الجمعة، 26 فبراير 2010

العائشة في الوهم

"العائش في الحقيقة" .. عنوان قصة لنجيب محفوظ ، و قصة اليوم هي "العائشة في الوهم"

من بريد الأهرام التقطت تلك القصة المؤثرة؛ و التي جاءت ردود قرائها كثيرة و عميقة المعاني...

إنسانة في الستين من عمرها لم تتزوج وفاء لحب قديم لم يكتب له الاستمرار و كانت نهايته على يد والدها بالرفض التام .. و لما يأس المحب و أدرك أنه لا أمل في تغيير موقف والدها؛ تزوج من أخرى ...


أما هى فلم تجد ما يزحزح مكانة هذا الحب فى قلبها ، و لأن الحب لا يسكن قلبا مسكونا؛ فلم يستطع أى شخص آخر الوصول إلى مفاتيح قلبها الذى أغلقته على ذكرى الحبيب الأول ، و رفضت من يتقدمون إليها تباعا.

و الغريب أنها استكملت حياتها المهنية بنجاح كأن هناك من يدفعها و يشجعها، و لكن الحقيقة أنها ذكريات الحب القديم.. و التى لا تزال تحيا بها لدرجة أنها تضئ الشموع و تناجى حبيبها فى خاطرها و حاضرها فهى –على حد تعبيرها- امرأة فى سن الستين تمتلك قلب فتاة فى العشرين.


و يستوقفنا هنا سؤال : لماذا تكون المرأة أشد وفاء لذكريات حب مضى؟ لماذا تعيد استعراض شريط الأحداث فى الصباح و المساء؛ و تلاحقها كلمات من تحب فى كل وقت.. فى وعيها و فى حلمها؛ فى انشغالها و فراغها.. لماذا تحيط بها حلقات المشاعر من جميع الجهات فلا هى تتركها لتنجو بنفسها من توقف الزمن و لا هى تعطيها تذكرة العبور إلى مرحلة أخرى مستقرة؟

أما الرجل فما أسرع ما ينسى.. ربما فى اليوم التالى.. ربما فى مساء نفس اليوم الذى تحدث فيه.. كأن الكلمات كانت قطرات ندى أدركها الصباح فتبخرت بلا أى أثر عنده... لماذا التغيير سمة رئيسية فى حياتهم؟ يعيشون بمبدأ الإحلال و التجديد أي نظرية الإزاحة : عندما يأتي حب جديد يزيح الحب القديم إلى الخارج بكل سهولة و يسر و ليس "بشق الأنفس" كما تشعر المرأة.


و لهذه المرأة أقول: لقد عشت وهما و أضعت عمرا .. كم كان إخلاصك ووفائك النادر الذي لا يستحقه أى رجل.. و لأنك تجهلين؛ فقد عشت سعيدة ... كان قدرك أن تجددى ذكرياتك الجميلة بدلا من استبدالها بأخرى حزينة و اخترتى أن تعيشى في الخيال مع أشباح مضت على أن تكوني في واقع ملئ بالكذب و الخداع.

ما الذي يفرق بين النساء سناً ؟ إنها معرفة الحقائق المرة و آثار الصدمات التي تلقى الظلال الكئيبة على الوجوه فيعلوها الحزن و البؤس.

هل معنى هذا أن الإنسانة التي تظل تحب إلى الأبد هي التي انتهت قصتها قبل أن تبدأ ؟

إنها لم تكن تريد أن يخلص لها من أحبت بمثل هذا الشكل، و لم تنتظر مقابل هذا الحب فقط عاشت بالحب ليفيض خيرا و نجاحا عليها.


أجمل ما فى القصة أن هذه الإنسانة راضية بقدرها و لم تسخط على وضعها؛ فما أدراها أن ارتباطها بهذا الشخص كان سيحقق لها ما عاشت فيه من السعادة طوال هذه السنوات... حقاً "لوعلمتم الغيب لاخترتم الواقع"


http://www.ahram.org.eg/39/2010/01/08/15/2589.aspx

الثلاثاء، 23 فبراير 2010

صدى الصمت

صدى الصمت – الصمت المدوي – حديث الصمت.. كلها أسماء لمقالات كثيرة تعدت المائة بعد المليون لأهميتها

و لكن... متى يتكلم الصمت؟ متى يبدأ الصمت و يتوقف الكلام؟

إليكم بعض الأمثلة....

  • عندما يتكرر الحديث و النصح و يتكرر الحدث دون جدوى.
  • عندما يشتد النقاش و تحتد لهجة الحوار بحيث تقترب النفوس من حافة الضجر أو الشقاق.
  • عندما لا يهتم المستمع و تبدو في وجهه أمارات الإهمال و الاستهتار بما تقول فلا تجد رد الفعل المتوقع.
  • عندما ينصرف المستمع إلى حديث إنسان آخر في نفس الوقت.
  • عندما لا يشعر المستمع بأهمية و قيمة الكلمات.
  • عندما تريد أن يشعر المستمع بما تعانى من إحساس مرير بخيبة أمل عندما تذهب كلماتك أدراج الرياح.
  • عندما تعجز الكلمات عن التعبير أو تكون كثيرة فتتجمع و تتزاحم بحيث لا تفوز إحداها بالخروج من الفم؛ و عندئذٍ تتحدث دموع العين.
  • عندما يكون الحديث فيه معصية أو نميمة أو قول سوء؛ و لا يملك المتحدث منع ذلك، فيجب عليه على الأقل ألا يشترك معهم أو يستمر في الجلوس بهذا المجلس.
  • عندما لا يكون هناك رد سوى الكلام السيئ فالصمت أبلغ، و تكفى نظرات العتاب... كما أن إحساس الشعور بالذنب - الذي سوف يشعر به قائل الكلمات السيئة و بادئ الشر- أقوى من الرد على السوء بمثله.
  • عندما تتحدث الأفعال و ليس الأقوال؛ فخير للإنسان أن يفعل بدون أن يقول أفضل من أن يقول و لا يفعل..
  • عندما تريد أن يتحدث الماضي بدلا من الحاضر، و أن يتحدث الخيال بدلا من الحقيقة حين يتذكر المستمع كلماتك السابقة عندما يفتقد حديثك الآن.

الثلاثاء، 19 يناير 2010

معادلة مقلوبة

من لم يتعظ بما حدث له من مواقف سابقة فلا يلومن إلا نفسه، فإن حسن النوايا لا يؤذى أشد من صاحب تلك النوايا

كثيرا ما قلت لنفسي في الأوقات الحزينة...

من الأولى بالبكاء؟ الظالم (طرف أول) أم المظلوم (طرف ثان)؟

من الأولى بالحزن؟ الجاحد أو المجحود؟

من الذي سيخسر؟ البادئ بالقطيعة أم المهجور؟

من يحتاج للآخر أكثر؟ الأم أم الأبناء؟

من يجب عليه أن يصل و يود الآخر؟ الأخ الأكبر أم الأصغر؟

من سوف يندم؟ الصديق غير الوفي أم الصديق المصدوم؟

نعم.. البداية هى دموع الطرف الثاني و حسرته على أيام جميلة و عطاء سابق ووفاء ضائع، و ذكرى تجدد الماضي و تزيد الإحساس بالظلم و الوحدة.

ثم تتوالى الأيام.. كلٌ يسير في طريقه الذي سلكه، الطرف الثاني المغلوب على أمره لا يملك من التغيير شيئا... و الطرف الأول لم يزل ماضياَ في طريقه غير ملتفت للخلف و غير منتبه لخطورة القسوة و الغفلة عن حقوق الغير.

أما النهاية.. فالحق يظهر، و يجنى كل إنسان حصاد ما فعله و الجزاء من جنس العمل؛ إما يتعرض لموقف مماثل (و ذلك بشكل مؤكد في حال عقوق الوالدين) أو خسارة و تهدم لبنيان تم بناؤه بغير أساس... و عندما يستفيق الطرف الأول: قد يكون طريق الرجوع متاحاَ و قد لا يكون، و لكن رد اعتبار الطرف الثاني لا يعيد بسمة و لا يزيل تجاعيد محفورة في وجه أم عجوز شيبتها السنون و قسوة الأبناء؛ و لا يعيد أياما مضت من أجمل أيام العمر.

و لا يصلح ما انكسر و لا يصل ما انقطع من روابط الصداقة بسهولة؛ لأن المرارة لابد أن تترك أثرا و أن تعكر صفو الماء النقي و تترك علامة عميقة في القلب.

هذه هي سنة الحياة: غدر و قسوة.. ثم عودة و أوبة ... و بين هؤلاء و هؤلاء أيام و ليال طويلة .. و سفر بعيد و نفوس عليلة ...فلا المواعظ تمنع المكتوب و لا الحذر يمنع المقدور.

و بذلك المنطق تحدثت الآيات عندما خوف المشركون إبراهيم عليه السلام بإلقائه في النار ...

"فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ، الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن و هم مهتدون"


ملحوظة: غالبا ما يكون الطرف الأول رجلا أكبر فى السن و له سلطة عائلية أو شابا صغير السن يعيش حيوية و حماس الشباب..

و الطرف الثانى امرأة أقل سنا أو أماً أو أختاً كبرى أو صاحب رسالة.

السبت، 2 يناير 2010

و من الحلم ما صدق

الحلم هو عالم آخر يرتاده الإنسان و يبحر فيه؛ و يطير و يحلق فيه، يتحرر من القيود و يطلق للعقل الباطن العنان لينسج ما يحلو له من أحداث قد يتمناها و يهواها.. قد يهابها و يخشاها..لا يهم ..المهم أنها لحظات يعيشها الإنسان بإحساسه و قلبه قبل عينه و حواسه.

و للأحلام سيكولوجية نفسية هي التي تقوم بتأليفها و تشكيل لقطاتها، و لاشك أن معظمها يكون نتيجة أحوال نفسية و تفكير يستمر مع الإنسان حتى في نومه فيأبى إلا أن يطارده فكراً و أمانياً...

و لذلك حكمة كبيرة في الترويح عن النفس و تقليل مشاعر الكبت و العجز و الخروج من سجن الواقع الضيق إلى حرية الخيال الفسيح.


كم من مرة استيقظ الإنسان منشرح الصدر مسرور الفؤاد من رؤيا لم تستغرق سوى لحظات لكنها أعطته دفعة كبيرة إلى الأمام و قذفت في قلبه شحنة كبيرة من الأمل، و قد يرقى إلى مرتبة اليقين أن خيرا سيأتي إليه من الله الذي أراه هذه الرؤيا؛ خصوصا لو كانت بعد الفجر بقليل أو شرفت تلك الرؤيا بآية قرآنية أو دليل من أدلة الرؤى الصادقة مثل رؤية الرسول أو رؤية الكعبة و غير ذلك من علامات الهداية و القبول.

قد يرى الإنسان في منامه أنه يصافح شخصية هامة في المجتمع أو تسلط عليه الأضواء فإذا به ينجح نجاحا باهرا لم يتوقعه.

قد يرى منزله و قد اتسع و يجد حجرات جديدة بالمنزل لم يرها من قبل؛ فتفسيره أن أبواباً للعلم تتفتح أمامه و سعة في الرزق.

قد يرى مصباحاً مكسوراً و هو يجمع شظاياه و ما تناثر منه؛ فيكون تفسيره أن ظلماً يصيبه يؤلمه و يجرحه.

قد يرى أن شخصا ما على طاولة تشبه الطاولة في حجرة العمليات يأخذ وضع النائم فيأخذ بيده ليجلسه فقط لكنه لا يمشى و لا يقوم... فيكون تفسيره أنه يساعد صديقا إلى حد ما لا يستطيع تخطيه.

قد يجد شرفات منزله و قد اتسعت و أحاطت بجميع أركان المنزل و من كل حجرة منفذاً للشرفة فذلك يعكس رغبة في الانطلاق بلا حدود.

قد يجد منزله و قد تحول قصرا و أصبحت جدرانه مبطنة بقطيفة مخملية اللون و مقابض الحجرات ذهبا و تداخلت الحجرات من حجرة إلى حجرة و القصر عال و يطل على البحر و يتوافد عليه أفراد أسرته واحد تلو الآخر...فلعل تفسيره أن الله يمن عليه و يدخله جنات النعيم.

و الرؤى في القرآن لها شأن كبير ..نراها واضحة في سورة يوسف التي اتخذت من رؤيا يوسف مستهلا في مقدمة السورة؛ و سببا لخروج يوسف من السجن و علو شأنه و اتخاذه مكانة عظيمة في مصر؛ و تأويلا حقا في نهاية السورة.

و رؤيا إبراهيم الخليل يذبح ابنه الحبيب إسماعيل أمرا من الله و ابتلاء و تسليما ثم فداء.

و النعاس الذي غشى المؤمنين في الحرب أمنة من الله و ليذهب عنهم الخوف و رجس الشيطان.

و الرؤيا التي أراها الله للنبي في الحرب.. أراه العدو قليلا ليتشجع المسلمون و يقدموا على القتال غير مهتمين بكثرة الأعداء.

و رؤيا الرسول فتح مكة مبشرا المؤمنين بنصر قريب.

و الرؤية الصادقة كما جاء في الحديث جزء من النبوة و علامة من علامات صلاح الإنسان و تقواه و قربه من الله عز و جل ، لذلك يجب أن يحكيها الإنسان لمن يحبهم فقط و يأمل فيهم الخير و يثق في إخلاصهم له لان تأويل الرؤيا يصدق في حالات كثيرة ...

أما الأحلام السيئة فهي من الشيطان و كما هو معروف يجب أن ينفث الإنسان على شماله ثلاث مرات عندما يستيقظ ، و يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ثم لا يعيرها أي اهتمام؛ فلا يحكيها لأحد حتى لا تسيطر عليه و تخيفه أو تحزنه ، و الأفضل أن يفكر الإنسان بينه و بين نفسه إذ ربما يكون ذلك الحلم تحذيراً إلهيا من ذنب يفعله قد يؤدى به إلى عواقب سيئة و هي ما تضمنه الحلم ، فليستغفر الله؛ و إن استطاع إخراج ما تيسر من الصدقة لكي يصرف الله عنه الضر؛ فذلك بالتأكيد أفضل و أقرب إلى اتقاء الشر ، و عليه بالدعاء.. فالدعاء و القدر يتصارعان ليصرف الله بالدعاء و الرجاء من المصائب مالا يعلمه إلا هو، و الله أعلم.


الجمعة، 1 يناير 2010

من عام إلى عام

تتكرر بعض الأيام كل عام منها ما هو مناسبات دينية كيوم عرفة وليلة العيد و رأس السنة الهجرية؛ و منها ما هي فواصل سنوية مثل رأس السنة الميلادية.. أياً كانت تلك الأيام؛ فإن ما يميزها هي تذكرنا فيها حصاد سنة كاملة بخيرها و شرها فهى انقضاء لسنة ليست فقط من عمر الزمان بل عمرنا نحن فالزمان يولد فيه كل يوم ملايين و يموت ملايين أخرى قبور تبلع و أرحام تدفع و الزمن مستمر إلى ما شاء الله.

أما عمر الإنسان فمحدود معدود؛ إذا انقضى لم يعد، أفلا يستحق منا هذا الواقع وقفة مع كل نقطة تكرار لنراجع شريط الذكريات و نحاسب أنفسنا؛ ليس على المستوى اليومي القريب الذي عادة ما يكون حصاد تعاملنا اليومي مع من حولنا من الأفراد، و لكن على المستوى العام و برؤية أشمل؛ ليركز الضوء على ما قدمنا من عمل و أنجزنا من نجاح أو غير ذلك و ما الأسباب و هل كانت قدرية أم بسبب جهل و سوء تصرف؛ فإذا كانت الذاكرة قوية شملت تلك المحاسبة سنوات أقدم قليلاً.

و في كل الحالات لابد أن يضيف ذلك التفكير شيئا و يثمر قرارات و مرارات، فلا شك أن الأسى احتوى بعض هذه الأيام و أحاطتها بعض الأحزان و غالبا ما تطفو تلك الذكريات على السطح، و في كل الأمور لابد للإنسان أن يحمد الله إذ وهبه أياما و فرصا أخرى للتوبة و تعويض ما فات و استغلال وقته بشكل أفضل لدينه و دنياه معاً.

أما الحصاد السياسي و الاجتماعي على مستوى العالم و الذي يملأ الصحف و المجلات مع نهاية العام كإحصائيات و أرقام ، فهو بلا شك مؤلم و الأحوال في انحدار، و ما هو إلا نتاج للشر الذي تغلغل في المجتمع و الأنانية و الظلم الأسود بين تفريط في حقوق الرعية و تضييع للأمانة و تربص الناس بعضهم لبعض ، فلا عجب أن يسلط الله بعضهم على بعض و يذيقهم بأس و شدة الظالمين و من لا يخافون الله، ولا عجب أن تستجيب الطبيعة لأمر ربها فتتسلط عليهم البراكين و الزلازل و الأعاصير، و يبتلى الناس بقلة الثمر و الرزق و ضيق النفوس و قسوة القلوب.

و لا مفر من ذلك كله للمجتمع سوى عودة لأخلاق الإسلام – أخلاق الإنسان الذي خلقه الله على الرحمة بفطرته قبل أن تطمسها المعاصي وتفسدها الأطماع - فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يخذله...فأين نحن من تلك الأخلاق؟ فليسأل الإنسان نفسه: ماذا قدم لغيره؟ ماذا قدم للمجتمع من حوله؟ هل أخلص في عمله؟ هل أدى واجبه تجاه المسئولين منه؟ هل أدى واجبه تجاه نفسه بالتزام أوامر الله أم ظلمها بتعدي الحدود و التفريط في الطاعات؟

فلتكن تلك الكلمات أولى كلمات المحاسبة السنوية..

و كل عام و أنتم بخير.


السبت، 19 ديسمبر 2009

هل تستسلم؟

برامج الأطفال موجهة بالدرجة الأولى للأطفال، و بالتالي يغلب عليها طابع الإبهار و الحركة و الألوان التى تجتذب الأطفال و تربطهم بجانب التلفزيون ساعات طويلة بلا كلل و لا ملل.

و بالتالي فالعنصر المميز لها هو الشكل ، فماذا عن المضمون؟ أي الأفكار التي تتناولها تلك البرامج الحلقات المسلسلة؟



معظمها مدبلج أو مترجم أي أن الفكرة و التصميم و التنفيذ تم في الخارج و بالتالي فإن المضمون يحتاج بالضرورة إلى فلترة و تنقيح لتناسب المجتمع الشرقي و الإسلامي بآدابه و قيمة و عقائده.



و على الآباء و الأمهات مسئولية كبيرة في متابعة و مراقبة ما تقع عليه عيون أطفالهم و اختيار الملائم لهم و صرفهم عن البرامج التي قد تؤثر على سلوكهم بالصفات السلبية مثل العنف و الأصوات العالية و الصراخ و غيره.



و من تلك البرامج ما يجتذب الكبار و الصغار سواء لفكرتها أو لطرافتها و ما تسببه للكبار من نسيان لمشاكل الحياة و الاندماج فى عالم الطفولة البرئ و عالم الخيال و اللامعقول.



و مثال لذلك حلقات "الساموراى جاك": و كما يتضح من اسمها هى حكايات أسطورية، و الساموراى هو البطل المحارب فى اليايان ، أما شخصية الساموراى جاك باختصار: هو محارب ينتمى إلى طائفة النبلاء ؛ و ضئيل الحجم ، يميزه خصلة من الشعر يربطها خلف رأسه و يرتدى دائما الكمونو اليابانى الشهير و يرتدى قبقاباً خشبياً بسيط ، يستعين دائما بسيفه المسنون الذي ورثه عن والده و الذي لا ينكسر أبدا.. هذا من الناحية الشكلية ، أما شخصيته - و هي الأهم- فهي أخلاق المحارب الذي يقاتل خصمه بشرف و يسعى إلى نصرة الضعيف و تتميز حلقاته بالجانب الإنساني إلى الجانب الكوميدي.



و مثل جميع أنواعا الدراما؛ أساسها الصراع بين الخير و الشر و الشر هنا يتمثل فى الشرير "أكو" – و معناها شيطان باللغة اليابانية- الذي اسقط الساموراى جاك في بعد زمني آخر لكي يخلو له المجال للسيطرة على العالم بشره.



و فى أحد الحلقات المسلسلة نجد الساموراى جاك يتقابل مع ثلاث شيوخ كبار يبدو عليهم الاحترام و الحكمة و الإجلال هم الباحثون عن الحقيقة يعرفون أنها هناك فوق عند جبل عال جدا تتوسط قمته السحب العالية حيث الصقيع و الثلوج و التي لم يتمكن بشر من الوصول إليها من قبل؛ و لذلك عاشوا عمرهم كله يتدربون على كيفية الصعود للوصول إلى الحقيقة.

و لهذا مدلول كبير عن قيمة الحقيقة و تعلم الثبات و عدم الاستسلام أبدا مهما كانت الصعوبات.

و من أجمل المشاهد عندما وقع الساموراى من شدة البرد و بعد مقاومة كبيرة لأحد الوحوش الرابضة هناك في الجبل و حدث نفسه قائلا:"إن هذا مستحيل" و هي الكلمة التي ينبغي أن ينساها أي شخص يريد الوصول للقمة و تحقيق هدفه فنظر إليه أحد الشيوخ الحكماء قائلا "هل تستسلم؟"



هنا تذكر السامورى الذل الذي يعيش فيه قومه تحت سيطرة الشرير و ضرورة التحمل و استعادة القوة مرة أخرى للوقوف فى وجه الشر مهما كان الثمن.


و بالطبع ينجح المحارب الشجاع و يصل إلى هدفه...

هل نحن الآن نحتاج إلى تعلم الحكمة و الصبر من الساموراى جاك؟ هل نحتاج إلى صيحة مثل صيحة النينجا تيرتلز "قوة السلاحف" لكى نتحد؟

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2009

تلبيس إبليس

التلبيس هو إظهار الباطل في صورة الحق و هو من أهداف الشيطان للإيقاع بالمؤمن في براثن الآثام أعاذنا الله منه، فالشيطان عدو متربص بالإنسان فلا يزال يدور و يدور حول حصن قلبه ليقتحمه من أي مدخل و لهذا أمرنا الله تعالي بالحذر منه و عدم إتباع خطواته؛ فإنما هو يعد الفقر و يأمر بالفحشاء و المنكر و هو العدو المبين من قديم الأزل ؛ ويصل إلى ذلك بطريقتين الإفراط (الزيادة) و التفريط (التقصير) فلا يصح الإفراط و المغالاة التي تؤدي إلى البدع و لا التفريط المؤدى إلى التقصير , في الحالتين سيحقق الشيطان هدفه إلا من عصم الله من المؤمنين الثابتين من الأمة الوسط المتبعة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و الأمثلة على ذلك كثيرة:

الطهارة و الوضوء: دفع الشيطان بعض الناس إلى التقصير في واجبات الطهارة، فترى أحدهم لا يستكمل غسل المرفقين والكعبين عند الوضوء، بينما جاوز آخرون ذلك فوقعوا في الوسوسة.

الطعام و الشراب: فقد يقصر قوم من الزهاد في تناول ما يحتاجونه من الطعام والشراب إلى حد الضرر و الإلقاء بالنفس في التهلكة ، وتجاوز آخرون إلى حد التخمة و الإسراف.

الاختلاط بالناس: بعض الناس يعتزل الناس حتى في الطاعات كالجمعة والجماعات والجهاد ومجالس العلم، وآخرون خالطوا الناس حتى أصبحوا كل همهم و شغلهم الشاغل لا يكادون يجدون الوقت للذكر و العبادة.

و الشيطان يزين للناس بعض المحرمات فيقعون بها خاصة النساء و مثال ذلك:

  1. الخروج بدون إذن زوجها و تقول أنها لا تخرج في معصية مع أن خروجها نفسه بدون إذنه معصية
  2. عدم الحداد على الزوج مع أن الزوج ينبغي على المسلمة الحداد على زوجها أربعة أشهر و عشراً فلا تتطيب و لا تخرج إلا لحاجة
  3. التفريط في مال زوجها مع أنها لا يحل لا أن تخرج شيئاً من بيته إلا بإذنه

و القرآن يذكر بعض الأمثلة لأساليب التحايل الشيطانية مثل لجوء بعض الأزواج لحبس و إيذاء الزوجة بدلا من تطليقها إذا كان لا يريدها و ذلك للتهرب من نفقتها الشرعية فيدفعها إلى طلب الطلاق أو الخلع لترد إليه المهر و يذهب بما آتاها من قبل عندما تزوجها بدون ذنب فعلته.

و من حيل الشيطان الماكرة أيضاً طول الأمل و التسويف أي التأجيل فيكون ذلك سبباً في التقصير في الخير و الثبات على الشر إلى أن يأتي الأجل المحتوم حيث لا ينفع الندم ، قال تعالى: "و لن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها"

و مثال شائع للتسويف أن يؤجل الإنسان الحج مع القدرة الصحية و المادية على أدائه حتى يتزوج الأبناء و يؤمن مستقبلهم مع أن الحج فريضة واجبة ، أو أن ينشغل بجمع المال طوال يومه و فوق احتياجاته متعللاً بأن العمل عبادة فلا يفرغ ليتعلم دينه و يعمل لآخرته قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر الله".

فمثل هذا الذي يريد أن يتحايل على الله يخادع ربه و هو سبحانه خادعه إذ يسلط عليه شيطانا قريناً له يلازمه في كل وقت، يزين له المعاصي و يفتح له أبواباً واسعة من الضلال و الغي ، وقانا الله و إياكم من همزات الشياطين.