الأربعاء، 2 فبراير 2011

يوم الغضب

جاءني تحذير من أحد المخلصين بعدم نزول الشارع يوم الجمعة 28 يناير 2011، و كان يتوجس خيفة من العواقب، و لأني مشغولة بآلاف الأشياء بخلاف السياسة؛ فقد استمعت للنصيحة دون أن أعى ما وراء تلك الأحداث الجسام من ألم و انهيار...

فى ذلك اليوم المخيف تابعت التلفاز لمعرفة آخر الأنباء بشكل سطحي ، و عند المغرب فوجئت بقرار حظر التجول عندها أدركت أن الأمر جد خطير

ثم تأجيل امتحانات الكليات لأجل غير مسمى فأيقنت أن الأمر بعيد المدى

ثم توالت الأحداث المحزنة المفزعة: اعتداء على المتحف المصري

امتداد الحريق ليشمل المجلس الأعلى للصحافة و المجالس القومية المتخصصة و كلها مؤسسات هامة و حيوية و لم تؤذى أحدا من المتظاهرين بشكل مباشر

كيف سمحت لهم نفوسهم بترك المبنى هكذا يشتعل بدون أن تتحرك عربات الإطفاء

نداء زاهي حواس المحب الأول لآثار مصر و هو مرابط بالمتحف لتأتى حماية الجيش بسرعة، دروع بشرية حول المتحف بعد عمليات سطو دنيئة بشعة على المومياوات و تكسير أحدها

ماذا فعلت لهم تلك المؤمياء الهادئة المستقرة من ملايين السنين كى تتكسر بهذا الشكل المهين، و التماثيل الصغيرة السوداء التى تمثل عساكر من الزمن الفرعونى القديم و غيره من علامات التكسير فى المبنى.. هكذا فى لحظات

كله إلا الخراب..إلا الحريق و إفساد ما تم بناؤه من ميزانية الدولة الهزيلة و التى ستزداد هزالا و ضعفا.

أننى أوقن أن هؤلاء المتظاهرين أول الأمر لم يدركوا حجم المأساة و العواقب المدمرة لما قاموا به، بل لعلهم رأوا فى انتفاضتهم هذه عملا قوميا يثابون عليه و يقدمون به خدمة جليلة للوطن و لإخوانهم البؤساء، لكن النتيجة انحرفت فى مسار آخر مخالف تمام

فقد أدت تلك الأحداث إلى التالى

انهيار الاقتصاد فى لحظات سريعة

سحب الثقة فى الاستثمارات المصرية

سحب الرعايا و تقلص السياحة

و نتيجة طبيعية و على المستوى الأكبر تقليل أشد فى فرص العمل المتاحة

و بسبب حظر التجول و حالة الخوف السائدة:

تعطل العمل بالمصانع و بالتالى نقص العبوات الغذائية و غيرها مما يؤثر على حجم السوق و التجارة الداخلية

ثم المخاوف الكبرى و التى ليست ببعيدة حول إمكانية التدخل الاجنبى و انتهاز فرصة الفوضى في هجوم خارجي...

هل هذا ما يرجوه المتظاهرون؟

"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولى الأمر منكم"

لماذا لا ينتظر المتظاهرون قليلا ليتفاوضوا و يستمعوا لاقتراح الرئيس، و يتحدوا حول كلام العقل و الهدوء و السلام على الأقل فى تلك الفترة الحرجة من تاريخ البلاد، أقول لهم أنتم غير مفوضون من قبل كل فئات الشعب؛ فلا تتمادوا فى التظاهر قبل أن تستقر الأمور قليلا و نستطيع على الأقل جمع تلك الكلاب الضالة الهائجة التي انطلقت من جحورها سواء السجون أو المنحرفون القائمون بأعمال السلب و النهب و الترويع

اهدءوا و اسمعوا و أطيعوا حتى تهدأ الأمور، و بعد أن يستقر الأمن الداخلي و تصبحون قادرين على النوم و تشعرون بالأمن يمكنكم التفكير السليم المخطط، و يا حبذا تحت قيادة فئات راقية علمية توجهكم بشكل صحيح للسبل الشرعية للتعبير عن المطالب و الضمانات التي تحقق ذلك..

اهدءوا بارك الله فيكم كي تستعيد الدولة توازنها و لا تقع فيطحنها و ينقض عليها العدو المتربص..حينئذ لن ينفعكم غياب النظام أم حضوره ، بقاء الرئيس أم غيره، وجود البرادعى أو أتباعه..توحدوا.. اصمتوا قليلا حتى يعود الأمن و تدور المصانع مرة أخرى و تنطفئ الحرائق المشتعلة..


"و لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها و ادعوه خوفا و طمعا * إن رحمة الله قريب من المحسنين"


31 يناير 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق