الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

أقمار الصباح

صباح جديد كل يوم بين السادسة و السابعة و نصف صباحا، تظهر أقمار صغيرة مضيئة من وراء الستائر و النوافذ ترقب وصول العربات التي ستنقل أولادهن إلى المدارس.

بينما ينشغل الطفل في عجالة في ارتداء ملابسه و التهام إفطار سريع أو البحث عن متعلقاته المتناثرة أو إنهاء واجب تذكره فجأة أو تناساه في اليوم السابق، تكون الأم فى ترقب لمقدم العربة التي ستنقل أبنائها إلى حيث يبنون مستقبلهم و يرسمون معالم شخصيتهم و حياتهم الواسعة، الأبناء لا يدركون حقا أهمية ذلك الخروج الصباحي؛ فهو لا يحمل لديهم سوى معنى الإلزام الثقيل صباحا ، ثم الانخراط وسط الأصدقاء و الانطلاق في أوقات الفسحة و الفراغ بين الحصص أو داخلها، و الجوع الشديد ثم الانقضاض على أى طعام عند عودتهم لبيوتهم أو فى طريق عودتهم، ثم الرجوع من الرحلة الصباحية محملين بالواجبات و التعليمات الكثيرة.. فى دورات أسبوعية متتالية لا يقلل شدتها سوى يومي الأجازة حيث يتنفسون فيها طعم الحرية و الفوضى اللذيذة بدون قيود مدرسية، كل ذلك يتم دون الالتفات إلى لب الموضوع و الهدف الأكبر الذين يتحركون لتحقيقه ببطء ، و هو ما تراه الأمهات بقلوبهن و حكمتهن البعيدة، كأنهن يرين العربات تحمل الأبناء تنقلهم إلى المستقبل البعيد و المهن البراقة و ما تأمل الأم أن ترى أبناءها عليه بعد حين.

الدعوات هي ما تتحرك به ألسنتهن و قلوبهن، لعلهن يفزن بساعات من الهدوء المفعم بالحركة و النشاط في ترتيب المنزل بعد أن خلا من عناصر الفساد و الإفساد حيث لا يترك الأولاد أى شيء في مكانه الصحيح في اكبر احتفال للفوضى و الإهمال المنزلي، بعد الاطمئنان إلى انطلاق الأبناء تبدأ رحلة البحث عن الذات في هدوء ما بعد المعركة اليومية من إيقاظ للكسالى النائمين و إعداد للخروج و التأكد من كل شيء، و هذا هو الفرق بين المرأة العاملة وربة المنزل التي تحرم من تلك الساعات الهادئة لتستبدلها بساعات من ضغط العمل اليومي الذي ينسيها مؤقتا الأولاد و البيت لحين عودتها لاستئناف معركتها في المذاكرة و أداء الواجبات المنزلية دون وجود هدنة تستعيد فيها التوازن النفسي لكي تواصل اليوم و تكمله بسلام.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق