الجمعة، 26 سبتمبر 2014

من يستحق الشفقة؟


القلب الطيب نعمة من الله ، و رقة القلوب فضل و رحمة، ألم يذم الله اليهود بقوله "ثم قست قلوبكم بعد ذلك فهى كالحجارة أو أشد قسوة"     بل أن الحجارة أفضل فقد تتشقق و يخرج منها الماء و قد تهبط من خشية الله.

إنما قلب القاسى الجحود قلب لا يلين يعيش بمعزل عن الآخرين و ينأى بنفسه عنهم و يعلو على الجميع استكبار و علوا، و خروج الماء من الصخر المتشقق مثل ما ينطلق فى قلوبنا من الرحمة و تندفع دماء العطف و التأثر حتى لتكاد تطفر الدموع عندما نرحم من هم فى ظروف سيئة أو من يعانى ألما و عجزا و لا نستطيع دفع  الألم عنهم.

بطل قصة "حذار من الشفقة" هو شاب يعمل ضابطا لكنه يحمل الكثير من الشفقة فى قلبه يتعرف على اسرة ارستقراطية نبيلة و تبدأ من هنا معاناته....

لكنه ليس وحده البطل الذى يحملنا على التعاطف معه بل هناك أب مكلوم و فتاة عاجزة و طبيب إنسان

الأب صنع ثروته من كل الطرق المشروعة و غير المشروعة حتى قذفه الحظ فى فرصة ذهبية رفعته بسرعة إلى علية القوم، و لولا أن فى قلبه ضمير مستيقظ و احساس دفين بالآخرين لما فاز بحياة هادئة مستقرة و زوجة رائعة مخلصة مستكينة.لكن السعادة لا تدوم فقد اختطف المرض زوجته و لم تنفعه ملايينه فى ابقائها على الحياة ،فعاشت ابنته محرومة من حنان الام ،فأسبغ عليها من كل وسائل الترفيه و السعادة لكن السعادة لا تكتمل ،فقد وقعت من ظهر الجواد و فقدت القدرة على الحركة لتعيش اسيرة العجز الجسدى و النفسى.

و استعان بطبيب فضله على كل الاطباء الذين عرضها عليهم لما لمسه فيه من انسانية ، و هل هناك دليل على انسانيته أكبر من زواجه من امرأة عمياء فقدت بصرها و قد طمأنها ذات يوم أنها ستشفى لكن الامور ليست تسير وفق ما يشتهى الانسان، و لما فقدت بصرها تزوجها كى يخفف عنها، و يخفف عن نفسه وطأة الاحساس بالذنب إذ جعلها تتعلق بأمل واه.

و كان لهذا الطبيب المعالج للفتاة فلسفته فى قابلية المريض للشفاء، لم يكن يؤمن بالشيء التقليدى أو العلاج الحالى بل كان يسعى نحو الحالات التى لم يجد معها علاج و يجتهد للبحث عن طرق جديدة للشفاء، فالطبيب الذى يكتب أدوية تقليدية و يعالج بطريقة تقليدية مثل الكاتب الذى يكتب الكلام المعاد و لا يبتكر أفكارا خفية أو ساد الاعتقاد بأنها لا يمكن تناولها، فالحقيقة أنه لا يوجد مرض غير قابل للشفاء (سوى الهرم) بل هو مرض لم يُعرف دواؤه بعد.

نعود للشاب الشخصية المحورية و التى تأتى القصة على لسانه عن طريق سرده للأحداث التى عاشها فى القصة ، هذا الشاب يسوقه القدر إلى قبول دعوة صاحب القصر و أبو الفتاة الكسيحة و التعرف عليهم عن قرب ،و تكررت الزيارات ربما بدون سبب ظاهر لكن كل من الضيف و المضيف أحب تلك الزيارة اليومية و ألفها و تعلق بها و استعد لها.

سحر الشفقة

كان ضباب الفجر ما زال يغطى المبانى و الحقول، و فيما نحن نركض بجيادنا بأقصى سرعة و نسيم البكور يحمل إلى أنفاسنا عطر الحقول المزدهرة فنعب منها جرعات تملأ صدورنا انتعاشا و حبورا ، و دماء الشباب الدافقة تتدفق فى أجسامنا النابضة بالحياة لاحت لى من بعيد أسوار القصر و قبابه العالية ، و للفور طعن قلبى إحساس مباغت بالرثاء للفتاة الكسيحة المحرومة من نعمة الصحة و الحرية ، خيل إلى أنه قد يجرح شعورها أن ترانى هكذا منطلقا كالسهم المارق أو الطائر السعيد و شعرت بالخجل من سعادتى الجسمانية كما يخجل المرء من امتياز لا يستحقه، لكن ذهنى تصدى لعاطفتى بالحجة المقنعة و المنطق السليم فلم ألبث أن تبينت سخافة إذلال النفس على هذه الصورة.

أدركت أنه لا جدوى من أن ينكر الإنسان على نفسه متعة ما لا لشيء إلا لأنه محروم منها، و يأبى على نفسه السعادة لأن غيره شقى، ففى الوقت الذى نضحك فيه و نتبادل النكات يوجد أناس آخرون فى أماكن مختلفة من العالم راقدين على فراش الموت و آخرون خلف الف نافذة و نافذة يعانون البؤس، و لن يخفف من شقاء إنسان واحد أن يٌشقى إنسان نفسه بنفسه بغير مبرر.لو حاول شخص أن يفكر فى مآسى الغير و يصور لنفسه صنوف البؤس الذى تنطوى عليه الدنيا لاستعصى عليه النوم و ماتت البسمات على شفتيه للأبد.

كانت البداية اشفاق على الفتاة من الوحدة و تخفيفا عن شعورها بالعجز، إذ أن جهله بمرضها أحرجها يوما فى بداية تعرفه بها لكنه مالبت أن عوضها بالزيارات المتكررة و التسرية عنها، حتى اليوم الذى تلقى فيه سخرية من أصدقائه و تهكما على تكرار زياراته لتلك العائلة الثرية متهمين اياه بالطمع و الرغبة فى عيشة رغدة و الاستفادة من كرمهم و ترحيبهم البالغ.  عندئذ أعاد النظر و التأمل لكن شفقته غالبته و انتصرت فعاد لعادته الجديدة فى الذهاب اليهم كل يوم.

لم يستطع الانقطاع عنهم لم يدعه قلبه يفعل ، فهل إذا قرر الانسان فى قرار انفعالى أن يقطع نهر شفقته بالآخرين يكون ذلك سهلا عليه؟ بالطبع لا فبالرغم من الراحة المؤقتة و التخفف من المسئولية : ان العطف الصادق لا يمكن قطع تياره بالسهولة  التى ينقطع بها التيار الكهربائى، فإن كل من يشغل نفسه بمصير إنسان غيره فلابد أن يفقد إلى حد ما حريته.

لاحظ الجميع مدى سعادة الفتاة بوجود الشاب فازدادوا به ترحيبا و تضاعفت الحفاوة ، و علت مكانته و الثقة به و مضى الشاب فى حياته يوما بعد يوم تتوثق صلته بالفتاة و ابيها و يزداد منهم قربا و ألفة، حتى ذلك اليوم الذى فوجئ الشاب بوالدها يأتى اليه فى مقر عمله راجيا و مستعطفا...

طلب صغير

لم يستنكف أبوها الشيخ العجوز أن يتضرع و يتوسل إلى الشاب أن يعرف من الطبيب بشكل غير مباشر حقيقة مرض ابنته و احتمال فرصتها فى الشفاء، و اعتبرها مهمة عظمى تستحق الشكر و العرفان.           

لكن لسوء الحظ دفعت شدة الشفقة الشاب لأن يقول –بدون أن يقصد تضليلهم – لابى الفتاة أن هناك أمل كبير فى علاج ابنته و أن حالة مشابهة لها قد شفيت.

و هرع الطبيب اليه بعد ما اكتشف ذلك و خطورته من حيث اعطاء أمل كاذب ثم صدمة الفتاة من عدم تحققه، صدمة قد تدفعه للتخلص من حياته فى أسوأ الأمور.

عواقب الشفقة

إن الشفقة سلاح ذو حدين ، و كل من لا يتقن استعماله يجب أن يكف يديه ، و قبل كل شيء قلبه عن لمسه

فى البداية فقط تكون الشفقة كالمورفين مسكن، يخفف آلام المريض و لكن ما لم تعرف بالضبط مقدار الجرعة التى تعطيها إياه منه و متى تكف عن إعطائه فإن المسكن ينقلب سما قاتلا ، و كما يدمن الجهاز العصبى المورفين فيظل يصرخ فى طلب المزيد منها يوما بعد يوم، حتى تطلب أكثر، كذلك تدمن النفس الشفقة فتصرخ فى طلب المزيد. فى النهاية أكثر مما يمكن للإنسان أن يحتمل، و حين تأتى هذه اللحظة ينبغى للمرء أن يتوقع من المريض مقتا و كراهية يفوقان كل ما كان يناله منهما لو لم يمد لمريضه يد المساعدة من البداية.

يجب أن يزن الشخص شفقته بالقسطاس و إلا أحدثت من الضرر أضعاف من كان يحدثه عدم المبالاة فلو أطلق الجميع العنان لشفقتهم لانقلب نظام الكون.

إن العبرة بالنتائج و ليست الدوافع فما جدوى أن تكون الدوافع نبيلة و النتائج سيئة ؟

 

أفكار شريرة: شفقة أم عبودية؟

بينما كان الشاب يتردد بين الاقبال على الفتاة بدافع الاشفاق أو الهروب منها و أسرتها ليعود لسابق عهده من الحرية و الانطلاق استعصى عليه النوم يوما فقرر الاستعانة بقراءة أحد الكتب القديمة التى يشتريها و تتنقل معه من مكان لآخر دون أن يقرأها ، و اختار كتاب الف ليلة و ليلة لسذاجة قصصه و بالتالى لها تأثير منوم أكثر مما سواها، و لأن القارئ بطبيعته ينتقى ما يريد قراءته تبعا لحالته النفسية و اهتماماته و ما يشغل باله فقد وقع اختياره على قصة الشيخ الأعرج ..

قصة الرجل الأعرج:

يحكى أن هناك كان يوجد شيخ أعرج بائس فى عارضة الطريق صادفه شاب قوى فناشده الأعرج أن يحمله على كتفه لأنه كسيح لا يستطيع أن يسير على قدميه ، و أخذت الشفقة ذلك الشاب فحمله على كتفه و مضى، و سرعان ما تبين له أن العاجز المسكين ليس سوى جنى شرير لا يكاد يستقر فوق كتف حامله حتى يعقد ساقيه حول رقبته فيسلبه إرادته و يجعل منه عبدا خاضعا له يحمله إلى كل مكان يقصده، و لا يكون له الحق فى ساعة واحدة من الراحة و هكذا غدى الشاب الأحمق ضحية تعسة لشفقته ، و يكون قدره أن يحمل سيده الماكر الشرير على ظهره للأبد..

كان لهذه القصة أثرا سلبياعلى الشاب إذ ربط بين هذا الجنى الشرير ووالد الفتاة الذى يريد أن يربطه بتلك الفتاة الكسيحة إلى الأبد و خشى على حريته و حياته، فتزعزت رغبته فى الاستمرار فى دوره كمنقذ للفتاة و بطل أمام أسرتها و أمام نفسه، ساهم فى ذلك ما سمعه من تهكم زملائه الطامعين فى ما ينتظره من عز و جاه محاولين اثنائه عن المضى فى طريقه .

لحظة اختبار

قال لها الشاب عندما سألته عن سبب زيارته اليومية لهم، لا تبحثى عن دوافع خفية وراء ذلك فأنا لا أفكر فى دوافعى الخاصة و لا استطيع أن أعطيكى سببا لمجيئى إلى هنا يوما بعد يوم سوى أن ذلك يروقنى ...أحيانا أتساءل متعجبا كيف لا تضايقك زياراتى بل كثيرا ما ينتابنى خوف من أن تكونى مللتى عشرتى، لكن لا ألبث أن أذكر نفسى بأنك وحيدة هذا البيت الكبير الفارغ و أنه يمتعك أن تجدى شخصا يأتى لزيارتك ، و هذا ما يمدنى دائما بالشجاعة حيث أقول لنفسى أنى أحسن صنعا بالمجئ بدلا من تركك تقضين اليوم كله وحدك.. عند هذا الحد عرفت الفتاة باحساسها المرهف أن شعوره نحوها شفقة فقط و كانت نتيجة الاختبار ألم شديد لها.

خطابات متناقضة

ما بين مد و جزر أرسلت الفتاة اليه خطابا يشرح حالتها و مكنون نفسها، كم كان خطابا بليغا ترجوه بمذلة ألا يعرض عنها أو يهجر زيارتهم ، قالت له " أستحلفك ألا تخشانى أو تنفر منى ، أرجو أن تذكر أنى سجينة عليها أن تنتظر فى سجنها حتى تأتى إليها و تتفضل عليها بساعة من وقتك و تسمح لها بأن تنظر إليك و تسمع صوتك و تعلم أن إنك تتنفس الهواء الذى تتنفسه ، هل تستكثر على كائن بشرى أن تمنحه هذه الجرعة التعسة من السعادة التى يمنحها الانسان راضيا لاى كلب ؛ سعادة النظر بين حين و حين فى صمت و مذلة إلى سيده"

"إنك لا تتصور إلى أى مدى أخاف أن أفقدك فمنذ اللحظة التى تغلق فيها الباب خلفك ، و أنا أكون فى فزع مروع من أن تكون تلك آخر مرة أراك فيها"

حمل الشاب الخطاب فى سترته و مضى لحضور دعوة من أحد زملائه لكنه كان فى واد آخر جلس صامتا بين زملائه يتحسس خلسه بين حين و حين شيئا ينبض تحت سترته كقلب ثان لم يستطع إلا أن يفكر فى غير الخطاب الراقد فوق قلبه و الصرخة اليائسة التى أطلقتها كاتبته.

من فرط انفعاله تداخلت الاصوات بين ما يقوله الداعى فى الحفل و بين مقاطع من صوتها فى الرسالة و هكذا انسلخ الشاب من المكان و عاد لبيته، حيث وجد الخطاب على المنضدة كيف هذا و هو فى جيب سترته لم يخلعها بعد هل هو نائم يحلم أم أنه فقد وعيه و لما عثر على الخطاب فى جيبه علم أنه خطاب جديد أرسلته الفتاة بعد الاول بساعتين...كانت تطلب منه تمزيق الخطاب الاول و نسيان كل كلمة فيه

لكنه لم يستطع..كيف لا يفكر فيه و هو لا يستطيع أن يفكر إلا فيه؟

رقة حالمة

عادت الفتاة و اعتذرت كما اعتادت على ان تتحدث بعصبية ثم تعود و تطلب السماح ، و لما عاد الشاب لزيارتهم و عندما هم بالانصراف ربت على ذراعها فى حنو و عطف ، ثم انتبه فإذا بها تجذب يده إلى موضع قلبها ثم تطبق عليها بيدها الأخرى  و تعتصرها بين يديها فى حياء رقيق، ثم غاصت فى مقعدها و أغمضت عينيها كمن يحلم بشيء بينما اشرق وجهها بابتسامة من ينعم بسكينة نفس، و لكن الشاب شيئا فشيئا بدأ جمود يده يثقل عليه! فبدأ يحرك عضلات يده فى حذر كى يستردها من قبضة الفتاة اللينة فى رفق و لباقة ، لكنها سرعان ما أدركت بحساسيتها المرهفة الحادة أنه على وشك سحب يده فأخلت سبيله، و زال عن بشرته دفء الملمس الناعم ، و لما استرد يده المهجورة مرتبكا غام وجه الفتاة و بدا عليها الانفعال المكتوم. و تأكدت المسكينة بسحب يده أنه تنصل منها و أن مشاعره تجاهها هى شفقة حائرة.

اللقاء الأخير

 عندما جاء الشاب لوداعها قبل سفرها للعلاج وجدها ترتدى ثوبا من الحرير الأزرق و تضع على رأسها بعض الأزهار ، وعدته بأن تناضل من أجل الشفاء كى تكون جديرة يه، كانت واثقة من رفق الله بها ، كانت تعتقد أن الانسان حين يريد شيئا باستماته و الحاح فإن الله لا يضن بها عليه.

لكن الأحزان تلاحق الفتاة، فبينما جاءت لحظة الوداع الأخيرة أقبلت فى اتجاه الشاب تترنح على ساقيها دون سند من عكازيها مستعينة  على حفظ توازنها بحركات ذراعيها، و بينما هى على بعد خطوة  أو خطوتين منها فاضت بها لهفتها على احتضانه فمدت ذراعيها نحوه قبل الأوان و اختل توازها و سقطت عند قدمه..

تخاذل و خسران

كان الشاب بلا عزيمة صادقة حتى هذه اللحظة ، حيث أنكر أمام زملائه و قائده ارتباطه بالفتاة خشية أن يتهم بالطمع و أنه يبيع نفسه من أجل المال ، فكذب أسوأ و أقسى كذبة فى حياته إذ أنكر خطبته للفتاة و اختلق الأكاذيب كى يهرب من عيون من حوله و ينجو من المساءلة.. و لأنه متردد غير صادق العزم فقد عاد فى تفكيره لكن بعد فوات الأوان...

نفذت الفتاة تهديدها وتخلصت من حياتها بعد ما علمت أنه خذلها و خيب أملها فلم تتحمل الصدمة.

خسر الشاب بسبب خوفه من الناس و أقاويلهم أصدق حب فى حياته و حمل الشعور بالذنب ما تبقى من عمره، و بالرغم من سعيه نحو الموت مرات من خلال عمله كضابط إلا أن القدر حال دون ذلك ، عاش وحيدا مهزوم النفس، اكتشف أن ليس الانسان السليم الفرح السعيد هو الذى ينبغى أن نحبه فمثله لا يحتاج إلى حبنا ، إنه فى غطرسته و عدم مبالاته يتقبل منا هذا الحب على أنه واجب علينا، نؤديه إليه صاغرين، و حبنا لهم يكون بمثابة الزخرف و الزينة و ليس نعمة الحياة كلها و سر وجودها.

و لا يستحق الحب و ينتفع به غير الذين قست عليهم الحياة فأذلتهم و حرمتهم نعمة الحواس أو الجمال أو الاطمئنان..هم وحدهم الذين يعرفون كيف يحبون و يتلقون الحب فى تواضع و امتنان.

حقا أن هذا الشاب هو الذى يستحق الشفقة بعد ما فقد حبا مخلصا ،كان لا يعلم إلى أين يذهب عندما يعود من المعركة؟ من بقى فى حاجة إليه؟ من الذى  يحبه ؟ لماذا و من أجل من يعيش ...؟

من قصة "حذار من الشفقة - ستيفان زفايج"