الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

عقوبة المقاطعة


ماذا تفعل لو اكتشفت أن الجميع يقاطعك ،و أنك عندما تتحدث لا يرد عليك أحد ،تأكل وحدك تعيش وحدك كأنك ترتدى "طاقية الإخفاء" كأنك فى المجتمع سراب كأنك لا شيء.. كأنك لم تكن....

ما أقسى أن يكون الانسان منبوذا وسط أهله ،يحدثهم فيعرضون عنه و يشيحون برؤؤسهم فى اتجاه آخر ،و ليس هذا الصنيع من خلاف شخصى أو خصام وقتى بل هذا طاعة لأمر الرسول وواجب دينى يفرضه عليهم المجتمع المسلم الآمر بالمعروف الناهى عن المنكر ،الجسد الواحد الذى ينبذ و يرفض أن ينضم إليه الجبناء أو من يتباطئون و يقعدون عن الدفاع عنه وقت الخطر و يخافون على أنفسهم من المعركة أكثر من خوفهم على الرسول الكريم ،فإبقاء هذا العضو الفاسد فى المجتمع الإسلامى يضعف بنيانه و يفت عضده ،لذلك فقطعه و الانفصال عنه هو الأفضل حتى يعود لرشده و يتوب عن ذنبه.

هم ثلاثة جمعهم تصرفهم و تفكيرهم ليصبحوا نفس الحالة التى قضى الله فيها أمرا و رسوله...

ثلاثة من المسلمين أقعدتهم همتهم الغائبة عن الخروج مع الرسول للجهاد لكن أبى إيمانهم إلا أن يدفعهم للاعتراف بذلك الذنب أمام الرسول ،بالرغم من خطئهم و ذنبهم الكبير و هو التخلف عن الجهاد ،و ذلك ذنب لا يقوى عليه غير المنافقين ،هم فقط من ضمن المتخلفين عن الجهاد الذين اعترفوا بأن لا عذر لهم فى القعود أما الباقى فقد قالوا أعذارا وهمية يخادعون الله و هو خادعهم ،باقى المعذرين كذبوا على رسول الله – و ما أشده من ذنب- و لذلك أمر الله رسوله بعدم قبوله خروجهم معه مرة اخرى للجهاد لأنهم رضوا بالقعود أول مرة.

أما هؤلاء الثلاثة فقد فرض الله عليهم عقوبة ينفذها المجتمع نفسه ،و هى عقوبة المقاطعة ،قبل أن يتوب عليهم و يسمح لهم بالتوبة

و المقاطعة أو الحديث بالنصح و النهى عن الشيء الخطأ من أساليب الزجر المؤثرة ؛نهى بالصمت المطلق و تجنب الشخص أو نهى بالكلام و النصح أفضل من عدم الاهتمام مطلقا بما يفعله العاصون.

لهذا ذم الله اليهود لسكوتهم على المنكر و عدم ردع الفاعل و لعنهم الله بسبب ذلك و بسب بكفرهم و عصيانهم الذى انتشر بينهم لعدم وجود نهى بعد فعل المنكر و التجاهل و الاستهتار بالذنب من أقبح ردود الأفعال تجاه المنكرات.

"كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" المائدة (79)

فالنهى عن المنكر من صفات الأمة الإسلامية التى أهلتها لتكون خير أمة أخرجت للناس و قد سبق ذكره قبل الإيمان فهو من مقتضياته و لوازمه.

كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ " آل عمران (110)

 و الحياة مليئة بمثل هذه النماذج التى تستدعى النفور و المقاطعة ،و من أشهر الامثلة الفتيات اللاتى يخلعن الحجاب فى حفلة زفافهن أو الخطوبة باستخفاف شديد بأوامر الله ،و بتشجيع من أمهاتهن – المشتركات فى الذنب – و الأقارب بدعوى أنها ليلة العمر و علي العروس الظهور بأجمل صورة ممكنة و لكى تكون الصور رائعة تسعدها طول العمر ،و نست العروس أنها إذ تفعل هذا تبدأ حياتها بمعصية خلع الحجاب فهل تشكر الله أن يسر لها الزواج و رزقها بالزوج الذى ارتضته بأن تعصي الله فى بداية حياتها الجديدة ؟و هل تأمن أن يعاقبها الله فتتوه فى هذا العالم الجديد المجهول أو يقسى عليها قلب زوجها و تذهب السعادة التى ترجوها...فطاعة الله هى التى تضمن لها استمرار النعمة و حفظها.

فلو نفرت صديقاتها من هذا السلوك و نهرنها عن خلع الحجاب و استنكرن ذلك صراحة فى وجهها لخجلت من نفسها و لعلمت أنها ليست على صواب و انتهت عن ذلك إن لم تكن فعلته و فى ذلك خير لها و لنظيراتها.

و لماذا نتجاوز فى حدود الله و لا نقبل أن يتجاوز أحد فى حقوقنا و الله أحق بالخشية و التعظيم ؟لو قاطع الناس المتجاوز لحدود الله مثل المفطر فى رمضان أو الفاحش البذئ الذى يؤذى الناس بلسانه لأحس و لو جزئيا بأنه غير مرغوب فيه و أن سلوكه لابد أن يتغير مع الله و مع الناس.

ماذا لو استخدمنا عقوبة المقاطعة كوسيلة آمنة و بعيدة عن العنف لردع العاصين و المذنبين – إضافة إلى عقوبة المحاكم الشرعية الإسلامية -فتلك طريقة فعالة للنهى عن المنكر ..كى يشعر من يفعل المنكر أنه حقا نكرة فى المجتمع و لا يصح أن يعاملوه باحترام و هو يعصى الله و لا يستحي ،و هذا خير له بدلا من ان يشعر أن ما يفعله من ذنب حرية شخصية و لا شأن لأحد به ،و مثل هذا الكلام الذى يردده الشيطان فى أذن العاصى المصر على ما يفعل و المستمر فيه ،حتى إذا تاب و آب رحب به المجتمع و فتح ذراعيه له مرحبا و مشجعا على فعل الخير و الالتزام بالأخلاق الإسلامية العالية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق