدا، و نجاته من الغرق بعد أن ألقته أمه فى البحر، و الثانى عندما هرب من بنى اسرائيل بعد أن قتل خطئا واحدا منهم ، ثم ذهابه إلى أهل مدين و مقابلة النبى شعيب و تزوجه من ابنته ثم تلقيه أمر الله و رسالته و رؤيته له سبحانه.
       و انتصار موسى على السحرة ليؤمن به السحرة ،و يعذبهم فرعون حتى الموت ، ثم استكبار فرعون أمام تلك المعجزات البينات ،و إغوائه لقومه و جنوده حتى ماتوا غرقا و نجا بدن فرعون ليكون عظة و دليل شاهد على معجزة الله.
·         الأمة المستضعفة مهما بلغ ضعفها لا ينبغى لها أن تستسلم للكسل عن طلب حقها أو اليأس من النصر خاصة إذا كانت مظلومة ؛كما انقذ الله بنى اسرائيل الأمة الضعيفة من أسر فرعون و مكنهم فى الأرض و أورثهم ديارهم.
·         ما دامت الأمة ذليلة مقهورة لا تنهض لأخذ حقها و لا تتكلم فيه لا يقوم لها من أمر دينها و لا دنياها.
·         لطف الله بأم موسى و تهوينه عليها المصيبة بالبشارة بأن الله سيرد إليها ابنها و يجعله من المرسلين.
·         أن الله يكتب على عبده بعض المشاق ليعطيه سرورا أعظم من ذلك أو يدفع عنه شرا أكثر منه كما قدر على أم موسى الحزن الشديد و الهلع البالغ ،و كان ذلك وسيلة ليصل إليها ابنها بشكل تطمئن به نفسها و تقر بها عينه.
·         الخوف الطبيعى من الخلق لا ينافى الإيمان كما جرى لأم موسى و لموسى.
·         الإيمان يزيد و ينقص ..و إن من أعظم ما يزيد به الإيمان و يتم به اليقين الصبر عند المصائب ،و التثبيت من الله "لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين".
·         من أعظم نعم الله على العبد تثبيته إياه و ربط قلبه عند المخاوف و عند الأمور المذهلة ،فإنه بذلك يتمكن من القول الصواب و الفعل الصحيح بخلاف من استمر قلقه و روعه و انزعاجه فإنه يضيع فكره و يذهل عقله فيعجز عن التصرف.
·         أن العبد و لو عرف القضاء و القدر ووعد الله النافذ الذى لابد منه ؛فلا يهمل الأسباب و لا يكون ذلك منافيا للإيمان بخبر الله و بشارته ،فإن الله وعد أم موسى أن يرده عليها ؛و مع ذلك اجتهدت لترده فأرسلت أخته تحمل أخباره و تحتال لتسترجعه.
·         جواز خروج المرأة فى حوائجها و تكليمها الرجال كما جرى لأخت موسى و ابنتى شعيب.
·         أن الله من رحمته بالعبد الضعيف الذى يريد إكرامه أن يريه من آياته ما يزيد إيمانه كما رد الله موسى لأمه لتعلم أن وعد الله حق.
·         من يقتل النفوس بغير حق و يزعم أنه يريد الإصلاح فى الأرض و تخويف أهل المعاصى إنما هو كاذب و مفسد ، كما جاء على لسان القبطى : "إن تريد إلا أن تكون جبارا فى الأرض و ما تريد أن تكون من المحسنين".
·         الرحمة بالخلق و الإحسان على من يعرف و من لا يعرف من أخلاق الأنبياء ،و من الإحسان سقى الماء و إعانة العاجز.
·         استحباب الدعاء بتبيين الحال و شرحها ،و لو كان الله عالما بها لأنه تعالى يحب تضرع العبد و إظهار ذله و مسكنته "رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير".
·         الحياء من الأخلاق المحمودة ،و المكافأة على الإحسان لم يزل من دأب الأمم السابقين.
·         العبد إذا فعل العمل لله ثم حصل له مكافأة من غير قصد فإنه لا يلام على ذلك ، كما قبل موسى مجازاة صاحب مدين عن معروفه الذى لم يطلب له مقابلا.
·         تجوز خطبة الرجل لابنته الرجل الذى يختاره ،و لا لوم عليه.
·         تجوز الإجارة بالمنفعة لعدة سنوات و تجوز كنوع من المهر.
·         خير الأجراء هو القوى الأمين.
·         من مكارم الأخلاق الإحسان للأجير و عدم تحميله مالا يطيق "و ما أريد أن أشق عليك".
·         من أكبر العقوبات أن يكون الإنسان إماما فى الشر و ذلك بحسب معارضته لآيات الله البينات كما فعل فرعون ،كما أن من أعظم نعم الله على عبده أن يجعله إماما فى الخير هاديا مهديا.
·         عند تزاحم المفسدتين و وجوب اختيار أحدهما فعليه اختيار الأسلم ،كما حدث لموسى حين وقف امام أمرين إما البقاء فى مصر و تعرضه للقتل "قال يا موسى إن القوم يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إنى لك من الناصحين" ،و الذهاب إلى البلدان البعيدة التى لا يعرف طريقها و ليس معه دليل سوى ربه. لكن الاختيار الثانى هو الأسلم ففعله موسى و توكل على الله راجيا هدايته
    "فلما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى أن يهدينى سواء السبيل".

الثلاثاء، 17 يوليو 2012

ماذا لو


خدعوك فقالوا أن القلق مكتوب عليك، فلا الثقافة و لا المعرفة و لا الإدراك و لا السلوك يحتم على الإنسان أن يمضى فى عالم القلق الذى يدمر صحته و ثقته بنفسه و إنتاجيته.
تعريف القلق:
هو سلسلة من الافكار و الهواجس و التخيلات السلبية التى تقتحم العقل الواعى بطريقة لا سلطان له عليها.
و مرض القلق هم الذين يزيد لديهم القلق بنسبة 50% أو أكثر يوميا و يشعرون بأنهم يعيشون مشكلة مستمرة لا نهاية لها.
و تكشف الدراسات أن النساء يقعن فريسة للقلق أكثر من الرجال بنسبة 2:3 ، و هذا لا يعنى أن الرجال لا يقلقون؛ فيظهر تقرير المعهد القومى للصحة النفسية أن 13 مليونا من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من الفوبيا أو عقدة الخوف الى جانب الاضطرابات الناشئة عن القلق مثل نوبات الذعر و الاضطرابات الصحية.

سيناريوهات القلق:
غالبا ما يحتوى سيناريو القلق العبارات الآتية:
"ماذا لو"
"لا استطيع"
"تلك غلطتى أنا"
"كم أنا فاشل"
"ماذا سيظن الناس بى لو"
"لابد لى أن"
و ذلك نتيجة لسيطرة أحد ثلاث نقائص قد يشعر بها الإنسان و هى نقص احترام الذات و الشعور بقيمتها، نقص الثقة بالنفس، نقص فى القدرة على اتخاذ القرار و حل المشكلات و الاستياء من كل شيء.

الوسائل الخمس المقترحة للتغلب على القلق:
·         فتش عن السبب الحقيقى وراء القلق
·         اعرف الحلول و البدائل المتاحة أمامك
·         ضع تصورا محددا لأهدافك
·         حاول المجازفة و لا تخشاها
·         دع المشاكل تمر
إذا تعلمت كيف تستخدم هذه الأدوات الاستخدام الأمثل فسوف تكتسب المهارة و تفلت من الوقوع فى فخ القلق.
و لكن هل كل القلق سيئ بالطبع لا...

لؤلؤة القلق:
انهم يطلقون على القلق النافع مسمى "لؤلؤة القلق" لأن مراحل تكوينه تنطبق مع مراحل تكوين اللؤلؤ داخل المحارة. حين تتسلل حبة من الرمال داخل المحارة المنيعة سرعان ما تفرز سائلا واقيا لها يحميها من التهيج و يتكون طبقة فوق طبقة حتى تنتج فى النهاية لؤلؤة نفيسة غاية فى الروعة و الإبداع...و المحفز الأساسى وراء تكوينها هى تلك الحصاة غير المرغوبة!
و هكذا حين يقودك القلق إلى القيام بتغيير سلوكك للبحث عن حل للمشاكل و يستنهض الهمة لاتخاذ خطوات نحو الطريق السليم ؛فسوف تكون النتائج إيجابية عظيمة النفع ،أما الدخول فى دوامة القلق فهو الدمار لأنها تدور بالشخص و تخيب توقعاته فيزداد الغضب و الاكتئاب.

القلق و الصحة:
و لننظر إلى أقوال من يعانون من القلق لنرى مدى معاناتهم:
-          إنه يجعلنى أوجه لنفسى نقدا قاسيا بلا رحمة
-          إن القلق يجعلنى إنسانا فوضويا
-          القلق يشل تفكيرى و مشاعرى
-          القلق يصيبنى بالصداع الدائم
إذن فالمعادلة هى قلق زائد = تدهور فى الصحة
إن الفرع الجديد من فروع العلم الذى يطلق عليه "علم مناعة النفس" أوجد دليلا على أن العواطف و أسلوب التفكير و نقص القدرة على التكيف  قد تضر الجهاز المناعى أكبر الضرر.فعندما ينتابك القلق تفكر بشكل سلبى يقضى على أى قدرة لجسمك على محاربة الأمراض.
و الضغط العصبى أو الإرهاق الجسمانى يتسبب فى إفراز هرمون لو زاد أو قل عن المعدل الطبيعى فإن جهاز المناعة يضعف جدا ، فالمشاعر تلعب دورا مزدوجا : فهى التى تستثير إفراز الهرمونات ثم تتأثر بها.

أسلوب "ماذا لو..ماذا يهم" للتغلب على القلق
نفترض ذلك الحديث النفسى القلق بخصوص مظهر الشخص:
ماذا لو كان شكل أنفى كبيرا...سوف يحملق الناس فى.. و ماذا يهم؟
سوف أشعر بالإحراج و الضيق... ماذا يهم؟
سوف أتخلص من هذا الشعور فلا عيب أن أشعر بقليل من الضيق و سأتغلب على الحرج بعلاقاتى الطيبة مع الناس و اندماجى معهم.
و يمكن كتابة بعض الإثباتات لإقناع النفس مثل:
أنفى شكله مقبول و لا عيب فيه – لى ابتسامة جذابة – أنا أحب الناس....
و بتلك الطريقة الذاتية فى مواجهة المشكلة و تبسيطها إلى أقصى درجة، و تقبل الامور المسببة للقلق بجميع احتمالاتها تتكشف أمامنا الحلول السهلة المتاحة و يزول القلق قبل أن يزيد و يتفاقم.
و طريقة "ماذا لو..ماذا يهم" توضح الدوافع الخفية وراء القلق و يجعلها تمر بسلام دون أن تتحول إلى ذكريات ثابتة فى أعماق النفس.
فالعقل الباطن لكى يهون وقع القلق و الخوف ،و يريح من ألم المواجهة مع الحقائق يتبع أسلوبا يسميه علماء النفس بظاهرة الإنكار ،وطريقة "ماذا يهم" هى للمصارحة بالأسباب الحقيقية و مقاومة الإنكار.

استخدم العقل الباطن و تمتع بالصحة:
قدم الدكتور "ديباك كويرا" فى كتابه "مراحل الشفاء" الدليل القوى على صحة ما يقوم به لاعبو اليوجا فى الهند ، و هى أن للجسم عقله الخاص..
حيث تقوم كل خلية فى الجسم بأداء وظيفتها لتحقيق الهدف المنشود ، فإذا مرض أحد أعضاء الجسم علمت باقى الأعضاء و سارعت لنجدته على الفور ؛و بناء على ذلك فإنك عندما تسمح لجسمك بقدر من الراحة و الاسترخاء و توحى لنفسك بأنك بخير و بصحة جيدة ، ثم تغير أسلوب تفكيرك سرعان ما تسرى هذه الرسالة  فى كافة أنحاء جسمك فتسارع باقى الأعضاء بالاستجابة.
مثال : إذا كنت تعانى من الصداع فاكتب:
"أنا لا أشعر بأى أثر للصداع"...ثم رتب الأفكار الآتية:
-          تصور نفسك و أنت تعانى من الصداع و قد احمر وجهك و ظهرت الهالات السوداء حول عينيك.
-          تخيل نفسك  ترسم علامة × فوق تلك الصورة البشعة.
-          تصور وجهك الآن و قد استرد عافيته و نضارته و اللون الوردى الناطق بالقوة.
-          اجلس و استرخ و عش تلك التصورات حتى تثبت لنفسك أن الصداع فارقك نهائيا.
و هذا التمرين ينصح به بعد أن تكون اتخذت العلاج الدوائى المناسب لأن التمرين مكمل للعلاج من خلال تحسين الحالة النفسية و استعادة الهدوء و طرد القلق الذى قد يؤخر الشفاء.
كما أن إدراج رياضة المشي ضمن جدول الأعمال اليومى ،فرياضة المشي تحفز الجسم على افراز هرمونات تقضى على القلق.

المرجع: كتاب كيف تتخلصين من القلق ،تأليف جين و روبرت هاندلى و آخرون ترجمة سهير محفوظ