السبت، 19 ديسمبر 2009

هل تستسلم؟

برامج الأطفال موجهة بالدرجة الأولى للأطفال، و بالتالي يغلب عليها طابع الإبهار و الحركة و الألوان التى تجتذب الأطفال و تربطهم بجانب التلفزيون ساعات طويلة بلا كلل و لا ملل.

و بالتالي فالعنصر المميز لها هو الشكل ، فماذا عن المضمون؟ أي الأفكار التي تتناولها تلك البرامج الحلقات المسلسلة؟



معظمها مدبلج أو مترجم أي أن الفكرة و التصميم و التنفيذ تم في الخارج و بالتالي فإن المضمون يحتاج بالضرورة إلى فلترة و تنقيح لتناسب المجتمع الشرقي و الإسلامي بآدابه و قيمة و عقائده.



و على الآباء و الأمهات مسئولية كبيرة في متابعة و مراقبة ما تقع عليه عيون أطفالهم و اختيار الملائم لهم و صرفهم عن البرامج التي قد تؤثر على سلوكهم بالصفات السلبية مثل العنف و الأصوات العالية و الصراخ و غيره.



و من تلك البرامج ما يجتذب الكبار و الصغار سواء لفكرتها أو لطرافتها و ما تسببه للكبار من نسيان لمشاكل الحياة و الاندماج فى عالم الطفولة البرئ و عالم الخيال و اللامعقول.



و مثال لذلك حلقات "الساموراى جاك": و كما يتضح من اسمها هى حكايات أسطورية، و الساموراى هو البطل المحارب فى اليايان ، أما شخصية الساموراى جاك باختصار: هو محارب ينتمى إلى طائفة النبلاء ؛ و ضئيل الحجم ، يميزه خصلة من الشعر يربطها خلف رأسه و يرتدى دائما الكمونو اليابانى الشهير و يرتدى قبقاباً خشبياً بسيط ، يستعين دائما بسيفه المسنون الذي ورثه عن والده و الذي لا ينكسر أبدا.. هذا من الناحية الشكلية ، أما شخصيته - و هي الأهم- فهي أخلاق المحارب الذي يقاتل خصمه بشرف و يسعى إلى نصرة الضعيف و تتميز حلقاته بالجانب الإنساني إلى الجانب الكوميدي.



و مثل جميع أنواعا الدراما؛ أساسها الصراع بين الخير و الشر و الشر هنا يتمثل فى الشرير "أكو" – و معناها شيطان باللغة اليابانية- الذي اسقط الساموراى جاك في بعد زمني آخر لكي يخلو له المجال للسيطرة على العالم بشره.



و فى أحد الحلقات المسلسلة نجد الساموراى جاك يتقابل مع ثلاث شيوخ كبار يبدو عليهم الاحترام و الحكمة و الإجلال هم الباحثون عن الحقيقة يعرفون أنها هناك فوق عند جبل عال جدا تتوسط قمته السحب العالية حيث الصقيع و الثلوج و التي لم يتمكن بشر من الوصول إليها من قبل؛ و لذلك عاشوا عمرهم كله يتدربون على كيفية الصعود للوصول إلى الحقيقة.

و لهذا مدلول كبير عن قيمة الحقيقة و تعلم الثبات و عدم الاستسلام أبدا مهما كانت الصعوبات.

و من أجمل المشاهد عندما وقع الساموراى من شدة البرد و بعد مقاومة كبيرة لأحد الوحوش الرابضة هناك في الجبل و حدث نفسه قائلا:"إن هذا مستحيل" و هي الكلمة التي ينبغي أن ينساها أي شخص يريد الوصول للقمة و تحقيق هدفه فنظر إليه أحد الشيوخ الحكماء قائلا "هل تستسلم؟"



هنا تذكر السامورى الذل الذي يعيش فيه قومه تحت سيطرة الشرير و ضرورة التحمل و استعادة القوة مرة أخرى للوقوف فى وجه الشر مهما كان الثمن.


و بالطبع ينجح المحارب الشجاع و يصل إلى هدفه...

هل نحن الآن نحتاج إلى تعلم الحكمة و الصبر من الساموراى جاك؟ هل نحتاج إلى صيحة مثل صيحة النينجا تيرتلز "قوة السلاحف" لكى نتحد؟

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2009

تلبيس إبليس

التلبيس هو إظهار الباطل في صورة الحق و هو من أهداف الشيطان للإيقاع بالمؤمن في براثن الآثام أعاذنا الله منه، فالشيطان عدو متربص بالإنسان فلا يزال يدور و يدور حول حصن قلبه ليقتحمه من أي مدخل و لهذا أمرنا الله تعالي بالحذر منه و عدم إتباع خطواته؛ فإنما هو يعد الفقر و يأمر بالفحشاء و المنكر و هو العدو المبين من قديم الأزل ؛ ويصل إلى ذلك بطريقتين الإفراط (الزيادة) و التفريط (التقصير) فلا يصح الإفراط و المغالاة التي تؤدي إلى البدع و لا التفريط المؤدى إلى التقصير , في الحالتين سيحقق الشيطان هدفه إلا من عصم الله من المؤمنين الثابتين من الأمة الوسط المتبعة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و الأمثلة على ذلك كثيرة:

الطهارة و الوضوء: دفع الشيطان بعض الناس إلى التقصير في واجبات الطهارة، فترى أحدهم لا يستكمل غسل المرفقين والكعبين عند الوضوء، بينما جاوز آخرون ذلك فوقعوا في الوسوسة.

الطعام و الشراب: فقد يقصر قوم من الزهاد في تناول ما يحتاجونه من الطعام والشراب إلى حد الضرر و الإلقاء بالنفس في التهلكة ، وتجاوز آخرون إلى حد التخمة و الإسراف.

الاختلاط بالناس: بعض الناس يعتزل الناس حتى في الطاعات كالجمعة والجماعات والجهاد ومجالس العلم، وآخرون خالطوا الناس حتى أصبحوا كل همهم و شغلهم الشاغل لا يكادون يجدون الوقت للذكر و العبادة.

و الشيطان يزين للناس بعض المحرمات فيقعون بها خاصة النساء و مثال ذلك:

  1. الخروج بدون إذن زوجها و تقول أنها لا تخرج في معصية مع أن خروجها نفسه بدون إذنه معصية
  2. عدم الحداد على الزوج مع أن الزوج ينبغي على المسلمة الحداد على زوجها أربعة أشهر و عشراً فلا تتطيب و لا تخرج إلا لحاجة
  3. التفريط في مال زوجها مع أنها لا يحل لا أن تخرج شيئاً من بيته إلا بإذنه

و القرآن يذكر بعض الأمثلة لأساليب التحايل الشيطانية مثل لجوء بعض الأزواج لحبس و إيذاء الزوجة بدلا من تطليقها إذا كان لا يريدها و ذلك للتهرب من نفقتها الشرعية فيدفعها إلى طلب الطلاق أو الخلع لترد إليه المهر و يذهب بما آتاها من قبل عندما تزوجها بدون ذنب فعلته.

و من حيل الشيطان الماكرة أيضاً طول الأمل و التسويف أي التأجيل فيكون ذلك سبباً في التقصير في الخير و الثبات على الشر إلى أن يأتي الأجل المحتوم حيث لا ينفع الندم ، قال تعالى: "و لن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها"

و مثال شائع للتسويف أن يؤجل الإنسان الحج مع القدرة الصحية و المادية على أدائه حتى يتزوج الأبناء و يؤمن مستقبلهم مع أن الحج فريضة واجبة ، أو أن ينشغل بجمع المال طوال يومه و فوق احتياجاته متعللاً بأن العمل عبادة فلا يفرغ ليتعلم دينه و يعمل لآخرته قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر الله".

فمثل هذا الذي يريد أن يتحايل على الله يخادع ربه و هو سبحانه خادعه إذ يسلط عليه شيطانا قريناً له يلازمه في كل وقت، يزين له المعاصي و يفتح له أبواباً واسعة من الضلال و الغي ، وقانا الله و إياكم من همزات الشياطين.


 

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2009

وظائف و لكن

حدود الله واضحة؛ فمن تعداها و استهان بها فقد عرض دينه - الذي هو عصمة أمره و أساس حياته- للضياع.....

و للاقتراب من تلك الحدود خطورة كبرى؛ فإن الشيطان لا يزال يزيح الإنسان خطوة خطوة ليقترب من تلك الحدود و تحدث المصيبة الكبرى إذا تخطاها؛ فالشيطان بخبثه لا يزين المعصية بقبحها و سوءها كما هي، بل يغلفها ببعض الأسباب الإنسانية أو الدينية التي تبرر له تعدى و تخطى تلك الأمور الحدودية فإذا به يفاجأ بأن قدمه انزلقت في دوامة الخطأ حيث يصعب الرجوع و يكون الثمن فادحا من إيمان و سعادة و كرامة ذلك الإنسان؛ بل قد يعيش عمره كله محطم النفس منهار البنيان لا يزال يتذكر كيف تحولت حياته و كيف استبدل نعمة الله و رضاه بنقمته و البعد عنه؛ و من تركه الله و أوكله لنفسه فإنه ضعيف، و من يحل عليه غضب الله فقد هوى..

و في الأعمال و الوظائف قد توجد شبهة إذا كان العمل ضمن فريق معين - و كان هذا العمل يغضب الله بلا شك - مثل العمل في تقديم المشروبات في الملاهي، و جميع القائمين بأعمال التصوير و المونتاج و الإخراج و غيره لأفلام رديئة؛ فهم جميعا سبب مباشر أو غير مباشر في اكتمال العمل.


 

أما مراكز التجميل فهي من أكثر الأشغال شبهة بما تحتويه من تغيير لخلق الله و تشجيع على التبرج و كشف الزينة و اختلاط النساء بشكل غير لائق كالمساج و التدليك و غيره من الأمور القبيحة، حتى في الإعلان عنها غالبا ما يستعينون بصور بها فتنة و خلاعة أي أنها كلها ذنوب.


 

و مثل تلك الأعمال مالها حرام و ليس فيه بركة؛ و التشجيع عليه غير مناسب لأي شخص يرعى حدود الله و يغير على دينه.


 

و خير للإنسان أن يراقب الله في الوظيفة التي يعمل فيها أو يخطط للالتحاق بها، فيبارك الله له في ماله و مستقبله...

و أن يراقبه في تعاملاته للناس: فيحب الشخص لا يحبه إلا لله ، و العكس صحيح.. و أن يعامله بما يليق به من احترام أو احتقار حسب التزامه بالدين، فلو أن المذنب رأى نظرات الاستياء و معاملة الجفاء ممن حوله لخجل من نفسه و امتنع عن الاستمرار فيما هو عليه.

كما أن الأخلاق السيئة تعدى و تنتشر كالمرض الخبيث حتى تدمر المجتمع بأسره من نواة واحدة فاسدة، فكيف يخاطر الإنسان باختلاطه بأصدقاء دون المستوى لأي سبب من الأسباب؟ فلن يأتي من ورائهم خير أبداً ، كيف يضمن قلبه و القلوب بيد الله؛ و الله يحول بين المرء و قلبه ، هو مقلبها كيف يشاء.. فليتق الله ربه و يترك مواطن الشبهات ؛ فمن ترك شيئاً لله عوضه الله بأفضل منه..


 

ثم إن الأصدقاء الذين هم في مستوى ديني عالٍ أفضل لأنهم سوف يجذبونه إلى سبل الخير و يكونون قدوة صالحة له.


 

و قد يستمع إلى هولاء الذين هم أقل منه دينيا؛ فيميل إليهم ثم إلى يستمع إلى الآخرين فيميل إليهم فيكون مصيره التذبذب و عدم الاستقرار.


 

"إن الحلال بين وإن الحـرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام كـالراعي يـرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه ألا وهي الـقـلب " حديث شريف


 

المقال القادم : تلبيس إبليس.. و فيه نتعرض لأمثلة أخرى من الأمور المتشابهة

الاثنين، 7 ديسمبر 2009

تحليل منطقى

"و لا تقف ما ليس لك به علم إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"


ماذا تفعل لو:

دخلت على facebook لأحد أصدقائك فوجدت بروفايلك فى قائمة هذا الصديق و قد جاورته بروفايل "صورة" لفتاة دون المستوى اللائق ؟

  1. تحزن و تتحسر على هذا الصديق فقط
  2. تشعر بالخجل و الضيق إذ أن وجود اسمك بين نوعيات تلك الفتاة "صديقة صديقك" يعتبر شبهة و تتجنب دخول الانترنت.
  3. تحدث صديقك بصراحة عن استيائك من مثل تلك الصداقات
  4. تهدد بقطع الاتصالات إذا استمر الحال على ما هو عليه
  5. تقوم بحذف هذا الصديق فورا
  6. لا تهتم بالأمر و تقول "هذه حرية شخصية"


    الآن ننتقل إلى تحليل شخصيتك في كل حالة:

    1. أنت سلبي جدا و الساكت عن الحق شيطان أخرس ثم إنك لا تلبث أن تتأثر معاملتك لصديقك ضمنيا بما تحتويه نفسك من استنكار، كما أنك لم تفد هذا الصديق بل آذيته بعدم إرشاده.
    2. أنت من النوع المحافظ الذي لا يتجاوز أبدا في أوامر الله و نواهيه و هذا الشعور طبيعى جداً، و اتقاء الشر كله أطهر و أنفع للإنسان، أنت تغضب فى سبيل الله و غيرتك لله و سوف يكافئك الله على هذا و يعوضك وقتك الذى أضعته بحسن نية فى سبيل نصيحة أهملت أو فكرة أستهين بها ، و لكن ينبغى الاتعاظ فيما بعد فليس كل الناس فى إخلاصك و نقائك..
    3. أنت صريح و صادق، و الصراحة أفضل بكثير، و هذا هو الحل الوسط بين غضبك؛ و حرصك على مصلحة صديقك و إرشاده للصواب.
    4. أنت إنسان شديد فى الحق و تتخذ المواقف الحاسمة.
    5. أنت إنسان قوى، و لكنك تجد الجرأة الكافية لفقد أصدقائك بسهولة و هذا لا يتفق مع الأصالة و الوفاء.
    6. أنت إنسان بلا هوية و لا رأى و لا موقف و ستعيش دون أن تؤثر في الحياة شيئاً.


و الآن نستعرض المواقف المحتملة لرد فعل الصديق في كل حالة

الحالة الاولى و الثانية ... السكوت

  1. الاستمرار فى تلك الصداقات الرديئة.... احتمال كبير
  2. ان يعلمه الزمان أن غض البصر و اتقاء الشبهات فريضة... احتمال وارد بعد فترة.

الحالة الثالثة... التنويه فقط

  1. يغضب و يشحذ همته و يشهر سيفه مستخدما جميع أنواع الدفاع عن النفس و الهجوم على الخصم و لا يعترف ولو بجزء من خطأ ... قد تكون النصيحة جاءت بشكل عنيف مما دفعه لهذا السلوك العدواني لذا يجب التحدث إليه برفق لأن ذلك هو السبيل الوحيد لإقناعه... احتمال وسط
  2. يختلق الأعذار الواهية ليخفى خجله من المواجهة، مع ضيق خفي منك لجرأتك و تدخلك في ما يخصه. و لكنه قد يقتنع في قرارة نفسه.... احتمال وسط

الحالة الرابعة...التنويه و التحذير

  1. يستهين بكلامك و يظهر لك عدم اهتمامه بفقد صداقتك برغم من أن هذا سوف يؤثر فيه و لا شك و لكنه العناد و التكبر... احتمال كبير
  2. يستجيب و يحرص على مشاعرك و يقدر موقفك...احتمال بسيط

الحالة الخامسة... تنفيذ بدون سابق إنذار

سوف يتعجب الصديق لاختفائك، و قد لا يهتم، و قد يقلقه هذا الاختفاء لفترة ثم ينسى الأمر كله.

الحالة السادسة... منتهى السلبية

يبقى الحال على ما هو عليه.


الخاتمة:

إخوتي.. النصيحة الأزلية –أقولها لنفسي قبل أن أقولها لأي إنسان- أصلح ما بينك و بين الله ينصلح حالك، إنك إن تجاوزت - و لو بشيء قليل- سينالك غضب و بعد عن الله و ما أسوأ ذلك و ما أشد ضرره عليك.

كثيرا ما تعجبت بيني و بين نفسي؛ إذ أن من عادتي أن أدعو لإخوتي و أصدقائي عندما أعلم أمنياتهم - أدعو بصدق و تضرع إلى الله - فلا يمضى وقت طويل قبل أن تستجاب الدعوة و يبشرني من دعوت له بتحقق الأماني بكل الفرحة.

و لكن هناك حالات استثنائية و هي التي أتعجب منها الآن... ربما تكون الآن قد خمنت السبب ..

من يتقى الله يجعل له من أمره يسرا و يرزقه من حيث لا يحتسب، و من يتهاون في ذلك هان على الله و لا ينفعه حينئذ أخ و لا صديق...

"إنك لا تهدى من أحببت و لكن الله يهدى من يشاء"


و ندعو بمثل ما دعا به نوح عليه السلام عندما سأل ربه لحظة الطوفان أن ينجى ابنه و قد شاهده يصارع الأمواج، فأخبره الله أنه عمل غير صالح و نهاه أن يسأله ما لا يعلم، فاستغفر ربه و أناب...

"قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم و إلا تغفر لي و ترحمني أكن من الخاسرين"


الخميس، 3 ديسمبر 2009

نضرة النعيم

الوجه هو عنوان الشخص و من نظراته تنعكس ما بداخل الشخص من مشاعر و نوايا.

و ما تسعى إليه الفتيات و النساء من تجميل و ماسكات للبشرة و إزالة التجاعيد وشد الوجه للعجائز منهن هدفها جعل الوجه مضيئا و صافياً خاليا من الشوائب، و من أجل هذا يبذلن الكثير و الكثير، و يبتدعن الطرق المختلفة مستخدمات الأعشاب و الخامات الطبيعية مرة، و المواد الطبية مرة أخرى.

و مع ذلك تجد الوجوه معظمها خالية من النضرة تفتقد بريق الحياة و نور الإيمان.

و كيف ينضر وجه من لم يقبل على الله و يتوجه إليه بإخلاص؛ بل ظل محملاً بالهموم الدنيوية الفانية ناظرا إلى موضع قدميه من متاع زائل؛ قلبه قاس تراه مقطب الحاجبين زائغ العينين تملؤه أحقاد و مطامع لا تنتهي.

إن أجمل الوجوه هي الوجوه الناضرة التي ينيرها نور الإيمان و تجملها الطاعة و يشع منها الرضا، و التي لا تزال ناضرة إلى أن تلقى الله بقلب سليم....

و قد ذكر الله الوجوه الناضرة و الوجوه البيضاء و الوجوه الناعمة و الوجوه المسفرة أي الضاحكة المستبشرة ...

"تعرف في وجوههم نضرة النعيم" أى ترى النضرة في الوجه والسرور في القلب.

و ذكر أمثلة لوجوه أخرى على النقيض للعصاه الظالمين يوم القيامة، فمنها الوجوه السوداء و الوجوه الباسرة و التي عليها غبرة..

"يوم تبيض وجوه و تسود وجوه"

هل هناك أسود من ظلمة ليل بلا قمر يضيئه؟ إن الكافرين تكون وجوهم كأنها قطعة مظلمة من الليل؛ و ما أشد تلك العقوبة، فمن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور:

"كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما"

و قد عبر الله تعالى عن الناس بأصنافها يوم القيامة بالوجوه لتظهر قسماتها ما بداخلها و تكون الصورة مكتملة في مشهد من مشاهد يوم الحساب:

"وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية في جنة عالية"

و توجيه الوجه و القلب إلى الله علامة الإخلاص و التمسك بالدين و حسن العاقبة.

"و من يسلم وجهه إلى الله و هو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى و إلى الله عاقبة الأمور"

نسأل الله أن ينير وجوهنا بنور وجهه الكريم و أن يجيرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة.

اللهم اجعل لي في وجهي نورا و في قلبي نورا و في لساني نورا.. اللهم أعظم لي نورا

الخميس، 26 نوفمبر 2009

لبيك و سعديك و الخير كله بيديك

لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك لبيك و سعديك و الخير كله بيديك

قال تعالى فى كتابه العزيز "فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم و ارزقهم من الثمرات" - سورة الحج

و لقد أجيبت دعوة سيدنا ابراهيم الخليل فما إن يجئ موسم الحج حتى يشتاق المسلمون جميعا سواء من حج من قبل أو لم يحج بيت الله و تهفو القلوب و تتطلع لرؤية الكعبة المشرفة و الانضمام لضيوف الرحمن للفوز بالمغفرة و الرضوان فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

نردد هذا النداء الخالد " لبيك اللهم لبيك" في يوم عرفه مع الذين أسعدهم الله بزيارة بيته و الوقوف بين يدي رحمته في جبل عرفات فى نهاية الأيام العشر الأولى لذي الحجة و التي يستحب صومها و الإكثار من التهليل و التكبير و التحميد و سائر الأعمال الصالحة لمشاركة الحجاج ذكر الله تعالى و التهيئة النفسية للنحر و ذبح الأضحية يوم العيد فى هذا الجو الروحاني الرائع حيث نتذكر رحمة الله بخليله ابراهيم و ابنه اسماعيل بعد أن صدق الرؤيا و آثر طاعة الله على غريزة حب الولد و الذي رزقه الله به على كبر سنه و سن زوجه حيث قال الابن البار لوالده (.يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) و لما استسلما لإرادة الله و أدار الابن وجهه لئلا يتأثر سيدنا ابراهيم أثناء الذبح حينئذ فداه الله تعالى بذبح عظيم ؛ فيا للكرم و الجود و الرحمة ، نتذكر هذا فنطمع فى عفو الله حين يباهى بالحجاج الملائكة : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "يهبط الله إلى السماء الدنيا عشية عرفة ثم يباهى بكم الملائكة فيقول : هؤلاء عبادي جاءوني شعثاً من كل فج عميق يرجون رحمتى و مغفرتى ، فلو كانت ذنوبهم كعدد الرمل لغفرتها ، أفيضوا عبادي مغفوراً لكم و لمن شفعتم فيه )

و نرجم الشيطان.. ذلك العدو القديم ؛ نضحك عليه كما ضحك الرسول صلى الله عليه و سلم في المزدلفة و قال: ( إن إبليس حين علم أن الله قد غفر لأمتي و استجاب دعائي ، هوى يحثي التراب على رأسه و يدعو بالويل و الثبور فضحكت من الخبيث من جزعه )

في يوم عرفة لا يتوقف الدعاء و تظل الألسنة تلهج بذكر الله في خير الأيام- يوم الحج الأعظم- ليتذكر الناس يوم الحشر حيث الأعداد لا نهائية من البشر من كل صوب و حدب من كل الأجناس و الأشكال حيث الهدف واحد و القبلة واحدة و المناسك واحدة كل يرجو رحمه الله و يخشى عذابه يسألون أكرم من سئل و أجود من أعطى ؛ هناك حيث الجميع متساوين متجردون من زينة الحياة الدنيا و متاعها فهم ضيوف الرحمن و حق على المضيف أن يكرم ضيفه.

حقاً إن القلوب تهوى مكة؛ و إليها تشتاق و تتطلع؛ و الزرق فيها وفير و كذلك الأمن و السكينة بينما يتخطف الناس من حول هذا الحرم الآمن كما قال الله تعالى "أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمنًا و يتخطف الناس من حولهم".


نقول من أعماق القلب: لبيك وسعديك والخير كله بيديك والشر ليس إليك نحن بك وإليك تباركت وتعاليت نستغفرك ونتوب إليك.


 

الاثنين، 16 نوفمبر 2009

الصداقة

هل صداقة هذه الأيام مثل صداقة زمان؟ فيما اختلف مفهوم الصداقة بين الماضي و الحاضر؟

بالطبع الصداقة في الأيام السابقة كانت أوفر و أعمق؛ مثلها مثل كل الأشياء الجميلة في انتقاص.. و لكن أسباب الصداقة و استمرارها عامل مشترك بين الأجيال كما نرى في تلك المقالة للكاتب "أحمد أمين" فى كتابة فيض الخاطر...


 

"الظاهر أن أساسها (يعنى الصداقة) تناسب المزاج، فقد يكون المزاجان متناسبين و هما مختلفان كأن يكون أحد الصديقين قوى الشخصية و الآخر ضعيفها، فكل يرى أن الآخر يكمل نفسه و لو كانا قويي الشخصية أو ضعيفيها لتنافرا بل اعلم أنه فى كثير من الأحيان تسوء العائلة و يكثر الشقاق لأن كلا من الزوجين قوى الشخصية و لو اختلفا في الشخصية لاتفقا ، و أحيانا يكون أساس الصداقة وحدة الغرض.

و يلعب لعبا كبيرا في هذه الصداقة القدر، فقد يتصادق اثنان لأنهما تقابلا في قطار أو وليمة أو نحو ذلك ، و كانا لا يتصادقان لو لم يحدث هذا الحادث المفاجئ.

و يلاحظ ان الصداقة أنواع: فقد يكفى فى تكوينها وقوع النظر على النظر ، أو المحادثة من أول كلمة فتكون كشعلة النار تلتهب التهابا سريعاً، و قد تكون الصداقة متكونة على طول الزمن و ربما كانت هذه أحسن.

و كثير ما يفسد الصداقة سوء الظن أو تغير الحال، و من أغرب ما يضعف الصداقة أن تكون مبنية على العقل لا العاطفة.

و أسوأ ما يفسد الصداقة أنانية أحد الصديقين فهو يريد أن يتحكم في صديقه و ليس يسمح لصديقه أن يتحكم مرة واحدة في حياته.

و علاقة الصداقة الطيبة ارتياح الصديق لصديقه، و الاطمئنان عليه و عد ساعات الوصال أسعد من الاجتماع بآلاف المعارف، ثم يشعر هذا الصديق بما يشعر به المحب من فرحة الوصال و ألم الفراق، لا أن يتركه لمجرد المصادفة فيهش (يسعد) حين يراه و لا يذكره حين يغيب عنه.

و من أكثر أسباب الألفة وجود النفس المرحة في الصديقين أو أحدهما فذلك يفيض على الصداقة سرورا و بهجة...

ما أكثر أسفى لو فقدت صديقي، و ما أكثر فرحى لو عثرت على صديق بمعنى الكلمة.. و لكن تمر الأيام و يفقد بعض الأصدقاء و يقل تقويم بعضهم..

و ما الحياة بلا صديق؟ إنها عيش فى صحراء أو حمام ناعم بلا ماء."