الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

ما بعد إجابة الدعاء

عندما يمس الإنسان الضر يهرع إلى الله، و لا يزال يدعو و يدعو لا يسأم و لا يمل، و قد يصحب الدعاء عهود بالطاعة و التوبة و الندم على التقصير و الذنب، و الله كريم مجيب الدعاء فإذا أجيبت الدعوة وجب الالتزام.


فحقيق بالمؤمن و حق عليه أن يشكر لله استجابته، و أن كشف الضر عنه و لم تعد يداه صفرا فارغة بعد أن رفعها بالدعاء، وواجب عليه أن يتذكر حاله قبل الدعاء و بعده و لا ينسى عطاء الله و كرمه، و عليه أن يوفى دينه، عهده لربه الذي عاهده عليه وقت الأزمة و أن يلتزم بالصراط المستقيم و لا يجعلن النعمة تنسيه واهبها و لا يأخذه بريق و زينة الدنيا.

و يعلمنا الله أدب ما بعد الدعاء في القرآن، فقد أمر سبحانه كليمه و نبيه موسى عليه السلام - عقب تبشيره باستجابة الدعاء له و لأخيه – أمره بالاستقامة و عدم إتباع السبل و التفرق و تلك من أسباب الشكر و الثبات على الخشوع و التضرع اللذين يشملهما الدعاء الصادق.


"وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ * قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" يونس(88،89)

فما أشد عقوبة خالف عهد الله؛ هي عقوبة قوية متعلقة بنطفة في الجسم إن صلح صلح الجسد كله، و إن فسدت فسد الجسم، القلب ، فعقاب الله لمن خالف عهده أن يورثه النفاق في قلبه بشكل دائم طوال حياته و حتى يلقاه.


"وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ" التوبة (75، 76،77)


و ما أصعب تلك العقوبة؛ ففرصة النجاة منها ضئيلة لأن صاحب القلب المنافق لا يخلص أبدا، و لا يفوز برضا الله إذ يشرك معه في الإخلاص و طلب الرضا آخرين، فلا يكاد يصل إلى غايته أبدا، بل يظل تائها بين الناس و المتاع الزائل إلى أن يأتيه اليقين و يلقى ربه بقلب منافق أثيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق