الجمعة، 4 سبتمبر 2009

دقات العمر

من منا لم تؤرقه دقات الساعة في أوقات القلق و الانتظار المرير؟ من لم يخرج الساعة المدوية من مكان نومه حتى لا يصاب بالجنون و قد استعصى عليه النوم في ليل طويل؟

دقات الساعة الرتيبة ليست فقط حركة عقارب و ثوان و تروس متتابعة بل هي حركة عداد العمر...العمر الذي ينتقص كلما مرت الساعات فيمضى العمر الثمين و ترحل ليالي كنا نظنها كثيرة و هي في الحقيقة معدودة قليلة.

"أليس الصبح بقريب؟"

مهما طال الليل فلابد له من نهار.. فلماذا يتعجل الإنسان حدوث الأشياء؟ حقاً لقد خلق الله الإنسان من عجل، لماذا لا يستمتع باللحظة الحالية بكل ما فيها؟ فليس الغد بأفضل من اليوم و ليس اليوم بأفضل من الأمس...

لماذا نفسد الحاضر بانتظار و ترقب المستقبل البعيد إذا كان مشرقا نأمل فيه الخير، أو القلق الشديد بشأنه إذا كان معتما نخشى منه الغدر.

ما أعجب الإنسان..

الطفل غير راض عن كونه صغيرا و الكل يتحكم فيه و مراقب من الوالدين في أفعاله و أقواله متلقيا التوجيه و اللوم و في كل وقت ...فهو يتمنى أن يكبر سريعاً.

الشاب غير راض عن كونه لم يعمل بعد فهو يتمنى أن يستقل بذاته و يكون حياته الخاصة.

الرجل غير راض عن كونه أصبح مقيدا بسلاسل من المسئولية لينفق على أسرته و متطلباتها الكثيرة فهو يدور في دوامة الحياة لا يكاد يلتقط أنفاسه.

الموظف غير راض عن كونه ملزماً بالحضور و الانصراف في مواعيد ثابتة فهو يتمنى لو استقل بعمله ليكون متبوعا لا تابعا و لا تحكمه اللوائح.

المحال على المعاش غير راض عن كونه لديه وقت فراغ طويل و لا أحد يهتم بخبرته فى الحياة.

الفتاة تتمنى أن تتزوج لتكون ملكة في بيتها فتترك أكثر الناس حباً لها و أرأفهم بها: والديها.

السيدة تتمنى أن تنجب أطفالا يملئون حياتها بهجة و صخبا.

الأم تتمنى أن يكبر أبناؤها لتتخفف من مسئولية التربية التي أثقلت كاهلها.

الجدة تتمنى و تستجدى زيارة الأبناء و الأحفاد بعد أن تشعر بوحشة المكان بعد أن غادره الأبناء بالزواج أو السفر واحداً تلو الآخر.

لماذا هذا الإنسان غير راض عن وضعه في كل مرحلة عمرية من حياته و لما يصل إلى ما يتمناه يعرض عنه و يتمنى شيء آخر؟ أليس الأفضل أن يرضى كلٌ بما هو متاح لديه؟

لقد أمرنا الله بالرضا و نهانا عن تمنى ما بيد الآخرين، قال تعالى: "و لا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض"

كما أمرنا بألا نتعجل الأحداث فهي آتيه في وقتها التي قدرها الله سبحانه: "أتى أمر الله فلا تستعجلوه"

و علاج الأرق سهل و أكيد بذكر الله و صلاة ركعتين فى غسق الليل تذهب القلق ليحل مكانها الطمأنينة و هدوء النفس.

أما وقت الفراغ الطويل فذلك يستدعى خطة محكمة فقتل الوقت (و هو تعبير دارج مرفوض) هو قتل للعمر فهل يرضى إنسان لنفسه أن تتسرب أيامه من بين يديه؟ إن وقت الفراغ ليس مفتوحا أو مباح إهداره في أشياء تافهة مثل التسكع في الطرقات أو لعب النرد (الزهر) أو مشاهدة مباريات الكرة بشكل مبالغ فيه ، و بالنسبة للفتيات و السيدات لا يصح تضييع الوقت في التسوق الغير هادف و كثرة الحديث في الهاتف ، وعلى الجميع عدم إضاعة الوقت في الجدال العقيم فكثرة الكلام بغير ذكر الله تميت القلب.

و لكي تتحقق البركة في الوقت لمن لديه أعمال كثيرة أو للطلاب وقت الامتحانات يجب تنظيم الوقت بحيث يتم تنفيذ الأهم فالمهم و محاولة العمل المتوازي (أي في نفس الوقت) للأعمال التي تسمح بهذا و التخطيط الأمثل للوقت.

كل الأوقات تمضي بخيرها و شرها.. ما يهم هو العاقبة و النتيجة؛ إن كان العمل فيها خيرا فخير و إن كان شرا فشر.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق