هل الحقيقة هي ما نراها بأعيننا، و الوهم ما خفي عنا فنتحدث إليه أو عليه فقط دون مشاهدته أو سماعه؟
الحقيقة هي ما نصدقها و نطمئن إلى حدوث نتائجها و تحقق أشراطها و علاماتها.
أما الوهم فهو السراب، كلمة مائعة مصيرها التسويف أو الإهمال، و أماني آخرها التحويل و أشباح الخيال
و لله المثل الأعلى وصف نفسه بأنه الملك الحق: "فتعالى الله الملك الحق"
و رؤية الجنة حق و رؤية النار حق
و عين اليقين هي العين التي سيرى بها الإنسان يوم القيامة الجحيم التي ذكرت في القرآن و سوف يسأله الله عندئذ عن النعيم الذي تمتع به في حياته و كيف أنفق ماله و عمره و صحته.
و تخاصم أهل النار حق، حيث يلقى المجرمون على بعضهم الملامة و المسئولية عن المصير البائس الذي وصلوا إليه.
و الحق فوق الباطل دائما يغلبه و ينتصر عليه مهما طال الصراع
"بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق * و لكم الويل مما تصفون"
و من ثقة الإنسان في وعود ربه أن يثق فيما عند الله أكثر مما يثق فيما بين يديه و أن رزقه الذي فى السماء - و الذي أقسم الله أنه حق مثلما ننطق - سيأتيه و لابد فى الوقت الذي قدره الله.
و لذا لا يشترط أن نرى الشيء حتى نصدقه، تكفى علامات وجوده، و ثقة وعوده، و اكتمال الصورة الذهنية للصفات و النتائج، فليس كل حقيقة ترى.
و سؤال متعلق بهذه الفكرة : هل الحب ينشأ من القلب أم العين؟ أي هل من الضرورة رؤية المحبوب قبل أن يتعلق القلب؟
و الإجابة ببساطة في مثال و كلمة
المثال: حب الأم لطفلها جنيناً لم يخرج للحياة بعد، تظل تحبه و ترجو رؤيته و تهيئ له ملابسه و فراشه و تتخيل ملامحه و قسمات وجهه الصغير، و تتحمل آلام الحمل وعذاب الوضع المرير، صابرة مستسلمة حتى تتلقفه بين يديها لتراه عيناها لأول مرة بعد طول اشتياق.
الكلمة: الحب مكانه في القلب و يسكن فيه، و بالتالي ينبع من القلب إلى جميع خطرات و جوارح الإنسان و من ضمنها العين فهي تحت سيطرة القلب و تابعة له.
و كم من مجهول أضاف إليه الغموض جمالا و بهاء، و لما ظهر و أصبح معلوماً زالت تلك الهالة من حوله و عاد شيئا معتاداً.