الاثنين، 20 أغسطس 2012

شرذمة قليلون


استهانة الحاكم بالمعارضة أو من أراد اسداء النصح له و التعبير عن رأى مخالف هو أول الطريق للهاوية ؛فهو ينم عن غرور الشخصية و اغترار بالسلطة و وحدانية الحكم.

ماذا فعل مبارك عندما علم بوجود ما يسمى " البرلمان الموازى" ؟ قال عنهم "دعوهم يتسلون" كان ذلك بداية انقلاب ؛فالاستهانة  بالإنسان تعطيه أكبر قوة ليثبت العكس فهو لديه دوافع اثبات الذات و الانتقام لإهمال وجوده و الاستعلاء عليه.
فالسلطة مصدرها الشعب كما تقول اسس الديمقراطية أما أن يستخدم الحاكم السلطة لقهر الشعوب و فرض الأحكام و الآراء من جانب واحد فذلك قمة الفشل الحاكم المستبد يكتب تاريخ نهايته الوضيعة السيئة.
البرلمان الموازى ظل يتشعب و يتعمق و جاء على سبب هين غير متوقع: شباب متحضر يملؤه الحماس و الشجاعة و غلبت الكثرة القوة.
و لما اقتربت الحشود الزاحفة من القصر قرر الاستسلام و ترك الأمر ،فأعلن التنحى و التنازل عن العرش ،و اسودت الدنيا فى وجهه فى ليلة بلا قمر،و لما علم أن ما يحدث هو القدر،سارع بتهريب الثروات لكى لا يخسر،و نسى الآخرة و الحساب فى يوم الحشر ،ثم رغب فى نهاية غير نهاية الهاربين ؛طمع فى نهاية مشرفة رغم كل شيء ؛فأنكر جميع التهم و أصر؛ على أنه ضحية شعب همجى غادر ،و لم يجد بعد كل هذا التخطيط سوى المؤبد و الأسر،فلا هو استمتع بالثروة و لا استفاد بها شعبه المنقوع فى الفقر.

و كما استحقر فرعون بنى اسرائيل و استهان بهم واصفا إياهم بالجماعة القليلة "إن هؤلاء لشرذمة قليلون" ،فقد كان هذا أكبر دافع للمقاومة فليس لهؤلاء ما يخافون عليه أو منه بعد ان ضاقت عليهم عيشتهم و فقدوا أسباب المعيشة و مقومات الحياة ،فكلاهما موت :عيش ذليل أو مقاومة قاتلة

و شرذمة كل شيء: البقية الباقية منه و هى قليلة

و كانت النتيجة غرق فرعون حيث أخرج الله  فرعون وقومه من بساتـين وعيون ماء, وكنوز ذهب وفضة, ومقام كريـم، وأوْرَثْ بنى إسرائيل تلك الـجنات التـي أخرجهم الله منها والعيون والكنوز والـمقام الكريـم عنهم. وكتب للشرذمة القليلة من بنى اسرائيل النصر و النجاة عندما أتْبَعُوهُمْ مشرقـين حين أشرقت الشمس

و بالرغم من قلتهم إلا أنهم أغاظوا فرعون و جعلوه يحذرهم و يخشى بأسهم

" إِنّ هَـَؤُلآءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ * وَإِنّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ "

و كان الله مع موسى و قومه فقد أخبرهم قبل خروجهم أنهم سوف يكونون مراقبين

"وَأَوْحَيْنَآ إِلَىَ مُوسَىَ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيَ إِنّكُم مّتّبِعُونَ"

و لما استبد ببنى اسرائيل الخوف و قالوا لموسى "إنا لمدركون" قال لهم بيقين "كلا إن معى ربى سيهدين"

و تحقق ظنه بربه فأوحى اليه الله أن يضرب البحر بعصاه ليصبح جبالا متفرقة ثم جاء فرعون ظنا منه أنه ليس ببحر لكن الله أغرقه و أغرق من كان معه، ثم أنجى بدنه فقط ليكون لمن بعده آية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق