الجمعة، 22 أكتوبر 2010

الأستاذ رضا

  • دخل زميل لنا عاد لتوه من فرع الشركة بالخارج..عاد متذمرا رافضا لأحوال الشركة و ما آلت إليه الأساليب و الإدارة، و لاحظت تغير شخصيته تماما عما كانت عندما عمل مع فريق العمل الذي اشرف عليه فقد بات سريع الغضب شجاعاً جدا في التعبير عن رفض الواقع و دفع الظلم الذي حل به.
  • منذ عدة أيام استدعاني رئيسي في العمل و أبلغني أنه "يشعر" أن الأداء ليس على ما يرام و أن الناس لا يعملون بكل طاقتهم إذ أنهم لا يتجاوزون أوقات العمل الرسمية بالرغم من التزام الفريق بالحضور و ملازمتهم مكاتبهم و بذلهم أقصى استطاعتهم.
  • كثيرا ما طلبوا منى الحديث عن عيوب فريقي الذى أعمل معه بحرية و شجعوني على الكشف عن تقصيرهم بالرغم من أنهم جميعا من الصفوة المختارة في الشركة.
  • اكتشفت مؤخرا أن كل شخص في العمل يتعرض للنقد و اللوم - على المستوى الادارى خاصة – و تساءلت بيني و بين نفسي من هو الشخص الذي يستحق التقدير فى الشركة..ألا يخبرونا به ليكون قدوة لنا طالما نحن جميعا مقصرون؟
  • كلما سألت شخصا عن حاله فى عمله و جدته يخطط للانتقال لعمل آخر لعدم استطاعته الصبر على أحوال العمل و عدم تقديره ، و "استعباده" فى عمله...إلى أين يذهب هؤلاء أليس لأماكن عمل أخرى ينفر منها موظفوها و يتمنون تركها؟هل هي لعبة الكراسي الموسيقية؟


     

  • أين أنت يا أستاذ رضا؟ عهدناك نورا في قلب كل مؤمن، و مبدأ من مبادئ الإنسان العاقل..مهما كانت الأحوال فالرضا بالقضاء من شيم العقلاء

الرضا.. لأن كل ما يحدث هو قضاء الله؛ الذى قدر الأحداث بما يناسب كل شخص ، و يلائم طبيعته، و دبر كل هذا لخيره و صالحه فلا يتعجل الإنسان الأحداث و ليطلب الأمور بعزة و كرامة؛ فلا تدفعه الحاجة للعمل لقبول المهانة و الظلم؛ لان الرزق بيد الله و ليس مقصورا على مكان بعينه.


 

الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

وصية مالكي زهرة الخشخاش

توفى المليونير محمد محمود خليل في عام 1955 فترك لزوجته القصر و حدائقه و محتوياته.

كانت السيدة حرم محمود خليل قد أوصت قبل وفاتها 1960 بإهداء المبنى و ما به من تحف مع جزء من الحديقة التي حوله إلى الدولة

و هذا جزء من وصيتها بخصوص القصر:

"أردت بهذه الوصية التعبير عما شعرت به من حب عميق لمصر التي صارت لي وطنا منذ زواجي بالمرحوم محمد محمود خليل و إنني اذكر ما أحاطني به من عطف و ما شملني به من عناية كزوج مخلص بادلني حبا بحب.

و لقد رأيت من حقه على أن أخلد ذكراه في نفوس مواطنيه كجندي من أبر جنود مصر الأوفياء و من أجل ذلك فإننى أقرن وصيتي بشرط أقتضيه من الحكومة و هو:

أن تجعل من القصر و التحف التي يضمها متحفا باسم السيد محمود خليل و حرمه"

على أن يفتح هذا القصر للجمهور

و إذا رؤى أن توضع تعريفة للدخول فلتكن زهيدة بحيث يكون الدخول ميسورا للجميع"

و إذا بحثنا عن تطبيق شروط تلك الوصية

الشرط الأول: تحقق

الثاني: تم فتحه لفترة ثم تم الاستيلاء عليه و استكمال القصر الجمهورى به في فترة من الفترات و نقل محتوياته الفنية الى قصر أحد الأمراء ثم عادت الأمور لمجراها

الثالث: تم تطبيقه حتى الآن

عاشت مصر فترة دون أن تشعر بأهمية تلك الثروة الفنية الضخمة حتى تناقلت المجلات الأجنبية من خلال مراسليها في مصر مدى إهمال مصر لتلك الثروة فنبهت بذلك ذوى النفوس الضعيفة و العصابات إلى ذلك الصيد السهل الثمين

لكن معاناة اللوحات من الإهمال ما زالت مستمرة فتمت سرقة لوحة واحدة مرتين

خلال خمسين سنة من عمر زوجين فنانين عاشا طيلة حياتهما و حبهما ممزوج بحب الفن بين مصر و فرنسا ، فكان الفن هو ابنهما الذي بذلا من أجله المال و العمر و الاهتمام.. عاما بعد عام يضيفان شيئا جديدا و تحفة فريدة إلى تلك المقتنيات النادرة

و تلك الفرحة الوليدة بضم عنصر جديد من الفن العالمي للمنزل المتحف

حياة حافلة سعيدة؛ لكن لكل شيء نهاية.. فكان ختام حياتهما السعيدة هو تحويل قصرهما إلى متحف مشترك؛ يخلد ذكرى أجمل حب و أجمل تعاون فني راقٍ، و ولاء للوطن الذي رفعه وزيرا و جعله شخصية لامعة في ذلك الوقت

لقد ظنا أن الوطن سوف يقدر تلك الهدية الغالية؛ و يصونها و يسلط عليها الأضواء؛ و يستخدمها لنشر الروح الفنية و الافتخار بحيازة ما ندر من الفن العالمي، و لكن ما جاء بسهولة يفقد بسهولة، فلم تبذل الدولة أي جهد أو تكلفة لإنشاء هذا المتحف، و هان عليها ما به ؛ أو استكثروا على الشعب أن يهنأ به طوال عصور الزمن ، وأصبح صيانته عملا روتينيا أو حبر على ورق ، و لم يخلص أبناء وزارة الثقافة و العاملين فيه و فرطوا في الأمانة فحق عليهم اليوم غضب الشعب كله...

إنني أكاد أرى وجه محمود خليل حزينا متألماً لما تأملت تمثاله في مدخل المتحف؛ و كأن لسان حاله يقول: لماذا بلادي لم تصونى العهد؟


الجمعة، 27 أغسطس 2010

هل هذا يعرف الحب؟

تعيش أسرة قتيل بولاق الدكرور هلال عثمان محمد ٥٠ سنة الذى لقى مصرعه حرقا على يد ابنه حالة من الحزن، الزوجة لا تصدق أنها فقدت زوجها على يد ابنهما وفقدت الأخير بعد القبض عليه وحبسه..

كان قسم شرطة بولاق الدكرور قد تلقى بلاغا من غرفة النجدة بنشوب حريق داخل شقة عامل يدعى هلال عثمان محمد ٥٠ سنة وأنه توفى أثناء محاولة إسعافه متأثرا بحالته الصحية وإصابته بحروق من الدرجة الأولى شملت جميع أنحاء جسده.

تبين من التحريات أن ابن الضحية ١٧ سنة، عامل، قرر التخلص من والده فتعدى عليه بالضرب محدثا إصابته فى حاجبه ثم سكب «جركن» به مادة البنزين بالشقة وأشعل بها النيران فلقى والده مصرعه ألقى القبض على المتهم الذى أحيل للنيابة واعترف أمام النيابة بارتكابه الواقعة انتقاما من والده الذى رفض مساعدته فى الارتباط بفتاة أحبها.


 

مشكلة رهيبة من مشكلات المجتمع هي عقوق الأبناء

بالأمس كان عقوق الأبناء لا يتعدى الصوت العالي أو تحكيم الرأي و رفض النصح، أو الانفصال عن الأسرة و عدم القيام بواجبات البر.

لم تصل إلى حد التعدي بالسباب..

لم تتجاوز الحد إلى التطاول باليد..أمل أن تصل الجريمة إلى حد القتل..فهذا مريع.

و أي قتل؟ بالحرق!

إن كل ذرة في هذا الوالد تألمت قبل أن يموت، النار التي التهمت جلده شبرا شبرا ، لقد اشتكت ربها من قسوة الإنسان الذي يستخدمها في تعذيب غيره، أكاد أرى حيرة الرجل للخروج من الشقة بعد أن حبسه الولد و محاولته اليائسة و دهشته و غضبه، و أخيرا تسليم الأمر لله حيث فاضت الروح لبارئها.

و لماذا؟ لأنه يحب! و يريد مالا لإتمام زواجه و هو لا يزال مراهقاَ فى السابعة عشر من عمره.

إنني أتوقف هنا عند كلمة "يحب"..

كيف لهذا الشيطان أن يحب؟ الحب رحمة، رقة مشاعر، تضحية و كفاح ، عطاء للجميع ، و حالة من الاندفاع لقهر المستحيل، المحب مرهف الإحساس، يستشعر جمال الكون و يحب جميع الكائنات بما فيها أهله و عشيرته...

أما أن يضحى بأهله من أجل من يحب فذلك فساد عقيدة و سوء تفكير و قسوة لا إنسانية.

و هذه الأم الثكلى المبتلاة بفقد زوجها محروقا و ابنها معدوما..بعد أن تفيق من هول الصدمة و تتقبل أن الأمر حقيقة و ليس كابوسا مخيفا، ماذا يكون تفكيرها؟؟

مزيج من الكره، الندم، الضياع..

الندم: على عدم تربية ذلك الفتى تربية إسلامية تحميه من سيطرة الشيطان و إتباع الهوى، أم عدم تعليم الفتى، و الحرص على استمراره في الدراسة، بدلا من الرضا بعمل لا يكفى متطلبات الحياة و لا يحقق الاستقرار.

ربما كانوا يبالغون في مجاراته و عدم معارضته منذ صغره..ربما لم يتبع الوالدان سياسة واحدة في التربية، أو كان الأب سعيدا بأن ولده ورث مهنته كعامل و استطاع الكسب مبكرا و مساعدة الأسرة..كيف يتوقع الآباء أن يقدم لهم الأبناء شيئا؛ و هم لم يوفوهم حقهم الطبيعي في بناء كينونة لهم تحميهم من غدر الأيام، و دفعوا بهم للعمل قبل أن يعلمونهم ما هي الحياة و كيف يتعاملون معها؟

الندم: على فرحتها بولادة ذكر، و رعايتها له حتى اشتد ساعده و فعل فعلته، كانت تتوقع أن يكون لها سندا في الحياة لا أن يقتل زوجها وعائلها و يحرق قلبها قبل أن يحرق أباه.

الكره: لهذا الابن القاتل و هل تكره الأم؟ نعم إنها تتنصل من أمومتها له فليس فخرا أن تكون أما لقاتل

و أخيرا الضياع: في بحور الحزن و سواد المستقبل، و انعدام السعادة في أي شيء، فقد انتهت قصة حياتها الزوجية بفقدان الأيام و السنين، صفر اليدين و بلا أي ثمن.

أما المحبوبة؛ فلا أظن أنها ذات أخلاق أو عقل، بل لابد إنها تشبه القاتل في تفكيره الأهوج و تهوره الممقوت، صغيرة السن، خالية من الأدب أو العقل.

ما شعور تلك المحبوبة؟ هل الحزن على ذلك الشاب، أم السعادة الخفية لكونها محبوبة هام بها حبيبها لدرجة قتل والده ليتزوجها، أم شكر الله إذ نجاها الله من الزواج بهذا المجنون؟

قاتل الله الابن العاق ..إنه لا يعلم كم يُشقىِ والديه

و كان الله في عون الأم التي يجحدها أبناؤها، إنها تتألم مرتين؛ مرة وقت عقوق الابن و قسوته عليه، و المرة الثانية تتألم كأم عندما ينتقم الله من ابنها؛ إذ أن عقوبة العقوق هي عقوبة معجلة في الدنيا، قبل أن يتوب أو يستوفى العقاب في الآخرة.


 

الخميس، 12 أغسطس 2010

مع الملك.. ما أسعدك

قال تعالى في خواتيم سورة الحشر: "هو الله الذي لا إله إلا هو الملك"

الملك : الذي يمتلك الأرض و من عليها ، النفوس و ما بداخلها، يملك السمع و الأبصار و الأفئدة، بيده خزائن السموات و الأرض و بيده الخير كله.

الملك: تسبح له السموات السبع و الأرض و ما فيهن ، تحيط الملائكة عرشه سبحانه و يسبحون بحمده.

الملك الذي يملك زمام الأمور يسيرها كيف يشاء .. بكلمة كن فيكون

أنت مع الملك.. ما أسعدك ..أنت مع الملك ماذا تفتقد ..لماذا تحزن ..ما الذي يهمك؟

طالما يرضى عنك الله الملك.. عن أي شيء تبحث؟ و لأي شيء تطمح؟

أنت مع الملك: في صلاتك، في دعائك، في خشوعك.

أنت مع الملك: إذا ذكرته بين الناس ذكرك في ملأ خير منه من الملائكة الأطهار.

أنت مع الملك: عندما تعود مريضا فتجد عنده الله ليجزيك أجر برك و إحسانك.

الملك: اسم عظيم من أسماء الله الحسنى شامل لعظمته و هيمنته و سلطانه القوى.

لذلك تبعتها في آيات سورة الحشر "الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون"

ملك عادل فما أسعد المملوك..رحيم كريم ودود..يرعاه و يحميه و يرزقه لأنه خلقه..يحبب إليه الإيمان و يكره إليه الكفر و العصيان.

فللذنب وحشة، و للذنب قبح؛ ينفر ذوى الفطرة السليمة ليراجعوا أنفسهم مئات المرات حتى يتراجعوا أو ينتهوا.

و من الأسماء الحسنى اسم آخر ذو صلة باسم "الملك" هو "مالك الملك ذو الجلال و الإكرام"

"فلله الحمد رب السموات و رب الأرض رب العالمين * و له الكبرياء في السموات و الأرض و هو العزيز الحكيم"


 

الاثنين، 2 أغسطس 2010

الساموراى جاك و الآخر

عودة إلى الساموراى جاك..

ذلك البطل قوى الأخلاق قبل قوة البدن

فجأة.. و خلال مغامراته للوصول إلى آكو الشرير وجد الساموراى فجأة شبيها له

قال له من أنت؟ أجابه الشبيه: أنا أنت!!

لكن هناك اختلاف صغير فى الشكل ..لون العين أحمر و الملابس سوداء رمزا للشر

و الاختلاف الأكبر هو الباطن.. فما بداخل الشبيه هو طاقة هائلة للشر

و قمة الصراع أن الساموراى و الشبيه كليهما فى نفس القوة ..نفس السيف البتار الذي لا يخطئ، إصابة الهدف، نفس التدريبات و القوة الجسدية، نفس الذكاء، كل شيء متماثل ما عدا الهدف..

و استمرت عدة لقطات لمبارزة لهما تبدو أنها لن تنتهى أبدا

و لكن فجأة يتوقف السامورى؛ و يدخل سيفه فى جرابه و يمتنع عن الاستمرار فى المنازعة..

و يستاء الشبيه لذلك فهو يستمتع حقا بالقتال و يأمل الانتصار على الخير

اكتشف ساموراى أن هناك نقطة جوهرية لصالحه، و مصدر قوة رهيب يتغلب على قوة الشر مهما كانت: إنها ... التسامح

توقف الساموراى و أعلن لشبيهه أنه لا يحمل له أى كره أو ضغينة و أنه سامحه تماما

عند هذه اللحظة و فى خيال قصصي درامى يذوب الشبيه؛ لأن قوته و حياته كانت تنبع من نزعات الشر فى قلب الساموراى، و عندما تخلص منها ذهب الشبيه الشرير إلى غير رجعة.

كم هو جميل التسامح و ارتقاء النفس عن مبادلة الشر بمثله و العنف بالعنف و القسوة

التسامح يفيض خيرا على صاحبه قبل ان يكون خيرا للذى عفى له..

درس جميل و كارتون ناجح و موعظة للكبير قبل للصغير ..


 

السبت، 5 يونيو 2010

الرأي القيم في العشق

ملخص كتاب روضة المحبين و نزهة المشتاقين

لابن القيم الجوزية

------

اشتقاق الأسماء و معانيها

قيل المحبة أصلها الصفاء لأن العرب تقول لصفاء بياض الأسنان حبب الأسنان

أو مأخوذ من الحباب و هو ما يعلو الماء عند المطر الشديد فالمحبة هي غليان القلب عند لقاء المحبوب

أو مأخوذ من أحب البعير إذا برك و لم يقم و يتحرك من لزوم المحب قلب المحبوب و عدم انتقاله منه.

و قيل من الحب جمع حبة لأنها أصل كل شيء


 

ما قيل في الحب و المحبة:

قيل هي الميل الدائم بالقلب الهائم، موافقة الحبيب في المشهد و المغيب، اتحاد مراد المحب و مراد المحبوب

و قيل أن يكون المحب أقرب للمحب من روحه

يا مقيما في خــــاطري و جناني و بعيدا عن ناظري و عياني

أنت روحي إن كنت لست أراها فهي أدنـــى لي من كل دانى


 

و قيل حضور المحبوب عند المحب دائما

خيالك في عيني و ذكرك في فمي و مثواك في قلبي فأين تغيب


 

من آثار المحبة أيضا:

الشجن: الحزن و الحاجة عندما تكون حاجة المحب أشد شيء إلى محبوبة

الاكتئاب: من حصول الحب و فوت المحبوب فتحدث بينهما حالة سيئة تسمى الكآبة

الخلة: توحد الحب للمحبوب لا يشاركه فيه أحد و لأنها تتخلل جميع أجزاء الروح فيصبح خليلا

الغرام: هو الحب اللازم لا يفارق صاحبه

الود: هو خالص الحب و ألطفه و أرقه و هو من الحب بمنزلة الرأفة من الرحمة.

أنواع المحبة:

المحبة أنواع أفضلها محبة المتحابين في الله إما لاجتهاد في العمل و محبة القرابة و محبة الألفة و الاشتراك فى المطالب و محبة التصاحب و المعرفة و محبة لبر يضعه المرء عند أخيه و محبة العشق بين النفوس و الأرواح المتآلفة.

العشق اختياري أم اضطراري؟

قالوا اضطراري هو بمنزلة محبة الظمآن للماء فالعشق يهاجم بدون اختيار .... و القول الأفضل أن مبادئ العشق و أسبابه اختيارية (النظر و التفكر) و النتائج غير اختيارية ،و من أتى بالأسباب فهو مسئول عن النتائج محاسب عليها.

و كان ابتداء الذي بى مجونا فلما تمكن أمسى جنونا

و كنت أظن الـــــــهوى هينا فلاقيت منه عذابا ألـــــيما


 

الحكم فى العشق

أعظم صلاح العبد أن يصرف قوى حبه لله تعالى وحده بحيث يحب الله بكل قلبه و روحه و جوارحه.

"ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان من كان الله و رسوله أحب إليه مما سواهما و من كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، و من كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى فى النار "


 

علامات المحبة

الأدب

كثرة ذكر المحبوب

الانقياد لأمر المحبوب

اضطرابه عند مواجهته و سماع اسمه

غيرته له و عليه

سروره لسروره

إيثار الوحدة و التفرد عن الناس

الاتفاق و المشاركة بينه و بين محبوبه

إفراد الحبيب بالحب و عدم التشريك بينه و بين غيره

موافقته للحبيب في كل شيء


 

ارتكاب الحرام و ما يفضى إليه من مفاسد و آلام

حقيق بكل عاقل أن لا يسلك سبيلا حتى يعلم سلامتها و آفاتها و ما توصل إليه هذه الطريق من سلامة أو عطب

"يا معشر المسلمين إياكم و الزنى فإن فيه ست خصال: ثلاث فى الدنيا و ثلاث فى الآخرة، فأما اللواتى فى الدنيا فذهاب البهاء، و دوام الفقر، و قصر العمر، و أما اللواتى فى الآخرة : فسخط الله، و سوء الحساب ، و دخول النار"


 

التحذير من إتباع الهوى

لابد أن تكون للعبد همة عالية للتقرب إلى الله رغبة فى الجنة و خشية من النار و لا يقدر على ذلك إلا بمخالفة هواه " و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى"

و قوله "و لمن خاف مقام ربه جنتان"

قيل: هو العبد يهوى المعصية فيذكر مقام ربه عليه فى الدنيا ومقامه بين يديه فى الآخرة فيتركها لله.

و إتباع الهوى يضل الإنسان بلا شك و مصيره أشد العذاب:

"و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله * إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب"


 

حديث:

"بئس العبد عبد تجبر و اعتدى، و نسى الجبار الأعلى

بئس العبد عبد تخيل و اختال، و نسى الكبير المتعال

بئس العبد عبد سها و لها، و نسى المقابر و البلى

بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات

بئس العبد عبد طمع يقوده، بئس العبد عبد هوى يضله "


 

إنما سمى "الهوى" لأنه يهوى بصاحبه إلى أسفل سافلين و الشيطان يطوف بالعبد من أين يدخل عليه فلا يجد عليه مدخلاً و لا إليه طريقاً إلا من هواه. و إنما يمكن مخالفة الهوى بالرغبة في الله و ثوابه و الخشية من حجابه و عذابه.


 

مقامات العشق:

العشق هو الإفراط في المحبة بحيث يستولى المعشوق على قلب العاشق حتى لا يخلو من تخيله و ذكره و الفكر فيه ، بحيث لا يغيب عن خاطره و ذهنه ، و العشق مبادئه سهلة حلوة و أوسطه هم و شغل قلب ، و آخره عطب إن لم تتداركه عناية الله 

العاشق له ثلاث مقامات: مقام ابتداء و مقام توسط و مقام انتهاء

دواء العشق: الإخلاص لله و إشغال قلبه عن الفكر في المحبوب بكثرة العبادات و التضرع إلى الله ليصرف عنه ذلك.

مساوئ العشق:

  1. الاشتغال بحب المخلوق و ذكره عن حب الله
  2. عذاب قلبه به، فإن من أحب شيئاً غير الله عذب به و لابد
  3. قلبه أسير في قبضة غيره يذيقه الهوان و هو لا يملك من أمر نفسه شيئاً
  4. قد يفسد الجسم و ينهك البدن ويفسد الذهن

 
 

الرغبة في الله و علامات العارف بالله

الرغبة في الله و الشوق إلى لقائه هي رأس مال العبد و ملاك أمره و قوام حياته و أصل سعادته و قرة عينه، و لذلك خلق و به أمر، فيكون وحده مرغوبه و مطلبه و مراده و قد أمر الله رسوله بهذا في قوله:"فإذا فرغت فانصب * و إلى ربك فارغب"

و المحبة هي ميلك للشيء بكليتك ثم إيثارك له على نفسك و روحك و مالك و موافقتك له سرا و جهرا ثم علمك بتقصيرك في حبه.


 

و أخيراً...من ترك محبوبه لله عوضه الله خيرا منه.


 

الاثنين، 17 مايو 2010

بوصلة طبيعية



البوصلة للملاح شيء أساسي لتوجيه السفينة إلى الهدف المقصود، و قديماً كانت الاستعانة بالنجوم و الاهتداء بها قبل اختراع البوصلة؛ حيث تحدد مجموعات النجوم المختلفة الاتجاه الحالى للسفينة أو للسائر فى الصحراء.



و كما أن تحديد الهدف مهم جدا للسائر في البحر أو الصحراء؛ فمن باب أولى لمن يسير فى الحياة؛ حيث يطول خط السير و تتعرج مساراته، و تتداخل فيما بينها، و تتكاثر مفارق الطرق التي تحتم على الانسان لحظات اختيار مصيرية فى حياته ، فكيف يتجنب الانسان التيه فى عالم الأحداث ، كيف يرى بشعاع الضوء الضعيف المتسرب من خلال الغيوم التى تغطى سماءه ؟


لابد أن يكون الهدف واضحا و ثابتا طالما لم يجد جديد، و ان يكون الهدف على قدر كبير من المرونة؛ بحيث يمكن تعديله مع تغير الأحداث بما يلائم إمكانيات الشخص و مصالحه الشخصية و مصالح من حوله.

مثال لذلك الأم التى وضعت هدفا لها استكمال دراستها العليا بعد أن وجدت أن هذا أنسب لها من خوض مجال العمل بشهادتها العادية، عند مرحلة معينة؛ و لصالح أطفالها الصغار قد تؤجل حلمها و بالتالى تغير الخطة الزمنية المقررة لتنفيذه، أو تلجأ للعمل تحت ضغوط الحياة المادية، أو تلغى حلمها نهائيا إذا ثبت عدم جدواه، و فى كل ذلك ترشدها البوصلة حيثما تتحرك، و البوصلة حساسة جدا لما يطرأ من تغيير إذا تم ضبطها و تحديد معاييرها بدقة مسبقا حسب الوضع الحالى و ظروف كل شخص.


المشكلة لو أصاب أحد تلك البوصلة بكسر، أو أحاطتها مؤثرات مغناطيسية؛ فاختلط على مؤشرها الأمر، و راح يتأرجح يمينا و يسارا بعيدا عن الصواب.
تلك المؤثرات هى إلحاح الآخرين، و محاولة الإجبار على شيئ معين و اتجاه مخالف لاتجاه البوصلة الصحيح؛ فعندئذ تكون عواقب السير فى الطريق غير معلومة، هل يؤدى للنجاح و الرضا ، أم للفشل و الحسرة؟
لاشك أن هذا العمل غير أخلاقى و لا إنسانى؛ فالانسان يحتاج لاقتناع كامل من داخله بالطريق الذى سيسلكه؛حتى يستطيع تحمل مشقته و التحرك فيه بكفاءة و حرية، لا أن يسير مدفوعا لا يحركه سوى زحزحة الآخرين و أوامرهم العسكرية. فالانسان ليس آلة متحركة، لكن الإحساس و الاقتناع هما القوة الدافعة الحقيقية لتحريك عجلة الحياة.


لا تسمح لأحد بالتأثير على بوصلة حياتك و احمها من الصدأ لكيلا تكون عديمة القديمة، وحافظ دائما على وضوحها و رونقها فهى الدليل في هذا الزمن.