الخميس، 2 ديسمبر 2010

ملامح على الطريق

كعادتي كل يوم؛ انزل قبل عملي بوقت كاف لكيلا أحتاج لاستقلال سيارة، فأمارس رياضة المشي - الوحيدة المنتظمة عندي - لكن أسوأ وقت يمكن أن تسير فيه هو صباح اليوم الدراسى لأنه وقت انطلاق جميع الطلبة و الموظفين و عربات جمع القمامة...

إنها فرصة لتأمل وجوه البشر بمختلف فئاته و أعماره، فرصة طيبة لقراءة وجوه مئات ممن ألفت وجوههم أو أراهم لأول مرة في الطريق..أتأمل كل شيء: المتحرك (البشر)، و الثابت(الأشجار و المباني)، و الثابت المتحرك (السيارات في طريق مزدحم)، و لكل منهم رؤية جديدة لكنها جميعا تصب في كأس الشقاء.

الطلبة صغارا و كبارا يسرعون في مشيهم و يحملون حقائب تثقل ظهرهم تكاد أن توقعهم أرضا.

كثير من الرجال و بعض النساء تعلو وجوههم هموم الدنيا، و قد بدا من ملبسهم أنهم ارتدوا ملابسهم على عجلة من أمرهم و بدون تناسق أو تجمل.

العربات التي ينزل منها الأطفال أمام مدارسهم متزاحمة و صوت عربات أخرى خلفها غاضبة.

و الأرصفة التي لا مكان فيها للمارة بسبب مربعات كان من المفترض أن تضم شجرة فاحتلت مساحة الرصيف الكلية فنزل المارة للسير بجانب نهر الطريق.

و بداخل الحافلات موظفون يقاومون النوم بشدة أو أطفال يستسلمون له، فالمكان جد ممل لان سير الحافلة أبطأ من السلحفاة في الزحام المروري الصباحي.

أمام بائعي الجرائد أناس بسطاء يتغلبون على سخرية الواقع بقراءة الجريدة القريبة إليهم و يعتبرونه الحدث الوحيد الجديد في حياتهم الرتيبة المتكررة.

أما اختيار الجرائد فله فلسفة أخرى، فالموظفون لهم ما يروقهم و كذلك النساء المتقدمات في السن، و الشباب له ذوقه الخاص في الاختيار، النساء يفضلن الأخبار, الرجال يقرءون المصري اليوم و قليل من الموظفين يشترى الأهرام، الآنسات لا يشترين جرائد و لا المراهقين.

عربات القمامة ذلك الشيء الضخم الذي يسير في الشوارع بجرأة متخطية حدود اللياقة مع المارة فمازالت تهب عليهم الروائح و تسد عليهم الطرقات بين الرصيف المشغول و العربات السائرة.

و من وسط هؤلاء تأملت حركة من يكنس الشارع، و يجمع المخلفات بحركات أفقية و طولية بطول الطريق تاركة خطوطا سوداء طولية و عرضية و جانبية، ثم يرفعها بحرص للصندوق.

وقتها شعرت أن قيمة الدنيا لا تتعدى قيمة تلك المخلفات التي يجمعها الرجل!