‏إظهار الرسائل ذات التسميات المثال، ثمثال، نحت، نهضة مصر. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المثال، ثمثال، نحت، نهضة مصر. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 22 فبراير 2012

مختار شاعرا


تناولنا في مقال سابق أحد أعمال الفنان محمود مختار الخالدة "مبدع نهضة مصر" لمؤسس النهضة الفنية الحديثة في مصر

و مقال اليوم يركز على زاوية خفية من حياة الفنان الرائع مختار الإنسان...

كان مختار مهتما بالشعر و جمال التعبير و الكلمات، و هل الفنان إلا مزيج من فنون عدة? شعر، نحت، رسم و أدب رفيع، كان معظم أصدقائه المقربين شعراء بارزين من قلب مصر اتحدت قلوبهم على حب مصر؛ فكونوا جمعية الخيال تضم مجموعة من كبار الفنانين و الشعراء و الآداب.

و من ذكريات حبه لمارسيل التي أعجبت بفنه و شاركته متاعبه و أفراحه :

لم يكن حبهما حب الشعور الفائر كان حب المهل الوئيد فظل في حنايا القلب حتى ملأ حياته, كانت تمتلك كل الهبات العزيزة عنده حيث تجددت كل الصور و الأشياء لتكتسب جوا من الشباب، فهي له كالقرين يلتقي جزءا من نفسه عندما يلتقي بها، اجتمعت فيها ميوله و هي التي ترضى عزة نفسه و طموحه ، يذكر أشعة عينيها التي أسرته منذ هذا اللقاء الروحي الذي أضاء حياته.

"إني أهيم في عينيك إنهما ترتشفان عقلي و روحي و كل خططي، إنهما تستحوذان على في اللحظة الحاضرة و إني أشعر بالأسى عندما أحس أن هذه اللحظة ستبعد عنى متحولة إلى الماضي".

و هو يرى الحياة إلى جانبها ساحرة جميلة يقول لها "ألا تكون الحياة جميلة عندما نشعر أن بالقرب منا شخصا في حاجة إلى وجودنا ؟ هل يحق لنا أن نشكو إذا ما كنا نحب هذا الشخص و نستلهم من وجوده و احتجابه مشاعر متعددة لا نهاية لها تتصل به و تنبعث عنه؟ "

بين أصدقائه يسميها الرئيسة و قلما يسمعه أحد ينطق باسمها فهو لا يزال الريفي الذي يستعمل الكناية عندما يتحدث عن حبيبته.

و كان يصف حبه لها قائلا: "كتبت لها خطابا فوجدته مرا فحرقته، إني أحببتها الحب الذي لا يعبر عنه بالكلام بل ينحت في الحجر الصوان الأصم"

"نعم كنت أحبها ذلك الحب المقدس و أبحث في عينيها عن هذا السر الذي كان يجذبني دائما ليس كما يبحث الإنسان بين الأعشاب عن خاتم وقع من إصبعه ؛ بل كما يبحث المرء عن سعادة صنعتها له الحياة بكل هدوء في أسرار الأشياء، كنت أحبها و أفاخر بهذا الحب السامي الذي وضعت تحت تصرفه جميع مواهبي لأقذف بها في أمواج الحياة المتلاطمة لأجعلها خالدة "

و لكن ما هو رد فعلها؟

"يظهر لي أنها لم تقدر هذه العواطف الرهيبة كأنها خشيت أن تنظر إلى عمق هذا الحب المخيف الذي لم تتعوده فأوقفته بيد من ثلج، انظر كيف تسرف في عدم الاكتراث و هي تعلم أن عدم الاكتراث ما هو إلا سم الحب القاتل"

و مع كل هذا يتمنى لها السعادة و يشفق عليها من تحمل مشاكله

"إنها سعيدة بدون هذا الحب ، وهل أنا أردت شيئا آخر غير سعادتها؟ بأي حق أريد أن أشركها في مستقبلي المليء آلاما و غيوما..بأي حق أريد أن أقذف زوابع حياتي و عواصفها في حياتها الهادئة الساكنة؟ لا فلتكن سعيدة و لتسامحني إذن عكرت عليها صفوها لحظة واحدة .. و ليكن كما أرادت"

و عزة نفسي تمنعني...

"أما أنا فسأخضع لعزة نفسي و أعود لوحدتي الساكنة، التي أجد فيها دائما الدواء الشافي لجروحي ، و سأنظر من هذه الوحدة إلى تذكار هذا الحب كما ينظر الإنسان إلى كسوف الشمس من خلال قطعة زجاج علاها سحابة من الدخان إلى أن تغيب ".

"لكنى سأبقى الإنسان الذي لا تراه العيون العادية أترقبها من بعد ... "


لكن الحب لا يموت في نفسه و تظل موجات المد و الجزر تتعاقب على مشاعره ، و دائما يتعلم من الطبيعة كيف يوجه زمام حياته.


المرجع: كتاب مختار ॥حياته و فنه تأليف بدر الدين أبو غازي