الخميس، 18 يونيو 2009

و ما بكم من نعمة فمن الله

المؤمنون حقاً يستشعرون نعمة الله عليهم من حولهم فى كل صغيرة و كبيرة و فى كل نعمة خاصة أو عامة ؛ قديمة أو حديثة ، فإن عامة الناس يغفلون النعم العامة التي تشملهم و تشمل غيرهم ؛ و يبتغون النعم الخاصة التي تخصهم هم ، و ينظرون إلى زيادة المال و البنين و الجاه و السلطان كأنها كل ما في الكون من نعم ، فيدفعهم ذلك إلى عدم الرضا بما قسمه الله فيخسرون أيما خسران، و تذكر نعم الله و أفضاله من علامات الفلاح – قال تعالى "فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون".

سورة النحل تتضمن ذكر الكثير من نعم الله و لذا سميت بسورة النعم حيث تستعرض السورة خلق السموات و الأرض و الإنسان و النبات و خلق الأنعام بما فيها من دفء و منافع و غذاء والزينة و حمل الأثقال ، و تتابع الليل و النهار فكيف يتحمل الإنسان ليلاً سرمدياً أبدياً بلا نهار يبصر به أو نهاراً سرمدياً بلا ليل يسكن فيه ، و ذكر تعالى نعمة البحر و ما نستخرج منه من أسماك و لآلئ و درر ، و الجبال الرواسي التي تثبت الأرض و تحميها و نجوم السماء التي يهتدي بها الناس في تحديد مواقعهم عندما يضلون الطريق في بحر أو بر.

فكل هذه الآيات لا ينكرها إلا جاحد مستكبر ذو نفس مريضة و فطرة غير سوية و لكن إذا مسه الضر يسرع و يلجأ إلى الله حيث لا ملجأ و لا منجى سواه فلما يذهب الله عنه الشدة يشرك بالله و ينسى رجائه و دعائه بين يدي الله فبئس العبد هو.

و يدعونا الله لتأمل عجائب صنعه و كيف أوحى إلى النحل أن يتخذ بيوتاً من الجبال و من الأشجار فيخرج منها العسل الذى فيه شفاء للناس ، كذلك خلق الأجنة فى الأرحام و إخراجها ضعيفة صغيرة لا تعلم شيئاً و إعطائها ما يكسبها المعرفة فجعل للإنسان السمع والأبصار و الأفئدة و التي لولاها لبقى عاجزاً معزولاً عمن حوله.

و سكن البيوت حيث الظل و الهدوء سواء البيوت المبنية أو المقامة في السفر و الترحال ، و الظل نعمة كبرى فلولا أن الله جعل مسار الشمس بحيث تتحرك لبقيت عمودية فتؤذى الناس بلهيبها و شدته ، و هداه لصنع الملابس التى تحميه من متغيرات الطقس و الدروع التي تحميه من بأس الحرب و ذلك من تمام فضله و نعمته.

و نعمة أخرى جليلة أن الله لم يجعل للشيطان سلطاناً على الذين آمنوا و على ربهم يتوكلون فالشيطان يخنس (أى يختفي) بمجرد الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، و ضرب الله لنا مثلاً لكفران النعمة قرية كانت آمنه مطمئنة بها خيرات فلما كفرت بالنعم أبدلها الله بالخوف و الجوع جزاءاً وفاقاً ، و مثلاً لمن أدى حق الشكر فكافأه الله بالهداية و الاصطفاء – سيدنا إبراهيم خليل الله – قال تعالى :"إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً و ما كان من المشركين شاكراً لأنعمه اجتباه و هداه إلى صراط مستقيم"

و نعم الله متتابعة لا تنتهي فكيف نعدها أو نحصيها؟ قال تعالى: "و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها"

و قد افتتحت كثير من السور بحمد الله مثل سور فاطر "الحمد لله فاطر السموات و الأرض"و غافر"الحمد لله غافر الذنب و قابل التوب شديد العقاب ذي الطول" و أمرنا الله في آيات كثيرة بالحمد مثل سورة الكهف"و قل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً و لم يكن له شريك في الملك و لم يكن له ولى من الذل و كبره تكبيراً"

و من الأدعية المأثورة : اللهم ما أصبح بى من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك فلك الحمد و لك الشكر ، الحمد لله عدد ما في السموات و الأرض , الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك ....

"سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين"


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق