الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

المدى الديناميكى العالى و فن الظهور


الألوان لا حصر لها ،فكل لون بخلاف الالوان الاساسية يتكون من مزيج من ألوان أخرى بنسب مختلفة ،و نتيجة هذا الخلط العشوائى ينتج عدد لا نهائى من الألوان الممكنة!
و مهارة وسائل التصوير و تخزين الصورة فى اختزان اكبر قدر من الالوان المختلفة ،و تعتمد جودة و سطوع الصورة على مدى ما تحمله من تباين فى الألوان.
و لأن مناطق التصوير تشمل المناطق ذات الظلال (أو الإظلامdark tone- ) و الإضاءة المتوسطة (half tone ) و الإضاءة العالية فإن بعض أجزاء الصورة سوف تفقد وضوحها بسبب الإضاءة القليلة المعرضة لها.
لهذا ابتكر المصورون طريقة جديدة فى التصوير تكون من نتائجها إظهار كل المناطق متباينة الإضاءة بنفس درجة الوضوح بحيث تبدو الصورة النهائية واضحة فى جميع أجزائها (و قد تبدو كما لو كانت معدنية) مما يعطيها شكلا جديدا متميزا و يعطى للألوان قوة و ثباتا ،و تعطى للأشياء ملمسا كما لو كانت بارزة.
تعتمد تلك التقنية - و التى يسمونها (المدى الديناميكى العالى) HDR- ببساطة على التقاط عدة صور لنفس المشهد بدون أى تغيير سوى فى كمية الضوء الذى تتعرض له الكاميرا (قيمة التعريض) ،و يجب على الأقل التقاط ثلاث صور أحدهما بالتعريض الصحيح ،و واحدة بتعريض أعلى درجة من التعريض الصحيح (Over Exposed) و الثالثة بدرجة أقل من التعريض الصحيح (Under Exposed) ،ثم تم دمج تلك الصور معا فتحصل على صورة جديدة براقة مدهشة واضحة المعالم فيها تجديد كثير عن الصورة الأصلية مع جمال ألوانها و بروز تفاصيلها.
يتم الدمج عن طريق برامج تحرير مساعدة خارجية أو فى الكاميرا نفسها ،و قد تقدم الكاميرا إمكانية التقاط المشاهد ذات التعريضات المختلفة بسرعة اتوماتيكيا. و إذا لم تتوفر فيها تلك الخاصية (Braketing of ABE) فيجب استعمال حامل لضمان عدم اهتزاز الصور و محاذاتها عند دمجها.
أرى الطريق صباحا و أنا فى طريق عملى ،الشارع يتخلله ضوء الصبح الهادئ الجميل ،و أراه عند عودتى ظهرا يئن من شدة الإضاءة و الحر الثقيل ،و أراه وقت الأصيل و أحيانا فى ظلام الليل. و بالرغم من كونه شارعا واحدا إلا أننى أشعر فى نهاية اليوم أنى تجولت فى الكثير من الشوارع و الميادين ،الاختلاف كان فى الإضاءة و ان كان المكان واحدا بلا تغيير.
و قد يكون الغرض من تلك التقنية التجديد فى رؤية الصورة ،و اعمال مبدأ المساواة فى الظهور ،عن طريق إعطاء كل عنصر الفرصة فى الظهور بوضوح حتى و إن كان المتاح له من الضوء كمية بسيطة لا تكفى لوضوح معالمه.
تتضمن عملية الدمج توازن الإضاءة من خلال إعادة توزيع الضوء لتتسرب شدة الضوء من الأشد للأقل فتخلق نوعا من التعادل اللونى الذى يضفى وضوحا و بهاء و رضا و إعجابا بالصورة.
و هذا أشبه بمن يدخر من أمواله فى وقت الرخاء لينفعه وقت الحاجة إليه عندما تنقص الموارد و يقل الدخل، فالزائد عن حاجته اليوم يحميه وقت الشدة غدا ،فتكون النتيجة أن تمر الأيام بسلام دون أن يغرق الإنسان فى الهم و لا يظهر على وجهه سوى ملامح الألم.
إن هذه التقنية البسيطة تعطى نتائج مبهرة لمن يحسن اختيار المشاهد المناسبة ؛فلو لم يكن هناك تباين فى الإضاءة و اختلاف فى نغمات الألوان لعناصر الصورة لما كان هناك داع لتلك الطريقة ،فهى تلائم بعض المشاهد فقط حتى لا يصبح تكلفا لا يفيد الصورة و لا يقدم لها جديدا.
الوضوح و سطوع الصورة غاية و أمل من يبحث عن الحقيقة ، و التصوير يساعد فى البحث عن الحقيقة فى شكل جمالى مؤثر يراه القلب و يشعر به قبل أن تترجمه خلايا العين إلى أشكال و ألوان ،فيبقى الاحساس فى النفس و يدوم.