الأحد، 13 سبتمبر 2009

عبس و تولى

إن الله تعالى ينصر الضعيف و يسمع من يناجيه مهما كان شكله أو مكانته بين الناس طالما قلبه عامر بالإيمان؛ فرب أشعث أغبر يرفع يديه إلى السماء فيستجاب له و يتقبل الله منه و لا يتقبل من غنى شريف بين الناس.

و الفقراء يدخلون الجنة قبل غيرهم من الأغنياء فيرحمهم الله من سوء الحساب و طول الانتظار في أيام الآخرة التي هي كألف سنة من سنوات الدنيا ، فهم خفيفون بقلة ما امتلكوا في الدنيا، أما الأغنياء فسوف يحاسبون على أموالهم الكثيرة و كيف أنفقوها؟ حسابا يحصى كل كبيرة و صغيرة..

و الضعفاء الذين لا حول لهم و لا قوة يسمع الله استغاثتهم و شكواهم إليه، كما في سورة المجادلة:

"قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها و تشتكي إلى الله"

امرأة مستضعفة كادت تتعرض للتشريد هي و أولادها إلا أن ينقذها الله و يحكم الرسول لها بما أراه الله، جاءت الرسول و هي تأمل الخير بعدما اشتكت إلى الله فسمعها سبحانه و أنزل قرآنا في أمرها - و كم من الناس أعلى الله شأنهم فأنزل فيهم قرآنا يتلى على مر الأزمان- و استجاب لها و رحم ضعفها و حيرتها.

لقد علمنا الله الآداب القرآنية، قال تعالي: "عبس و تولى أن جاءه الأعمى" فقد عاتب الله نبيه الحبيب على عبوسه في وجه الأعمى، و كان سبب العبوس انشغال الرسول بدعوة أقوام شرفاء أراد دعوتهم للإسلام... بالرغم من كونه أعمى و لا يرى وجه من يتحدث إليه و لا يشعر بعبوسه إلا أن له حق الاهتمام به مثل المبصر تماما.

أفلا نتعلم من هذه الآية ألا نعبس في وجوه من حولنا خاصة إذا كانوا يقصدوننا في خدمة أو عمل؟ و الكلام موجه خصيصا للقائمين بإدارة مصالح الناس العامة، فكلهم في الهم سواء الموظف و المواطن طالب الخدمة كلاهما محمل بهموم المعيشة، فلماذا لا يرحم بعضنا بعضا؟ فمن مشى و سعى في حاجة أخيه يسر الله له أموره و كفى بذلك جزاء و خيرا كثيراَ.

ليس العبوس مكروهاً في وجه الغريب فقط؛ بل الأشد منه العبوس في وجه القريب الذي يلجأ إليك أو حتى بين أفراد الأسرة الواحدة اعتمادا على أن كل واحد منهم سيتحمل الآخر و أنه يمكن الاستغناء عن التجمل و كلمات الشكر الرقيقة في المنزل تخففا من روتين العمل و المجاملات المفروضة في تعاملات الناس الخارجية، و لكن هذا خطأ بالطبع فالعبوس و العنف لا يأتي بخير بل يزيد من الجفاء و يثير الغضب، كما أن الابتسام و الكلمة الطيبة لن تكلف الإنسان شيئاً بل سيريح نفسه و غيره.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق