الاثنين، 27 أبريل 2009

أنواع النجاح

هل النجاح نسبي أم مطلق؟

يتعرف الطفل إلى النجاح عند دخوله المدرسة لأول مرة و يتمنى له الوالدان النجاح ثم يغدقان عليه بالهدايا كل عام يوم نجاحه، فالنجاح هنا محدد و هو الحصول على درجات النجاح في الامتحان.

و يتعرف الطفل لأول مرة على الإبداع من خلال أنشطته التي يمارسها إذا كانت له هوايات أخرى و ينشأ تعريف آخر للنجاح في المسابقات و هي الحصول على الكأس أو ميدالية أو حتى شهادة تقدير.

و بعبور الطالب عقبة الثانوية العامة تختلف السبل التي تعود عليها للحصول على النجاح ، فليس الأمر بهذه السهولة السابقة مذاكرة و حفظ و تدريب ثم تفريغ كل هذا في الامتحان ، فالجامعة كل شيء فيها أصعب: حضور المحاضرات و الحصول على المنهج من الكتب أو تصوير المراجع و عالم جديد من الاختلاط و التخبط...

و بعد العام الجامعي الأول يتعود الطالب و يتعرف المجتهد على مفاتيح النجاح لتتوالى السنون و يحصل على شهادته و تتم الفرحة الكبرى لأهله و هذا هو نهاية النجاح المطلق.

ليبدأ بعد ذلك النجاح النسبي و الذي يعتمد كثيراً على الحظ، الواسطة، الذكاء الاجتماعي...

و للنجاح أنواع: النجاح في العمل – النجاح في الزواج– نجاح علاقته بالآخرين – و الأهم: نجاحه في اختبار الحياة

ربما يكون آخر إحساس للطالب بالنجاح هو يوم التخرج من الجامعة ، و بالرغم من القلق الشديد على النتيجة و الذي يفسد أياماً توصف - صدقاً - بأنها أجمل أيام العمر فقد يوفقه الله و يحصل على تقديرات و مراتب الشرف و كل ما يتمنى...

النجاح في العمل:

ثم يلتحق بوظائف مرموقة و ينتظر أن يتجدد هذا الإحساس بالنجاح مع الإخلاص في العمل و لكن...

قد ينشأ إحساس جديد بديل و هو الظلم الذي يحتار في سببه .. ربما هي سياسة العمل التي تهدف إلى قمع الأمل في نفوس الموظفين حتى لا يشعروا بأهميتهم في العمل؛ وتعيين رؤساء عليهم ليس لهم هدف سوى تصيد الأخطاء أو قل: اختلاق المشاكل مع جهلهم الشديد بتقنيات العمل و تفاصيله التنفيذية فهم لا يعلمون مرؤوسيهم شيئاً فقط يأمرون و ينهون.

و كل هذا حتى لا يكون هناك مراكز قوى في شركة القطاع الخاص - و ما أدراك ما القطاع الخاص- إنها الطريقة المثلى لامتصاص جهود و صحة و أعصاب الموظفين و إقناعهم بعد ذلك أنهم كلهم متساوون حتى لو كانت أعمارهم متفاوتة أو كفاءاتهم مختلفة و كل هذا ليريح المدير رأسه فليس من ثواب و لا عقاب حتى لا يقال "لماذا ؟".

مع كل عام تزيد الخبرة و يزيد الأسى ثم ينعدم الأمل في الترقي إلى مناصب أعلى لان المناصب محجوزة مسبقاً :الملك و الوزير فقط لا غير و باقي الرعية من الموظفين لا صلاحية لهم في إبداء الرأي أو المشاركة فيه ، فقط ينفذون الأوامر حسب ما يتراءى للمدير – منتهى الاستبداد...

و بالطبع لن يتوفر الوقت في دوامة العمل لاستكمال الدراسات العليا و استئناف مسيرة النجاح المطلق.

النجاح في الزواج:

الزواج رحلة طويلة في بحر الحياة زادها الصبر و التحمل و التجمل.. ، و شراعها التضحية في سبيل إسعاد أفراد الأسرة فيتوجه كل منهم إلى وجهته الصحيحة و يسعد بالنجاح؛ لتسعد به الأم – البطل الخفي – التي مهدت لهم السبل و يسرت لهم الأسباب فيكون نجاح الزوج و الأبناء بمثابة نجاح شخصي لها.

النجاح في التعامل مع الآخرين:

هذا النجاح ليس له وجود واضح لأن الآخرين : إما دونك في المنزلة فهم ينافقونك فيظهرون الاحترام و الحب أمامك ثم يذمونك في غيابك ، و إما في نفس منزلتك فأنت منافس لهم و موضع حسدهم ـ إلا من رحم الله - فلتحاذر منهم و لا تتوقع منهم الخير، و إما أعلى منك في المنزلة فهم يتكبرون عليك و لا يزالون يلومونك و ينتقدون كل ما تفعل ... إذن فلا سبيل للإحساس بالنجاح في التعاملات مع الآخرين.

نجاح الحياة:

إذا أحسنت العمل و أخلصت النية لله فى كل أمورك و علمت أن الله رقيب لا ينام و اتقيت فكنت ممن قال فيهم الشاعر:

يتقى الله في الأمور كلها ***** و قد أفلح من كان همه الاتقاء

فقد أفلحت حتى و لم تر النجاح جلياَ واضحاً بعينيك لأنك حينئذٍ نجحت في امتحان الحياة ، قال تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً" ، و أبشر فعند الله حسن الجزاء.

السبت، 25 أبريل 2009

حكم عطائية

عندما كنا صغاراً كنا نحب أن نقرأ ورقة النتيجة لنرى حكمة اليوم، و مع تكرار الأيام تكررت الحكم و حفظت حتى لقد أصبحت تلك الأقوال المأثورة في الأذهان راسخة، فهي قليلة الكلمات سهلة الحفظ أي ما قل و دل.

كان لعطاء الله السكندري حكم سميت بالحكم العطائية هي من عيون النثر الأدبي الصوفي تهدف إلى تهذيب النفس و التربية الروحية بنظرة فلسفية إسلامية ، فلنتأمل بعمق بعضاً من حكمه المختارة:



سوابق الهمم لا تخرق أسوار القدر

مهما احترست و حاذرت فإن الحذر لا يمنع القدر الذي يحيط بالإنسان كالسور العالي الذي لا يمكن اختراقه أو عبوره.


إذا التبس عليك أمران فانظر أثقلهما على النفس فإنه لا يثقل عليها إلا ما كان حقاً

النفس دائماً أمارة بالسوء و تميل إلى الهوى ، فإذا خيرت يبن أمرين فخالف ما تميل إليه نفسك يكن ذلك خيراً لك، قال تعالى:" وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ".


ربما أعطاك فمنعك و ربما منعك فأعطاك

ربما أعطاك الله من مباهج الدنيا و زينتها من مال و قوة و شهرة ما يلهيك عن العبادة و التفكر و قد يدفعك للظلم و التكبر؛ فيمنعك ثواب الآخرة ، و ربما منعك من ملذات الدنيا الزائلة و أعطاك التوفيق و القبول في الآخرة جزاء صبرك و إيمانك و لذا فمن الجهل أن يسخط الإنسان و لا يرضي بقسمة الله و عطائه لأن في ذلك حكمة لا يعلمها إلا الله ، قال الله تعالى :"
وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى

أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا
تَعْلَمُونَ

".


من تمام نعمته عليك أن يرزقك ما يكفيك و يمنعك ما يطغيك

يرزق الله الخلق بحكمه فإن للناس طبائع مختلفة فمنهم يشكر النعمة و يقدر فضل الله عليه و يتخذها قربة إلى الله بالتصدق و التزود من أعمال الخير، و منهم من تلهيه النعمة فيكون في فقره أشد قرباً من الله؛ فإذا زاده الله أعرض و ابتعد فيكون في ذلك ضرر له لما يتعرض له من غضب الله ، و بذلك تتحول النعمة إلى نقمة إذا ألهت الإنسان و دفعته إلى الغفلة و الظلم.



اجتهادك فيما ضمن لك و تقصيرك فيما طلب منك دليل على انطماس البصيرة منك

الإنسان لا ينبغي له أن ينشغل بطلب الدنيا و قد ضمن الله الرزق له و يترك العبادة و هي المطلوبة منه، قال تعالى: "و ما خلقت الإنس و الجن إلا ليعبدون"

ما قل عمل برز من قلب زاهد و لا كثر عمل برز من قلب راغب

قبول الأعمال ليس بكثرتها و لكن بالإخلاص فيها. فربما أنفق الغنى الكثير و لكن بداخله رياء و رغبة في أن يراه الناس فيضيع ثوابه فإنما يتقبل الله من المتقين، و في الحديث الشريف:"لا تحقرن من المعروف شيئاً و لو أن تلقى أخاك بوجه طلق".


 

من علامات موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من الموافقات و ترك الندم على ما فعلته من الزلات

إذا لم يتأثر الإنسان بضياع فرصة عمل صالح لم يغتنمها و أبطأه الشيطان عن المسارعة في الخيرات فهذه علامة خطر لأن قلبه يكون ميتا لا حياة فيه و لا أمل يرجى منه ، و يزيد على ذلك عدم الندم على المعاصي كأن ليس هناك حساب و لا جزاء فهؤلاء نسوا الله فأنساهم أنفسهم و كم من الناس لهم قلوب لا يفقهون بها و أعين لا يبصرون بها ؛ فأنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور.


لا تفرحك الطاعة لأنها برزت منك و افرح بها لأنها برزت من الله إليك

لا ينبغي للإنسان أن يتفاخر بما أدى من الطاعات فالله غنى عن هذه الطاعة ،بل يشكر الله أن وفقه إليها و أعانه على أدائها فهي هدية من الله إليه و من مظاهر كرمه و فضله فليفرح بذلك إذن ، قال تعالى "قُلْ بِفَضْلِ
اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ".


ما بسقت أغصان ذل إلا على بذر طمع

الطمع من أعظم عيوب النفس البشرية ، و النتيجة الحتمية للطمع هي المذلة و المهانة ؛ و تلك صفات لا تليق بالمؤمن فالعزة التي وصف الله المؤمنين بها إنما بترفعهم عن مطامع الدنيا ، قال تعالى:"
لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ".


من لا يقبل على الله بملاطفات الإحسان قيد إليه بسلاسل الامتحان

في الحديث القدسي عن رب العزة "خيري إلى العباد نازل و شرهم إلى صاعد ، أتودد إليهم بالنعم و يتبغضون إلى بالمعاصي و هم أفقر ما يكونون إلي.." أفلا يستحي الإنسان من ربه ؟ هل ترضى أن يتودد إليك الله فلا تقبل عليه و تخلص له العبادة و هو الغنى عن العالمين ؟ إذا فعلت ذلك جاءك الابتلاء من الله ليمتحن صبرك فتعود إليه و تتذكر نعمته و إحسانه إليك ، قال تعالى:" وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ".


من لا يشكر النعم فقد تعرض لزوالها و من شكرها فقد قيدها بعقالها

شكر النعم أساس لاستمرارها و زيادتها كـأنما قيدت و ربطت بالإنسان ؛ أما كفرانها و جحودها فيؤدي إلى زوالها ، فالشكر يضمن ثلاثة أشياء حفظ النعمة و زيادتها و تقريب العبد من ربه ، قال تعالى :" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ".


الناس يمدحونك لما يظنون فيك فكن أنت ذاماً لنفسك لما تعلمه منها

الإنسان بطبيعته يطرب لسماع كلمات المدح و الثناء ؛ لكن هل يعلم أن هذه الكلمات قالها الناس الذين لا يعلمون عنه إلا ظاهره فقط و لا يدرون ما في داخله من العيوب و النقائص فإن الله من فضله يظهر الجميل و يستر ما دون ذلك ؛ فليتذكر الإنسان هذا فلا يغتر بما يسمع بل يذم نفسه و يقومها، و في الدعاء النبوي:"اللهم اجعلني في نفسي صغيرا و في أعين الناس كبيرا".


خير العلم ما كانت الخشية معه

العلم فريضة على المسلم و العلماء مكرمون عند الله ، و لكن إذا صاحب العلم غرور فبئس العالم هو مثل قارون الذي قال "إنما أوتيته على علم عندي" فخسف الله به وبداره الأرض ، قال الله تعالى : "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء".


إذا علمت أن الشيطان لا يغفل عنك فلا تغفل أنت عمن ناصيتك بيده

العدو الأول للإنسان هو الشيطان و هو عدو أزلي لا يزال يوسوس له و يزين له سبل الشر حتي يصرفه عن ذكر الله ، قال تعالى:" اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ" فكيف تغفل عن ذكر الله و هو مالك لجميع أمرك و هو القادر على أن يحميك من مكائد الشيطان.

الاثنين، 13 أبريل 2009

القلب الماسي

بداخل كل أم توجد ماسة
هي قلبها الواسع العطاء
الذي لا يشمل أبناءها فقط بل يغمر بالحنان كل من حولها
فهو فيض دافق و معين لا ينضب أبدا
هذا القلب الماسي
الذى يحمل الحب و الشفقة و الرحمة
و القلق الذي لا ينتهي مهما كبر الأبناء أو بعدوا
أو جحدوا
سيظل قلب الأم لا ينبض إلا بالحب
يسامح قبل أن تعتذر
يتحمل منك السأم و الضجر
يؤثرك على من حولك
يهفو شوقاً إلى رؤيتك
لذا ...قبل فوات الأوان
أغدق عليها من عطفك
التمس منها الاطمئنان
انظر إلى عينيها الرحيمتين
قبِل يديها المعروقتين
أنصت لصوتها الحنون
فلن تجد أصدق منه دعاءً و أخلص نصحاً

السبت، 11 أبريل 2009

صيد الخاطر

الخواطر ....لماذا نصطادها
لأن الخواطر تأتى سريعا و إذا لم نسجلها ذهبت سريعا أيضاً و حلت محلها خواطر أخرى
و الخاطرة فكرة تومض في العقل فجأة
فتتوارد بعدها الأفكار واحدة تلو الأخرى
و لكن كيف لنا أن نسجلها إذا جاءت قبل النوم أو أثناء السير في الطريق؟
سنحاول قدر ما نستطيع أن نحكم حولها الشبكة حتى لا تهرب
و نسجلها هنا
فربما توافق رأياً أو تطرح فكراً للمناقشة

صديق فيلسوف

كان لى صديق فيلسوف بأقوال الحكماء شغوف
الفلسفة ...هل هي علم ما وراء الأشياء؟
أم الجدل للوصول إلى الحقيقة؟
أم التأمل في الحكمة من وراء الأحداث؟
لا يهم التعريف المهم أن استخلاص الحكمة هو المطلوب
لكي تقود صاحبها إلى الطريق الصحيح لا إلى التيه المظلم
و من أوتى الحكمة فقد أوتى خيراً كثيراً
بالرغم من أن الحقيقة دائماً مؤلمة .. لكنها أفضل بكثير من الجهل و الغفلة
و لهذا تستحق أن يجاهد الإنسان ليعرفها.

لماذا إشراقات الحياة؟

بسم الله الرحمن الرحيم
إشراقات الحياة... لماذا هذا الاسم؟
لأن الحياة مشرقة وهبها الله لنا لكي نكافح فيها و نحصد النجاح الأكيد
إذا التمسناه من الله و سعينا إليه بإخلاص
فقد يسر الله لنا الأسباب و فطرنا على الإيمان و الالتجاء إليه
وعندما يسير الإنسان على بصيرة من ربه
سيشمله نور من الله فيحميه من ظلمة اليأس
و أمراض النفوس التي هي أشد وطأة من أمراض الجسد