الجمعة، 30 أكتوبر 2009

كن ذا عزيمة

قد يكون الإنسان ذا رأى راجح و ذكاء مميز و قدرة كبيرة على اتخاذ القرار الصائب و ما فيه الصالح، و لكن يأتي التردد فيفسد كل شيء إذ تخبو الهمة و يمضى الوقت بلا أي تحقيق للأهداف المرجوة...نعم التفكير و التروي مطلوب و لكن بمقدار؛ لان كثرة التفكير و دراسة العواقب قد يصيب الإنسان بالحيرة الشديدة، كما أن الحياة تتطلب الجرأة و خوض التجارب المجهولة بشجاعة مع الاستعداد لتحمل النتائج أياً كانت؛ فإن كان النجاح فهنيئا له، و إن كان الفشل فقد تعلم و اتعظ، فإن حدوث الشيء أفضل من اللاشيء.

و ما أصدق قول الشاعر:

إذا كنت ذا رأى فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا


 

و إليكم خاطرة بعنوان "البت و التردد" حول هذا الموضوع للكاتب "أحمد أمين"

"لو سئلت أن تضع قائمة للفضائل بحسب ترتيبها لعددت البت (الحسم) في أولها، أكره ما أكره التردد.... يقدم الرجل رجلا و يؤخر أخرى و يقدم ثم يحجم.. و يحجم ثم يقدم و تفوت بذلك الفرص و تتعقد الأمور.

و كثير من الناجحين في الحياة إنما نجحوا لبتهم لا لترددهم، و يحمل على التردد الهرب من المسئولية فإن العمل تصحبه المسئولية دائماً فهو يفضل ألا يعمل حتى لا يسأل، و هذا عين ما تقع فيه حكومات الشرق تتردد حتى لا تسأل، و تسير على الطريقة المتبعة حتى لا تسأل، و تسأل دائماً عن السوابق حتى تأمن الخطأ. و لذلك قل عندها التجديد، و عندي أن البت مع الخطأ خير من التردد مع الصواب"

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

عائلة القنافذ

الوسطية في كل شيء مطلوبة فإذا تعدت صفة ما حدود المعقول أصبحت مكروهة حتى و إن كانت محمودة في موقف آخر, و العلاقات بين الأصدقاء و الأخوات تختلف من وقت لآخر و بين مجموعة و أخرى، بين قرب شديد يقيد حرياتهم و يشعرهم بالحجر على عقولهم و حياتهم، و تباعد مضني يشعرهم ببرودة الوحدة و الفراغ و إحساس اللامبالاة، و كلا الأمرين سيئ.

قصة "آباء و أبناء" يختار فيها زكى نجيب محمود "القنافذ" مثالا لمجموعة، و قد اختارها من بين غيرها من الحيوانات لأن تتميز بشوكها الذي يمنع أحد من الاقتراب إليها حتى لو كان من نفس فصيلتها لكيلا يجرح و يسيل دمه، فهي مثال واضح لعيوب التقارب الشديد، و قد أظهر الكاتب الحكمة في سطور مستقلة بشكل صريح لاهتمامه الشديد أن تصل تلك الحكمة الهامة للكل...

آباء وأبناء

يحكى أن جماعة من القنافذ كانت تعيش معا فى سفح الجبل ، فلما جاءها الشتاء ببرده المثلوج ، وأخذتها فى الليل رعشة تناولت منها المفاصل والعظام ، اقترح عليها واحد منها ان يجتمع شتيتها فى كومة متلاصقه حتى يدفئ بعضها بعضا بحرارة أجسادها ، لكن جماعة القنافذ لم يكد يلتصق بعضها ببعض طلبا للدفء ،
حتى احس كل منها وخز الابر الحادة المسنونه التى تغطى أجساد زملائه ، فما هو الا أن افصحت كلها عن كظيم آلامها وطلبت ان تعود الى مواضعها المتفرقة ، فلذعة البرد أهون من هذا الوخز الاليم ، وعادت القنافذ فتفرقت كما كانت اول امرها ، لكنها كذلك عادت فأحست زمهرير الشتاء يهز كيانها هزا عنيفا ، وكأنما نسيت ازاء هذا البلاء ما كان من الم الوخز منذ قريب ، فصاح بعضها ببعض ينشد كلها التلاصق مرة اخرى حتى يعود لها الدفء ،
وعاد وخز الابر وانساها الالم الحاضر الم الماضى ،
فضجرت وتفرقت مرة اخرى وهكذا دواليك : اقتراب وابتعاد واتصال وانفصال ، الى ان قال منهم
قائل حكيم : خطؤنا فى المبالغة والاسراف ، فاذا ابتعدنا أوغلنا فى البعد حتى فقد كل منا دفء اخيه وتعرض للبرد الشديد ، واذا اقتربنا أوغلنا فى القرب حتى وخز كل منا جلد اخيه فأدماه ، والحكمة هى فى اختيار الموضع الصواب بين الطرفين بحيث ننجو من الوخز دون ان نفقد دفء التقارب ما استطعنا اليه سبيلا .
وحكاية القنافذ هذه تقفز الى ذهنى كلما سمعت بخلاف يدب بين افراد الاسرة الواحدة ، او بين جماعة من الاصدقاء .
فكأنما اراد الله لنا الا نقع ابدا على هذا الموضع الصواب فى علاقتنا بعضنا ببعض ، بحيث يبعد كل منا عن شئون الآخرين بعدا يتيح لهؤلاء الاخرين ان يشعروا بشخصياتهم مستقلة قائمة بذاتها .
وبحيث لايكون ذلك البعد سببا فى حرماننا من دفء العاطفة التى يستمدها بعضنا من بعض .

الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

أشد حبا لله

فى الحديث القدسي

"من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب"

إذا كنت لا محالة ظالماً فاحذر كل الحذر أن تظلم أحد أولياء الله العابدين الطائعين.. فقبل أن يقول "حسبي الله و نعم الوكيل" فإن الله تعالى سوف ينتقم له و يدافع عنه .. إقرأ معى قول الله "إن الله يدافع عن الذين آمنوا"، و قوله "أليس الله بكاف عبده"

بداية... كيف يرقى المؤمن إلى منزلة "ولى الله" ؟

أصل الموالاة القرب و بالتالي يعرف ولى الله بأنه العالم بالله ، المواظب على طاعته ، المخلص في عبادته

كيف ينالها الإنسان؟

السبيل إلى ذلك بزيادة الطاعات بالنوافل و التماس رضاه في كل موقف، مفضلا طاعة الله و إتباع كتابه و سنة نبيه على طاعة نفسه ؛لينال محبة الله و هي غاية المنى و أهم مطلب في الحياة "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"

و تلك المنزلة ليست بعيدة المنال كما يتصور عامة الناس أو مقصورة على الأولين أو الأنبياء بل قد ينالها عابد مخلص بحسن ظنه بالله و كثرة ذكره له و مداومته على العمل الصالح و إن قل؛ المهم أن يتقبل الله و إنما يتقبل الله من المتقين البعيدين عن المحارم و الشبهات.

هل لتلك الولاية من علامات؟

علامات محبة الله للعبد أن تتبع جوارحه أوامر الله فلا يجد مشقة في الطاعة ولا تتمزق نفسه في مقاومتها و منازعتها بين الخير و الشر، تجد سمعه يجتنب سماع اللغو من القول أو اللهو و القول الجاهل أو التصنت عن الآخرين أو حضور مجالس سوء ، و بصره لا يتجه إلا لما أمر الله به و يبتعد تلقائيا عما هو محرم، و يده لا تتحرك إلا في طاعة الله و لا تمتد لإيذاء أحد إلا بالحق ، و رجله لا تمشى إلا في سبيل الكفاح المشروع في الحياة و العمل الشريف ليعول نفسه و من يعول أو للمسجد أو مساعدة الغير و السعي في حاجات الآخرين أو صلة الأرحام و غير ذلك من المساعي الحميدة؛ لا إلى معصية أو أماكن اللهو و الفجور، فكأن كل جوارحه و أعضاء جسمه- التي ستشهد عليه و تنطق يوم القيامة- تعاونه في طاعة الله و بلوغ مرضاته.

ما هي جوائز أولياء الله؟

  1. يكون مستجاب الدعوة

    إذا كان لديك مصباح علاء الدين السحري ستكون في منتهى السعادة لأنك تضمن أن كل ما تريده و تتمناه سيتحقق، فإذا ضمن لك أن كل ما ستدعو به سوف يتحقق مع شيء زيادة أفضل: هو أن يتحقق فقط ما فيه الخير و الصالح لك؛ أليست تلك هبة و نعمة كبرى من الله؟ تلك خاصية يختص بها الله أولياءه المخلصين.

  2. يعيذه الله و يحفظه من كل سوء:

    الشرور تحيط بالإنسان من كل جانب؛ منها شرور طبيعية من مصائب قدرية كالحرق و الهدم و المرض و كل ما يستعاذ منه، و منها شرور البشر و مكرهم، و يكرم الله سبحانه أولياءه بحفظهم من كل تلك الشرور بحفظه و عنايته.

  3. لا خوف عليهم و لا يحزنون:

    ألا ما أعظمها من جائزة؛ تزول أسباب الخوف و القلق الذي يعصف بحياة الإنسان فيجعل حياته تفكيرا مضنياً مرهقاً يحول بين التمتع بقيمة و جمال الحياة، و لشدة إيمانهم و تسليمهم بأمر و قضاء الله فإنهم لا يحزنون أبدا لأن الله اختار لهم الأفضل حتى و إن اختلف ظاهر الأمر و لكنه اليقين الذي يملأ نفوسهم.


     

    و لتكن البداية أن يتغلب حب الله في نفوسنا على حب من سواه، فقد قضى الله أنه من انشغل عن الله بشيء عذب به و لابد.


     

    و صدق الله تعالى "و الذين آمنوا أشد حبا لله"

اللهم إنا نسألك حبك و حب من ينفعنا حبه عندك.