الاثنين، 30 مايو 2011

سن الأربعين بين العلم و الدين

إذا كنت قد شارفت على الأربعين أو تخطيتها فسارع بتجديد التوبة و الإنابة إلى الله و تكرار الدعاء القرآنى التالى عسى الله أن يغفر لك ما سلف و يصلح لك الخلف.

قال الله تعالى فى سورة الأحقاف "حتى إذا بلغ أشده و بلغ أربعين سنة قال رب أوزعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت على و على والدى و أن أعمل صالحاً ترضاه و أصلح لى فى ذريتى إنى تبت إليك و إنى من المسلمين"


 

سن الأربعين هو سن بلوغ الأشد أى استكمال القوة و العقل و ذلك غاية الكمال و النضج الفكرى ؛ و يسمى فى الطب العمر المتوسط و هو الحد الفاصل بين الشباب و الكهولة التى تمتد إلى الشيخوخة.

و تؤكد المصادر العلمية أن نمو الدماغ يكتمل لدى الإنسان فى سن الأربعين حيث أن خلايا الإنسان تكتمل و تجاربه فى الحياه تكون ذاخرة و كثيرة، فهو فى ذلك السن يكون قد حصل على رصيد مناسب من الخبرات المختلفة التى تصقله و تهذبه و ترشده للطريق القويم.

و يكون وصل إلى مرحلة من الاستقرار النفسى و الاجتماعى، و غالباً ما يكون قد تزوج و أنجب و ذاق معنى الأبوة بما تحتويه من حب و شفقة و خوف و إحساس بالمسئولية تجاه تلك النبتة الصغيرة و ما يحيطها فى الحياه من عواصف و أنواء، فلا يملك إلا أن يدعو الله لهم بالصلاح و الهداية ؛ و يكون قد استقر فى عمله فتراجع عن الجرى و اللهث وراء الوظيفة و تحديد المصير؛ ليقف مع نفسه قليلاً فى هدوء و تأمل لينتبه لما أعد لآخرته و ليستعد لها بالعمل الصالح و التوبة و الإنابة حيث يكون قد برأ و أفاق من حمى الشباب و فورته و ثورته ليعيد تقييم الأمور من حوله بصورة أكثر شمولاً و حكمة.


 

كانت البعثة النبوية فى سن الأربعين حيث نزل الوحى على الرسول و هو مستعد لتحمل أعباء الرسالة و النهوض بواجبه فى سييل الدعوة إلى الله. ؛ و قد استخدم بعض العلماء رقم "أربعين" فى أسماء مؤلفاتهم مثل النووى فى كتابه "شرح الأربعين النووية" و الغزالى فى كتابه "الأربعون فى أصول الدين"

و في تفسير ابن كثير "يتناهى عقله و كمال فهمه و حلمه و لا يتغير الإنسان غالباً عما يكون عليه عند سن الأربعين ؛ و سأل أحد السلف متى يؤخذ الرجل بذنوبه قال : إذا بلغت الأربعين سنة فخذ حذرك.

و قال بعض السلف: تركت الذنوب أربعين سنة حياء من الناس و تركتها أربعين سنة حياء من الله.

و فى الآية التالية "أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا و نتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذى كانوا يوعدون"

حيث تظهر فيها نتيجة قبول الله تعالى لهؤلاء التائبين إليه المستدركين لما فاتهم من تقصير بالإنابة إليه و الاستغفار حيث يتفضل الله عليهم بالتوبة، و التجاوز عن السيئات و بلوغ غاية المنى و هى دخول الجنة ؛ و هذا وعد من الله ووعد الله حق و صدق و من أصدق من الله حديثا؟


 

الوعود كثيرة و لكن الصادق منها قليل، فقد يعد المنافق وعداً ثم يخلفه، و قد يعد الإنسان وعداً ثم ينساه أو ينوى تحقيقه و لكنه يعجز ؛ أما وعد الله فهو وعد الصدق فالله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون.

فسبحان الله العظيم؛ إن الفلاح كله فى الثقة بوعد الله، و تكذيب وعد الشيطان فإنه مخلوف مكذوب، و مصير من اتبع وسوسته الندم و الحسرة ..

لنتأمل هذا المشهد القرآني للشيطان و أتباعه يوم القيامة:

"إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم و ما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلومونى و لوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم و ما أنتم بمصرخى إنى أخاف الله رب العالمين"

و كفى بالله وكيلا..