الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

مبدع نهضة مصر

يشتد إعجابي كثيرا بالشخصيات اللامعة التي استغلت عمرها القصير في أعمال جليلة كتبت لأسمائهم الخلود و لأوطانهم الرفعة و الفخر




في زيارة سريعة لمتحف محمود خليل..استطعت تسجيل أحاسيس و ذكريات لمحات فنية لهذا المتحف الرائع.




تطالعك - إلى جانب التماثيل الكبيرة- منمنمات مصرية منحوتة تتعجب لشدة دقتها و تعبيرها الرائع عن معاني داخلية عميقة، خاصة وجوه الشعبية من فلاحين و شيخ البلد و زوجته و مهرجين أيضاً.

قاعة الخماسين:تشرف باحتواء تمثال رائع لسيدة تقاوم رياح الخماسين و قد أحاطت رأسها بوشاح لاتقاء الأتربة و قدمت إحدى قدميها و قد جسمتها شدة الريح، تضم يديها إلى صدرها ربما لتحكم ربط غطاء رأسها لكيلا يطير مع الرياح، تشعر بكمية الهواء المتسلل عبر ملابسها فتجعلها منتفخة كالبالون .. كم هى معبرة فعلا عن قسوة الطبيعة و مواجهة امرأة وحيدة للصعاب .




















تمثال العميان الثلاثة: مشهد لثلاثة عميان يستند أحدهم على الثاني الذي يسند بدوره على الثالث الممسك بالعصا .. ترى ماذا كان يقصد الفنان بهذا؟ هل يقصد الحال عندما يلجأ العاجز إلى عاجز مثله؛ و عجائب القدر في ذلك، أم هو الضعف المضاعف، أم أن التعاون يجبر النقص و يزيل الإعاقة؟ كلها صفحات مفتوحة في خيال الناظر للتمثال.











تمثال عروس النيل: به كثير من الدلال و الجمال الناعم؛ فتاة مرتدية حليها كاملة من قرط و عقد و الثعبان المقدس حول رأسها، و تلمح زاوية الحلق فى أذنها حسب جاذبية الأرض معطيا مصداقية فى التعبير.









تمثال الراحة: إنها الراحة بعد التعب؛ لحظات تغفو فيها تلك السيدة القائمة بأعباء المنزل التي لا تنتهي وقت القيلولة، لم تجد مكانا ترتاح فيه و تلتقط أنفاسها -لتواصل كفاح الحياة و كدحها- سوى ركبتها اليسرى متخذة من يسراها وسادة تريح عليها رأسها الواهن.





و أجملهم تمثال "نحو الحبيب" بما فيه من معاني السكينة و الهيام و الحب الممزوج بالخجل مع الإقبال و السعادة.








ترى لوحات كبيرة من الجض المنقوش منها ما هو بارز و منها ما هو منحوت في لوحات مصرية تمزج الريف الحديث بالريف المصري الفرعوني من خلال سوق (جر) أحد الفلاحين لبقرته و إمساكه بالمنجل و عشق الأرض و الزراعة أصل الخير في مصر.




حب محمود مختار لسعد زغلول واضح جدا في تنوع أعمال كثيرة له بين لوحة جداريه لسعد و هو يقدم مطالب الأمة و تماثيل بأحجام و حركات مختلفة له.




و أيضا معروض قصاصات الجرائد التي تشيد بفن محمود مختار سواء عربية أو أجنبية و رسوم كاريكاتيرية له.

و من ملابسه معطف أسود و آخر فاتح اللون معلقان حول مقعد محمود مختار الأثري.




و مجموعة العدة التي كان يستخدمها في النحت من شاكوش و أجنة و أدوات أخرى.

و في الختام يطالعك تمثال كبير الحجم لسيدة تملأ الجرة و تكاد تتألم من ثقل الجرة على يد تلك السيدة التي تلتقطها من الأرض بصعوبة.. لقد كان حقاً مدهشا و متميزا جدا.

بين الماضي و الحاضر
هل تتخيل الآن لو أن حملة إعلانية قامت لتدعو الناس للتبرع لتجميع تكاليف إنشاء تمثال ضخم يمثل مصر .. كيف يكون رد فعل الناس الآن؟
في العصر الحالي: سوف تجد الشيوخ ينقسمون إلى نصفين نصف يفتى أن تلك الأموال لبناء التمثال من قبيل زكاة المال
و الآخر يحرم المساهمة في بناء التمثال لان نحت التماثيل حرام أو لأن الناس أول بهذه الأموال
و تجد جامعي التبرعات يتفننون لاختلاس ما يستطيعون منها
هذا إن وجد أصلا من يتبرع لهذه الحملة اللهم إلا إذا كانت من قبيل الشهرة و التباهي
و بعد جمع التبرعات سيتوقف المشروع حتى تعتمد وزارة الثقافة خطة المشروع ..

أما بالأمس:

فى سنة1919 حدثت انتفاضة الثورة التي بدأت على أثرها حركة تبرعات شعبية لتغطية تكاليف تشييد تمثال نهضة مصر، وقد استجابت فئات الشعب المختلفة وتحمست الجماهير، وتبرعت نساء بحليهن، وظهر بين رجال الأزهر وخطباء المساجد من يدعون لإقامة التمثال وجمع التبرعات، حتــى بلغ مجموع التبرعات 6500 جنيه مصري، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت، وفي عام 1928 تزاحم سكان القاهرة والأقاليم في ميدان السكة الحديد الرئيسي لمشاهدة الملك أحمد فؤاد، ملك مصر فى ذلك الوقت، وهو يزيح الستار عن تمثال «نهضة مصر» في فرحة عارمة، بينما وقف مختار فرحاً بتحفته التي لم يتقاض عليها قرشاً واحداً. ثم عام 1955 نقل التمثال إلى مكانه الحالي.




و لأنه دائماً لا تكتمل السعادة، والنقصان يتربص بروعة و اكتمال البنيان؛ فقد أصابت محمود مختار علة في يده اليسرى ثم توفى عن عمر 43 عاما و لم تكتمل أحلامه فلم يكن مقدرا له أن ينحت تمثالا للاسكندر الأكبر

وفاء الأصدقاء

بعد وفاة مختار قرّر الدكتور طه حسين جمع أعماله في معرض خاص به، وذلك بعد استعادة جملة من أعماله التي صنعها في باريس ليفتتح المتحف في ركن مستقل من حديقة الفن الحديث في شارع قصر النيل بوسط القاهرة في مارس (آذار) 1952.

و يمكنك أن تشاهد فى المتحف لوحة معروض بها مقالة صديقه مصطفى عبد الرازق فى حفل تأبينه و كلماته المؤثرة عن فن محمود مختار المتميز و شخصيته الوطنية من صميم القلب.

نشأة المتحف:

في عام 1962 حرص الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة المصري آنذاك، على تأسيس متحف خاص لمختار، هو الذي تولّى تصميمه الفنان رمسيس ويصا وحاول فيه التعبير عن العلاقة التي ربطت مختار بأجداده الفراعنة، فجاء البناء على شكل هرمي، توجد بداخله رفات المثال المبدع وكنوزه الفنية مثل الأهرام التي شيّدها الأجداد ليدفن فيها الملك مع كنوزه وآثاره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق