السبت، 5 يونيو 2010

الرأي القيم في العشق

ملخص كتاب روضة المحبين و نزهة المشتاقين

لابن القيم الجوزية

------

اشتقاق الأسماء و معانيها

قيل المحبة أصلها الصفاء لأن العرب تقول لصفاء بياض الأسنان حبب الأسنان

أو مأخوذ من الحباب و هو ما يعلو الماء عند المطر الشديد فالمحبة هي غليان القلب عند لقاء المحبوب

أو مأخوذ من أحب البعير إذا برك و لم يقم و يتحرك من لزوم المحب قلب المحبوب و عدم انتقاله منه.

و قيل من الحب جمع حبة لأنها أصل كل شيء


 

ما قيل في الحب و المحبة:

قيل هي الميل الدائم بالقلب الهائم، موافقة الحبيب في المشهد و المغيب، اتحاد مراد المحب و مراد المحبوب

و قيل أن يكون المحب أقرب للمحب من روحه

يا مقيما في خــــاطري و جناني و بعيدا عن ناظري و عياني

أنت روحي إن كنت لست أراها فهي أدنـــى لي من كل دانى


 

و قيل حضور المحبوب عند المحب دائما

خيالك في عيني و ذكرك في فمي و مثواك في قلبي فأين تغيب


 

من آثار المحبة أيضا:

الشجن: الحزن و الحاجة عندما تكون حاجة المحب أشد شيء إلى محبوبة

الاكتئاب: من حصول الحب و فوت المحبوب فتحدث بينهما حالة سيئة تسمى الكآبة

الخلة: توحد الحب للمحبوب لا يشاركه فيه أحد و لأنها تتخلل جميع أجزاء الروح فيصبح خليلا

الغرام: هو الحب اللازم لا يفارق صاحبه

الود: هو خالص الحب و ألطفه و أرقه و هو من الحب بمنزلة الرأفة من الرحمة.

أنواع المحبة:

المحبة أنواع أفضلها محبة المتحابين في الله إما لاجتهاد في العمل و محبة القرابة و محبة الألفة و الاشتراك فى المطالب و محبة التصاحب و المعرفة و محبة لبر يضعه المرء عند أخيه و محبة العشق بين النفوس و الأرواح المتآلفة.

العشق اختياري أم اضطراري؟

قالوا اضطراري هو بمنزلة محبة الظمآن للماء فالعشق يهاجم بدون اختيار .... و القول الأفضل أن مبادئ العشق و أسبابه اختيارية (النظر و التفكر) و النتائج غير اختيارية ،و من أتى بالأسباب فهو مسئول عن النتائج محاسب عليها.

و كان ابتداء الذي بى مجونا فلما تمكن أمسى جنونا

و كنت أظن الـــــــهوى هينا فلاقيت منه عذابا ألـــــيما


 

الحكم فى العشق

أعظم صلاح العبد أن يصرف قوى حبه لله تعالى وحده بحيث يحب الله بكل قلبه و روحه و جوارحه.

"ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان من كان الله و رسوله أحب إليه مما سواهما و من كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، و من كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى فى النار "


 

علامات المحبة

الأدب

كثرة ذكر المحبوب

الانقياد لأمر المحبوب

اضطرابه عند مواجهته و سماع اسمه

غيرته له و عليه

سروره لسروره

إيثار الوحدة و التفرد عن الناس

الاتفاق و المشاركة بينه و بين محبوبه

إفراد الحبيب بالحب و عدم التشريك بينه و بين غيره

موافقته للحبيب في كل شيء


 

ارتكاب الحرام و ما يفضى إليه من مفاسد و آلام

حقيق بكل عاقل أن لا يسلك سبيلا حتى يعلم سلامتها و آفاتها و ما توصل إليه هذه الطريق من سلامة أو عطب

"يا معشر المسلمين إياكم و الزنى فإن فيه ست خصال: ثلاث فى الدنيا و ثلاث فى الآخرة، فأما اللواتى فى الدنيا فذهاب البهاء، و دوام الفقر، و قصر العمر، و أما اللواتى فى الآخرة : فسخط الله، و سوء الحساب ، و دخول النار"


 

التحذير من إتباع الهوى

لابد أن تكون للعبد همة عالية للتقرب إلى الله رغبة فى الجنة و خشية من النار و لا يقدر على ذلك إلا بمخالفة هواه " و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى"

و قوله "و لمن خاف مقام ربه جنتان"

قيل: هو العبد يهوى المعصية فيذكر مقام ربه عليه فى الدنيا ومقامه بين يديه فى الآخرة فيتركها لله.

و إتباع الهوى يضل الإنسان بلا شك و مصيره أشد العذاب:

"و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله * إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب"


 

حديث:

"بئس العبد عبد تجبر و اعتدى، و نسى الجبار الأعلى

بئس العبد عبد تخيل و اختال، و نسى الكبير المتعال

بئس العبد عبد سها و لها، و نسى المقابر و البلى

بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات

بئس العبد عبد طمع يقوده، بئس العبد عبد هوى يضله "


 

إنما سمى "الهوى" لأنه يهوى بصاحبه إلى أسفل سافلين و الشيطان يطوف بالعبد من أين يدخل عليه فلا يجد عليه مدخلاً و لا إليه طريقاً إلا من هواه. و إنما يمكن مخالفة الهوى بالرغبة في الله و ثوابه و الخشية من حجابه و عذابه.


 

مقامات العشق:

العشق هو الإفراط في المحبة بحيث يستولى المعشوق على قلب العاشق حتى لا يخلو من تخيله و ذكره و الفكر فيه ، بحيث لا يغيب عن خاطره و ذهنه ، و العشق مبادئه سهلة حلوة و أوسطه هم و شغل قلب ، و آخره عطب إن لم تتداركه عناية الله 

العاشق له ثلاث مقامات: مقام ابتداء و مقام توسط و مقام انتهاء

دواء العشق: الإخلاص لله و إشغال قلبه عن الفكر في المحبوب بكثرة العبادات و التضرع إلى الله ليصرف عنه ذلك.

مساوئ العشق:

  1. الاشتغال بحب المخلوق و ذكره عن حب الله
  2. عذاب قلبه به، فإن من أحب شيئاً غير الله عذب به و لابد
  3. قلبه أسير في قبضة غيره يذيقه الهوان و هو لا يملك من أمر نفسه شيئاً
  4. قد يفسد الجسم و ينهك البدن ويفسد الذهن

 
 

الرغبة في الله و علامات العارف بالله

الرغبة في الله و الشوق إلى لقائه هي رأس مال العبد و ملاك أمره و قوام حياته و أصل سعادته و قرة عينه، و لذلك خلق و به أمر، فيكون وحده مرغوبه و مطلبه و مراده و قد أمر الله رسوله بهذا في قوله:"فإذا فرغت فانصب * و إلى ربك فارغب"

و المحبة هي ميلك للشيء بكليتك ثم إيثارك له على نفسك و روحك و مالك و موافقتك له سرا و جهرا ثم علمك بتقصيرك في حبه.


 

و أخيراً...من ترك محبوبه لله عوضه الله خيرا منه.