الجمعة، 3 يوليو 2009

خلود الجدود

الأهرامات .. كلمة تثير في النفس المصرية الشموخ و الفخر و الحزن و الحسرة على المجد الغابر فما أعظم الفرق بين المصري القديم و المصري الحديث

نظرة إلى أعلى إلى قمة الهرم التي تناطح السحاب ثم ينحسر البصر خاسئا مرتداً إلى أرض الواقع و ما وصلت إليه الأحوال الحالية من سلبيات و إهمال و نفوس محبطة....

كلما نظرت إلى الأهرامات تقف مشدوداً منبهراً حتى لو كانت المرة المليون التي تشاهدها فيها..و لعل السبب في ذلك أنك تشعر بتضاؤل الكائنات الأخرى بجانب حجم الهرم بل حجر واحد من حجارته و تخيل عملية نقل الحجارة الكبيرة واحدة فوق الأخرى و تصميم مداخل و دهاليز بداخله و أسرار حيرت العالم و جعلتها معجزة من معجزات الدنيا..

و صمودها عبر الزمن لتشهد بحضارة و مجد المصري القديم جيلا بعد جيل غير عابئة بما يدور حولها من كوارث مثل الزلازل وعوامل التعرية و الحرائق و الحروب و غيرها من الحوادث التي مرت عليها فلم تزدها إلا رسوخا في الأرض وعلوا في السماء و شهرة و انجذاب لها من جميع الأنحاء.

أهمية الأهرامات في العقيدة المصرية القديمة

كان أول ما يفكر فيه ملوك مصر عقب توليهم الحكم و الانتهاء من مراسم دفن الملك السابق هو الإعداد لمكان يليق بدفنهم حيث كانوا يؤمنون بالبعث و الخلود و من هنا كان حرصهم الشديد على دفن ممتلكاتهم الثمينة معهم .و أن تكون أماكن دفنهم على درجة عالية من الفخامة و الإبداع و أعلى مستوى من الحماية من اللصوص.

إبداع لن يتكرر:

خضع موقع الهرم لدراسات جيولوجية و فلكية حيث كان هناك عاملان هامان في تحديده؛ أولهما أن يكون الهرم في الناحية الغربية حيث توجد مملكة الموتى ، و الثاني أن تكون الهضبة التي سيبنى فوقها صالحة للبناء و أن يكون المكان متصلاً بنهر النيل لتسهيل نقل الأحجار من المحاجر إلى موقع الهرم.

ارتبط اختيار مدخل الهرم بمكان النجوم التي تقع في الشمال حيث كان المصري القديم يعبد الإله رع إله السماء الذي يشرق و يغرب في السماء ؛و لهذا اعتبروا الهرم سلماً يدفن داخله الملك ليصعد عن طريقه إلى السماء فالشكل الهرمي يمثل رمزا من رموز الشمس.

أما طريقة تثبيت حجارة الأهرامات الضخمة فهي بدون استخدام الملاط مطلقا لكن باستخدام فكرة كاسات الهواء: يملئون الحفر الني فوق الحجر بنوع من النفط ثم يشعلونها و يضعون الحجر الآخر فوقها فتحدث خلخلة في الهواء تثبت الحجرين معاً.

لماذا الشكل الهرمي؟

من خصائص الشكل الهرمي أنه يعيد تلميع العملات المتأكسدة و يساعد علي التئام الجروح و الحروق في فترة قصيرة - و حتى الحالة النفسية يفيدها فالجلوس تحت حيز هرمي الشكل يبعث على الشعور بالراحة و تخفيف التوتر و القلق كما يسبب حالة من التأمل و الهدوء.

و يقال أن درجة الحرارة داخل غرفة دفن الملك بالهرم الأكبر علي مدار العام لا تتعدي 22 درجة وهى درجة حرارة وسط بين البرودة و الحرارة و سبب ذلك و جود ثقبين يخترقان الصخور.

قمة الهرم:

أظهرت الدراسات العلمية أن قوة الهرم تتركز في نقطة التقاء المثلثات الأربعة التي تمثل أوجه الهرم ، و من تجارب الذين استطاعوا الصعود إلى قمة الهرم و الوقوف عليها :تحدث أحدهم عن شعوره بشحنة كهربية جارفة ، و آخر تحدث عن إحساسه بمجال طاقة رهيب يدفعه للهبوط قبل أن يفقد إحساسه و غير ذلك من الأقاويل العجيبة.

براعة المصري في إخفاء الكنوز:

حرص الملك خوفو على إخفاء حجرة الدفن الخاصة به عن طريق أجزاء ضخمة من أحجار الجرانيت لإغلاقها ووضع نصوص تحذيرية أمام مدخل المقابر تتوعدهم بلعنة تصيبهم إن هتكوا حرمتها و قدسيتها.

تكريم و تشريف:

كان العمال القائمين بأعمال البناء و نقل الحجارة يعملون برضاهم و يأخذون أجرا على عملهم و ليس بتسخيرهم لأن السخرة يمكن أن تنتج مباني ضخمة و لكن ليس فيها إبداع أو إعجاز فني مثل الأهرامات، و تكريماً لهم فقد تم تخصيص مقابر لدفنهم بجوار الهرم مثل مقابر النبلاء و الموظفين و ذلك يعكس الذكاء و حسن الإدارة.


 

كيف تصل للميت كنوزه (وجهة نظر حديثة جداً):

إذا كان المصري القديم قد حرص كل الحرص على أن يدفن معه كنوزه و مجوهراته و أجهد عقله في التخطيط لهذا و تضليل اللصوص لكيلا يصلوا إليها؛ فإن التفكير في هذا الأمر من الناحية الإسلامية سهل و بسيط جدا: يتصدق بها ابتغاء وجه الله؛ فيصله الثواب موفورا مضاعفا، كاملاً غير منقوص، و ينعم في الجنة بما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر، و شتان بين حلى الجنة من ذهب و لؤلؤ و فضة و حلى الدنيا، و ما عند الله خير و أبقى.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق