الثلاثاء، 1 سبتمبر 2009

كيف تشملك نعمة غيرك؟

إن أصحاب القلوب الصافية و الفطرة السليمة يعتبرون فضل الله على غيرهم بشرى لهم و فضل و كرم من الله، فيسعدون لسعادتهم و يتمنون مثلها من الله، أما ذوي الأحقاد و القلوب المريضة فيستاءون ويقارنون ما لديهم بما لدى غيرهم و ربما يستكثرون النعمة على غيرهم و تنهشهم الغيرة فيدمرهم الحسد و يفسد عليهم حياتهم، و لا يقنعون بفضل الله عليهم فتكون عقوبتهم أن يأكل الحسد أعمالهم يوم القيامة كما يأكل النار الهشيم.

فالذى يفرح لنعمة أصابته فقط يسعد في أوقات معدودة محدودة ؛ أما الذي يفرح لفرح غيره فيفرح مرات و مرات و يعايش مشاعر جميلة عاشها من قبل أو تمنى أن يعيشها فتضئ له حياته و تغمرها بالرضا و الأمل ، و العكس صحيح فإذا رأى المسلم ضراً أصاب أحداً تأثر له وساعده، وواساه فالمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر و الحمى ؛ و إن كان أغلب الناس يتأثرون بمصائب الغير و لكن ذلك وقتياً و بمرور الوقت ينسى الناس ما كان فلا يتذكرون المصاب و لا يتعهدونه بالرعاية و العون بل يتركونه في خضم الحياه يناضل و يكافح بلا سند ممن حوله فلا يتذكرونه إلا إذا أصابهم مثلما أصابه و دارت عليهم الدوائر.

و الغبطة أن تتمنى مثل النعمة الحاصلة لغيرك فيكون ذلك حافزاً للوصول إلى الأحسن و يؤدي إلى التنافس محمود، أما الحسد فهو أن تتمنى زوال نعمة غيرك و هو بالطبع خلق مذموم و فعل محرم ؛ قال تعالى "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله".

و في القرآن الكريم قال الله تعالى في سورة مريم "هنالك دعا زكريا ربه"؛ لقد كان سيدنا زكريا يجد عند مريم رزقاً كثيراً كلما دخل عليها المحراب و لما سألها من أين لك هذا ؟ أجابته "إن الله يرزق من يشاء بغير حساب" هنالك انطلقت من أعماق القلب دعاء خالص أن يهبه ذرية طيبة و هي الأمنية التي طالما تمناها زكريا عليه السلام حتى اشتعل الرأس منه شيباً فاستجاب له الله ووهبه يحي عليه السلام حناناً من لدنه و الذي كان براً بوالديه و كان صالحاً تقياً.
و مطلوب من المؤمن أن يشكر الله أيضا على نعمة الغير كما في دعاء الرسول عليه الصلاة و السلام "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد و لك الشكر"و أن يطلبه لنفسه أيضاً كما فى الدعاء "اللهم ما قصر عنه رأيي ولم تبلغه نيتي، ولم تبلغه مسألتي، من خير وعدته أحدا من خلقك، أو خير أنت معطيه أحدا من عبادك، فإني أرغب اليك فيه"

فياليتنا نترابط و نتكافل معاً و نلتزم بأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم "لا تحاسدوا و لا تباغضوا و كونوا عباد الله إخوانا" كى نحيا فى سعادة و نجنى ثمرة الطاعة بفضل الله و برحمته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق